كيف جسّد الفن والرسامون الحب؟
الحب والفن مزيج رائع يخلق لنا حياة بديعة، ولكن عندما تربكنا الخفة وترهقنا نجد الفن يجسدها وكأنه يتحدث عنها بطلاقة.
add تابِعني remove_red_eye 11,914
الجميع يتحدث عن الحب والأغنيات والكتب والحكايات الشعبية القديمة المليئة بقصص الحب الحارّة. الأفلام التي تعطينا انطباعات وصورًا مدهشة عن الحب، البعض مبالغ فيها والبعض نتمنى حدوثه في الواقع، لو كانت فقط مدة الحياة ساعتين كالأفلام لنتذوق حلاوة الحب بسرعة قبل أن يذبل.
في خضم الحياة السريعة التي نخوضها نرغب بالتأكيد بحب آلي يواكب تلك السرعة، لا نبذل فيه الكثير من الجهد، نكون مثل المشاهدين نستمتع فيه دون بذل.
يقول العلم إننا نشعر بالحب بسبب كيمياء الدماغ، وينفي الشعراء مادية العلم وجموده أمام نهر الحب المتدفق، ولكن الحب ليس جميلًا ومشتعلًا دائمًا كما تصوره الأفلام بشكل سطحي، ولكنه مساحة رحبة نرى فيها أنفاسنا ومَن نحب في أسوأ الحالات، وفي أكثر الأوقات ضعفًا وانهزامًا دون أن نشعر بالخجل، بالعكس فنشعر بالاطمئنان، لوجود من نحب إلى جوارنا.
الحب والألم – (إدفارد مونك-edvard munch)
نرى رجلًا في كنف حبيبته وكأنه يهرب من شيء بالغ القسوة ليختبئ بين ذراعيها، بينما هي تحيطه وتحضنه بطمأنة دافئة تخفف برد الحزن ووحشته، وبرغم ظلمة الكهف الجالسين فيه إلا أن الحبيبة تنيره بخصلات شعرها البرتقالي المتأجج. جسّد مونك بألوان رائعة الحزن الجارف الذي يشملنا ولا نجد سوى من نحب، نهرب إليهم من قبح العالم.
القبلة- (مونك- Monk) – عام 1897
نري عالم الحبيبين يذوب ويتداخل من حولهما، فالعالم من خلفهما غير واضح الملامح، متداخل بين الظلام والنور كمشاعرهم المتضاربة. عالم غير واضح الرؤية وفي القُبلة يفقد كل منهما هويته وذاته المستقلة، يذوب الوجهان فلا نتعرف على أي منهما، ليتحولا ذاتًا واحدة.
الحب الهادي المؤنس – (جوزيف لوريسو-joseph lorusso)
نرى تجسيده لشكل الحب الهادي المؤنس. فاللوحة على اليمين نستطيع أن نشعر بجو الغرفة الدافئ الذي يشمله الحب كما تعكسه اختياراته للألوان الدافئة، فنرى فتاة شابة تلقي برأسها على كتف حبيبها وهي تطوقه بلطف، بينما يعزف على البيانو لحنًا هادئًا على أقرب الظن، يلائم حالة الانسجام التامة التي نشعر بها عندما نرى اللوحة.
بينما اللوحة على اليسار تعكس حالة من لطف الحب المعكر بفقدان الأمل فيه، فالسيدة على اليمين تنظر إلى الفراغ وكأنها تستعيد ذكريات مضت، وعلامات الأسى والغضب تشمل وجهها الذي أرهقها السهر والتفكير، بينما على مسافة صغيرة منها حبيبان أصغر عمرًا ببضع سنوات، يضحكان ويحتضنان بعضهما بلطف، وكأن السيدة الوحيدة على اليسار هي مستقبلهما الذي سيوليان إليه. في الحب نعيد تكوين العالم ويتسع عالم الإنسان ليشمل كل الأشياء الجميلة، وكأن روحه تفتحت لتوّها.
الحب العربي – إسماعيل شموط
بألوان زاهية تشبة الجنة، يرسم فتاة جميلة تسند رأسها علي صدر حبيبها مغمضة العينين، وكأنها تحاول تخليد لحظات الصفاء التي تشملهما، وشعرها الفاحم الطويل منسدل على كتفيها، في مشهد مريح للعين. بينما يطوقها حبيبها الفلسطيني بذراعيه القويتين في مشهد يضج بالحب والحنو.
الحُب الفطري – (جوزيف لوريسو-joseph lorusso)
لم يجسد الرسامون الحب بين المرأة والرجل فقط ولكن تدفقت رسوماتهم لتشمل جميع العلاقات الإنسانية، كعلاقة الأمومة كما رسمها الرسام الأمريكي joseph lorusso في لوحاته after the bath
نرى أمًّا تطوق صغيرها بحنان، في مشهد حميمي تحتضنه وكأنها تهبه كل الأمان الذي لديها لطمأنته. فبعد حمام حظي به الصغير وكفه قرب خده كدليل على بكائه أو رغبته في النوم، تضمه الأم بشدة لتهدئته، وهي مغمضة العينين، وكأنها تستمد طاقتها على المواصلة منه، فالحياة اليومية التي تمثل عنصرًا أساسيًّا في حياة الأم، تنعكس علي وجهها المتعرق المرهق، وضمها للصغير كدليل على التفاني والحماية، كأنها تحميه وكأنه يعينها على ذلك.
فالفن يعمق فهمنا لجوانب الحياة البسيطة والبديهية، من خلاله نستطيع رؤية وتقدير أكثر الأشياء الروتينية غير المحسوسة لنلمس فيها معنى مختلفًا. فالحب ليس دائمًا شعورًا قويًّا وجارفًا، يعصف بحياة الإنسان، ولكنه شعور الاطمئنان والأريحية الذي يحيطنا مع مَن نحب.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 11,914
مقال ملهم ومثير حول الفن وعلاقته بالمشاعر الإنسانية
link https://ziid.net/?p=66144