الأفلام والمسلسلات وتأثيرها في الوعي (دراما رمضان 2020 أنموذجًا)
الأعمال الدرامية هي قِصص غالبًا ما تستمد من الواقع، وكثيرًا ما تؤثر في الجمهور وتجعلهم يَتماهَوْنَ معها في أحداثها وشخصياتها
add تابِعني remove_red_eye 61,969
- لماذا نتوحد مع ما نشاهده؟
- كيف يحدث ذلك؟
- تأثير السينما والتليفزيون على سلوكنا
- التأثير على المشاهد من حيث السلوكيات العدوانية
- التأثير على تعاطي الممنوعات (المخدرات أنموذجًا)
- تأثير السينما والتليفزيون في المشاعر
- – الاضطرابات النفسية
- -التأثير بالخوف والخيال
- – التأثير على المواقف والمعتقدات والصور النمطية
- هل السينما والتليفزيون تؤثر على الواقع أم العكس؟
منذ أيام وأنا أتابع ردود فعل المشاهدين للمسلسلات الدرامية في رمضان، وحالة التوحُّد مع المسلسلات التي جعلت البعض يسعد للعصابة في المسلسل المصري “100 وش” أو يتفاعل مع الشاب الذي أحب شريكته، ثم في اليوم التالي حينما قام بخيانتها انقلب الحب إلى عداء والإشادة إلى استنكار، بل إنني أيضًا شاركت في ردود الفعل تلك، وذلك بسبب مشهدٍ مؤثرٍ في مسلسل “البرنس” حيث يترك العم ويقوم بدوره الفنان “أحمد زاهر” ابنة أخيه في شارع لا تعرفه فتبكي الفتاة بحرقة.
لم يتوقف الأمر عند ذلك لقد أصبح الناس يعاملون الممثلين بأدوارهم، ويستخدمون اللازمة الكلامية للبطل، يتابعون قصص الحب بترقب وكأنها قصصهم هم، ويبكون أو يضحكون، أو حتى يهللون لأن “رضوان” ضرب أخويه في المسلسل وعاد لينتقم.
لماذا نتوحد مع ما نشاهده؟
إن ما تفعله الدراما والسينما هو نتاج للعقل البشري الذي يتمثل في المؤلف والمخرج، لذلك فإنها تذهب مباشرة إلى المتلقي وتصيب أهدافها بعمق، لأن الفيلم أو المسلسل يحرك جزءًا من مشاعر المشاهد، حينما يتشكل في اللَّاوعي قد يوافق رغبةً له، أو قد يعبِّر عن حالته، أو يقول شيئًا عنه ما استطاع هو قوله، فتتعدد ردود الأفعال وتتغير تجاه الأفلام والأعمال الدرامية، فالأشخاص العاطفيون هم أكثر عرضة للتأثر من أولئك الذين يفكرون بعقلهم ويركزون فيما يشاهدونه ويتعاملون مع الأفلام والمسلسلات كونها محض خيال، للتسلية فقط.
- في فترة الحجر: تعرّف على كتب وروايات تحولت إلى أفلام رائعة!
- تعرّف على (٧) من أبرز أفلام السير الذاتية السياسية التي أثارت الجدل
كيف يحدث ذلك؟
يذكر “سكيب داين يونج” في كتابه (السينما وعلم النفس: علاقة لا تنتهي) أن تحليل المشاهدة يتسم بتعقيدات، ولكن يمكن العثور على مكوناتها السيكولوجية الأساسية في أربع عمليات مقترحة هي ما تشكل ارتباطهم بما يشاهدونه، تلك العناصر هي:
– التماهي: أو التقمص، فيتماهى المشاهد مع عنصر ما من عناصر الفيلم -وهو أحد الشخصيات عادةً- ويعيش عالم الفيلم كما لو أنه بداخله، لكنه يعرف أنه ليس جزءًا من الفيلم.
– التلصص: فالمشاهدون يشاركون في الفيلم وفي نفس الوقت منفصلون عنه فتنشأ مسافة بينهم وبينه تكون مدعاة للإحباط (كونها منقوصة) وللسرور (كونها محتواة وآمنة).
– الفيتيشية (التقديس الأعمى): تتحول الخصائص التقنية لفيلم ما إلى أشياء محببة للنفس حتى لو أدرك المشاهد في آخر المطاف أنه عاجز عن امتلاك ما هو معروض أمامه (منظر الغروب مُصَوَّر بطريقة جميلة)
– الرفو: وهو إكمال بعض العناصر المفقودة من أجل خلق تجربة موحدة حيث لا وجود لشيء كهذا، مثل: مواصلة الاستغراق في فيلم ما بعد قطعةٍ مونتاجيةٍ تنقل الحدث بَغْتَةً من كاليفورنيا إلى نيويورك.
تأثير السينما والتليفزيون على سلوكنا
من التأثيرات الشهيرة لما يشاهده الإنسان على السلوك هو تأثير المحاكي، وهو الشخص الذي يحاكي أو (يُقلِّد) سلوكًا أو مظهرًا أو فعلًا قام به مَنْ في الفيلم، يبدو هذا واضحًا في استخدام بعض الشباب هذه الأيام لجُمل من الأفلام في أحاديثهم العادية، أو محاكاة طريقة فنان في الملبس مثل قصة بلوفر عمرو في مطلع عام (2000م) والذي ظهر به في أغنيته الشهيرة “تملي معاك”، أو تقليد بعض الفتيان لقَصَّات شعر نجوم مُعيَّنين، أو حتى سلوكياتهم المُشِينة.
ولا يمكن أن ننسى محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي “رونالد ريجان” في عام (1981م) على يد “جون هنيكلي”، ولكنه أُصيب بطلق ناري، وقُتِلَ بعض الحرس المحيطين به. أثناء التحقيق مع القاتل قال إنه كان يشعر بالوحدة، والانعزال، والاكتئاب، وكان يريد أن تعجب به الممثلة “جودي فوستر” حيث قال
“إنه شاهد فيلم “سائق التاكسي” خمس عشرة مرة في سينما تعرض الأفلام القديمة، في هذا الفيلم يعمل جندي البحرية السابق كسائق تاكسي للتغلب على خوفه وأرقه، ويعجب بفتاة تعمل في الحملة الانتخابية لسيناتور، ولكن بعد ذلك يحصل خلاف بينهما فتتركه الفتاة وتطرده من مقر الحملة كلما حاول الاعتذار لها، بعد ذلك حينما تتقاطع طريقه مع فتاة تعمل كبَغِيٍّ يحاول تخليصها بل ويحاول تطهير المدينة من الفاسدين جميعًا، بل ويحاول قتل ذلك السيناتور ولكنه يفشل، إلى آخر الفيلم”.
فتتشابه حالة سائق التاكسي مع حالة الرجل الذي أراد قتل الرئيس “ريجان”. فالمحاكاة لا تكون دائمًا سيئة ولا تكون دائمًا صالحة أيضًا.
التأثير على المشاهد من حيث السلوكيات العدوانية
قَصَّتْ معلمةٌ في روضة الأطفال ذات يوم على صفحتها الشخصية موقفًا عن أطفال لديها في الروضة، وعن تأثير مشاهد العنف التي يتم دَسُّها في أفلام الكارتون، فالطفل الذي يبلغ من العمر خمس سنوات حاول أن يكسر سِنَّ زميله حينما أغضبه لأنه يشاهد الضربة في الفيلم تؤدي إلى طيران سِنِّ الذي يتعرض للضرب.
وهناك الكثير من حالات العنف التي تتنشر في الجرائد عقب موجةٍ جديدةٍ من العنف في الدراما والمسلسلات، وهذا لا يحدث مع نشرات الأخبار مثلًا، فأنت تستمع إلى معدلات عالية للجريمة كل يوم ولا تتأثر بها لأنها تأتي في الجرائد والمجلات بوصفها جريمة لا بوصفها قصة عادية قد توافق أفكارًا مكبوتة لديك.
أذكر أنني حينما كنت طفلةً كان هناك برنامج يعرض يسمى (خلف الأسوار) ذلك البرنامج كان يعرض قصصًا لمجرمين ويقوم المجرم بقصّ جريمته كاملة، حينها لم نَسْمع أن معدلات الجريمة قد ازدادت مثلما يحدث عقب عرض فيلم يعرض جريمة ويؤثر على وجدان الشعب.
التأثير على تعاطي الممنوعات (المخدرات أنموذجًا)
منذ مدة ليست بالقليلة أصبح الحديث عن المخدرات شيء يتم تداوله بلا مشكلات أو خجل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي من الجنسين. ربما يرجع ذلك الأمر لتناوله بكثرة في الأعمال الدرامية والسينمائية، كما أن وجود الأعمال التي لا تخلو من ظاهرة التدخين بوصفها تنفيس عن الغضب الداخلي، جعل التدخين مستساغًا ومشروعًا وعاملًا للتنفيس لدى الكثيرين.
تأثير السينما والتليفزيون في المشاعر
– الاضطرابات النفسية
فالأفلام والمسلسلات في الكثير من الأحيان تستثير رُدود فعل شعورية قوية، مثل الاكتئاب أو الصدمة. فأذكر أنني حينما شاهدت فيلم (Taxi Driver) انتابتني نوبة اكتئاب طويلة لم أعرف سببًا لها. يذكر (سكيب داين يونج) في كتابه: أنه بعد عرض فيلم (غَزْو خاطِفي الأجساد) بدأ صبيّ في الثانية عشر من عمره يعتقد أن كائنًا غريبًا قد غزا جسده وأنه إذا قام أي شخص بلمسه فإن يديه ستخترقه.
-التأثير بالخوف والخيال
وهو ما يحدث للبعض من الخوف من الظلام عند مشاهدة فيلم من أفلام الرعب.
– التأثير على المواقف والمعتقدات والصور النمطية
مثلما يحدث للبعض عن مشاهدة بعض الأفلام أو المسلسلات التي تتحدث عن وطنه فيتعاطف مع حكوماتها أو يغير موقفه. ومثلما يحدث لدى بعض الفتيات من التأثر بنمط أجسام الممثلات في فترة ما، فتحاول الفتيات دون وعي منهن أن يصبحن مثلهن، وهو ما لا يتحقق فيصيبهن بالإحباط.
هل السينما والتليفزيون تؤثر على الواقع أم العكس؟
العلاقة بين ما يشاهده الإنسان هي علاقة تأثير وتَأثُّر، فالأعمال الدرامية والسينمائية تستقي أصولها من الواقع، وتضيف إليه الخيال الذي حينما يتماسَّ مع المتلَقِّي يُنتِج واقعًا جديدًا.
فمن الظلم أن تتحمل تلك الأعمال المسئولية فحسب، لأنها تستقي قصصها من الواقع، وما يجب أن يعرفه الفرد هو ألَّا يتماهى مع تلك المرئيات، وأن يجعلها تقف عن حدود التسلية وربما الفائدة فحسب، لا أن يَدَعها تكبر في داخله وتتوحش وتخرج في سلوكه.
add تابِعني remove_red_eye 61,969
لماذا تجد بعض الأعمال الفنية صدىً واسعًا لدى الجماهير وهل تؤثر على سلوكياتهم حقًّا؟
link https://ziid.net/?p=56514