في حب فن الإنشاد، الكلمة الصوت والموسيقى
فن الإنشاد من أرقى الفنون على الإطلاق، يجتمع به سمات العشق والبهجة ويجعل قلبك متيمًا في حب من يُمدح
add تابِعني remove_red_eye 43,507
من المؤكد أنك سمعت يومًا عن فن الإنشاد، ربما كنت تحبه وقد تكون منشدًا بالفعل. أريد أن أخبرك أن الإنشاد هو فن الحب بالنسبة لي، الحب بمعناه الراقي الجميل. أتلذذ بكلماته وأشعر أنها تأخذني لعالَمٍ آخر، هي بالفعل تأخذك لعالم النبي وآل بيته الشريف، تشعر للحظة أنك هناك ولا تريد أن تعود، تتمنى أمنية مستحيلة بأن يا ليتك وُلدت في ذاك الزمان، وكنت قريبًا لهذا البيت ولتلك النفوس الجليلة.
إلى أيّ زمان ومكان سيأخذك الإنشاد
يأخذ الإنشاد بمخيلتك لترى تفاصيل ذاك الزمان، يجعلك تشتاق فوق الشوق شوقًا لترى وجه الحبيب، يجعلك هائمًا في عشق صفاته الخَلقية والخُلقية. مهما تحاول تخيله لن تسع مخيلتك ولن تكتفي، ستظل تريد رؤيته حقيقة. تدعي أن تراه في منامك لتتذوق عيناك لذة النظر إلى وجهه المُنير ولو لثوانٍ معدودة. لكن حتى إذا جاء ستظل تريد أن تراهُ حيًّا، تلمس يدك يداه.. تُقبّل يده.. وينظُر إلى عينيك ويده الشريفة تمسح على كتفيك فتُنسيك ما ألمّ بك من هموم، بل ستنسى كل شيء سواه.
كم نحبه ونحب عطاءه المستمر لنا دائمًا وأبدًا، لم ينسنا قَبْلًا وقال: (اشتقت لأحبابي) ولن ينسانا عند الحوض ويخبئ لنا دعوة ستُستجاب حتمًا. حتى هنا والآن هو معنا وفينا تُعرض عليه أعمالنا فيحمدُ الله على ما فعلناه من خير ويستغفرُ الله على ما بدر منّا من أخطاء. نُصلي عليه فيرد السلام بأسمائنا، يعرفُنا ويعرف كم يشتاق القلب لرؤيته، وكم نحتاج لوجوده في كل زمانٍ. تُري هل كان يمكن أن يظل مُخلدًا لا يموت؟ هل كان يمكنه أن يختار أن يكون معنا هنا الآن؟ أم أنه اختار الاختيار الأنسب والأشمل لإنه بالفعل معنا الآن. لن يُحسب التواجد فقط بالجسد إنما بالروح والأثر، ولا يوجد مثل أثره فينا.
يأخُذك الإنشاد أيضًا لآل بيته، زوجاته، أصحابه، تعاملاته، ورقيه مع الجميع حتى مع الأطفال والجمادات، يُدرك جيدًا أن الكل مخلوقات تُسبّح الله بلغتها الخاصة؛ بل وتعرف شخصه الكريم (صلى الله عليه وسلم) وتحبه وتئن لفراقه. يُعلمك الكثير في موقفٍ واحدٍ فقط. فترى حلمه، كرمه، ذكاءه، حكمته، رحمته، عطاءه، قوته، وحنانه. مهما عددت من صفاتٍ كريمة ستجدها فيه. كأنه خُلقَ كما يشاءُ.
أمّي أخذ بجوامع الكلم، يتكلم فلا ينطقُ عن الهوى، أول لسان نطق بالقرآن العظيم، فكيف سيكون غير فصيح طليق كما يليق بكلام الله!
إبداع فن الإنشاد
الإنشاد يجمع بين نوعين من أرقى الفنون: وهما الكلمة والموسيقى. الكلمة بترتيب حروفها كنوتة موسيقية عزباء عندما تكون بمكانِها الصحيح، والموسيقى تنطق بالمشاعر التي لا تستطيع أن تعبر عنها الكلمات. يُكمِل أحدهما الآخر بتناغم وخفه تأخذك لعالَمٍ ساحر إذا أُحسن استخدام كلاهما، والإنشاد يُحسن. فنّ يضع الكلمة بجانب الأخرى ليُشكل تناغمًا وتناسقًا في المعنى والإحساس والوصف. ثم تأتي الموسيقى لتضفي بهجة وجمالًا لا مثيل له.
المنشدُ المتيمُ وما يفعلهُ بالقلوب
وتكتمل تلك اللوحة العظيمة التي تُشكلها الكلمات والموسيقى؛ بصوتٍ متيمٍ بحب هذا الفن وحب من يمدحه. لتشعر معه أنك تحلق في سماء العشق، تراه يأخذ بقلبك وروحك لتكون هناك في عالم الأرواح بين الأحبة الذين تتمنى جوارهم في الجنة. فتشعر للحظة أنك هناك بالفعل ولا تريد أن تعود. إذا لم تجرب هذا الإحساس من قبل، فلتبحث عن صوتٍ يُطربك ويأخذ بروحك إلى هناك. وستجد الكثير من المنشدين، لكن ابحث عمّن تشعر أنه ليس فقط محبًّا إنما متيمًا عاشقًا ترتوي روحه بالمديح فيَرويك.
أشعر أحيانًا أني أحسدُهم، أريد أن أكون متيمة مثلهم، أريد أن أصل لهذه المكانة العظيمة. يمدحون طوال الوقت، لسانهم دومًا ذاكر، بل ويجعلون الألوف يذكرون في نفس اللحظة، أشعر أن داخلي يُشبههم، أتخيل أحاسيسهم، تأخذني تعبيرات وجوههم لما تشعر به قلوبهم في هذه اللحظة، أصواتهم تعبُر الآفاق لتسمعها السماء فأكون أنا هناك أنصت وأشعر وأرى. صوتٌ وكلمات تجعلك تُسافر عبر الزمان. معهم أنت لست هنا كليًّا، أنت هناك، هناك حيث يطيرُ قلبكَ من عمق الاستمتاع والنشوة.
“هل يُعتبر فنًا في حدّ ذاته؟” تعرّف على أسرار الخط العربي!
جمال الصوت يضفي جمالًا آخر للكلمة
هناك أصوات تتأملها ولا تتسع الكلمات لتصفها، هي خلقت فقط لتُسمع. لكن صوتٌ شجي دون كلماتٍ راقية لن يكتمل. لا أعرف أهي الكلمة الجميلة خُلقت بصوتِها؟ أم أن الصوت خُلق أولًا وجاءت الكلمة لتضفي عليه معنى؟ كلاهما وجهان لمتعتي، أتذوق الكلمة بصوت حروفِها مصفوفة وأتغزل نطقها، وأستمتع بمذاق الصوت فترتسم كلماته أمام عيوني.
هي ليست حاسّة السمع والنطق فقط هي حاسة التذوق أيضًا، لا بل وملمس روحك للكلمات المنسدلة برقيّ. كل هذا يُضفي جمالًا تراهُ عيناك متجسدًا في صوتٍ يمدح الحبيب مُتيمًا. هو اجتماع إبداع وتكامل لمُتع الحواس. كم أُقدّر أنا هذا الاجتماع لجمال الصوت والكلمة، وكم أحببتُ أشخاصًا زادوا الحب حبًّا بجمال صوتهم وكلماتهم، لقد نقشوا حبًّا يزداد كلمّا استمعت أكثر. فشكرًا يا من أحييتم داخلي حاسة جديدة لم أكن مدركة من قبل مدى عشقي لها.
add تابِعني remove_red_eye 43,507
مقال ملهم حول الإنشاد والاستمتاع به
link https://ziid.net/?p=53397