مراجعة رواية: سلام الله على عينيك
ظن غسان أن الأيام صالحته عندما وضعت سارة في طريقه ، لم يكن يعلم أن الحياة خاصمته عندما وقع بحبها
add تابِعني remove_red_eye 13,697
حين تقسو عليك الحياة لترميك بين براثينها الظالمة ، و تلقي عليك بظلالها الموجعة طعنات من أقرب الناس اليك ،حين تظن أنك ملقى على هامش الحياة ًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً، تنظر من زاوية بعيدة و لا تعيشها..ووسط الخيبات اللامتناهية .. يأتي الحب على حين غرة ليكون كجرعات المخدرات التي تُذهب صحوة العقل في حضور من يحن ، يحب ، يشتاق و يُجرح اثر صدى كلمة .. في حضرة القلب يأخذ العقل إجازة أبدية ..
غسان .. من هدمته الحياة مرارا و أرضعته الحياة ثديها المر منذ أن كان وليدا ، ليقسى عليه والده ، منذ كان طفلا .. كانت له أمه السند الآمن و الحضن الدافئ الذي يلجأ اليه حين تصفعه الحياة .. لكن و كالعادة ” الطيبون يرحلون ” ، لربما كان وفاة والدة غسان الفقد الأول اه الذي حفر في قلبه ثقبا يتسرب منه الحزن كلما احس بالسعادة ..
توالت السنوات و كبر غسان ، جلبوا روحين مختلفين و أرادوا أن يجمعوهما في جسد واحد ، رغم علمهم بكل الشقوق و التصدعات التي ستحدث .. هذا ما عاشه غسان حين زوجوه من لا يعرف عنها ولا عن شكلها سوى أن اسمها ” نادية ”، إلا إن نادية كانت مع زوجها غسان و قلبها عند رجل آخر!
بعد حمل نادية أخبرته بأنها ما إن تضع مولودها ستذهب لمن تحب .. شاءت الأقدار أن تذهب روح نادية إلى بارئها وقت الولادة و أن يربى الرضيع “فهد ” في بيت عمه بعد أن هاجر غسان إلى “بريسبين” للعمل إلا أنه يُخدع و يعيش حياة الذل .. بعدها يكمل دراسته في الجامعة و كان عمله الذي يعمله مقابل رسوم أنه يستقبل كل طالب عربي جديد في الجامعة ، و كانت هذه المرة “سارة” هي الطالبة الجديدة .. فهل كان لقاءهما مجرد صدفة بحتة أم أن شيئا ما يُحاك بالسّر !
توالت الأيام إلى أن يقع غسان في حب سارة، أحبها بعاطفة أم و حنان أب و احتواء أخ.. أحبها نيابة عن كل يوم لم يتواجد فيه بحياتها .. حان الوقت بعدها كي يضعا النقاط على حروف علاقتهما ، فقررّا الزواج و استعادة فهد ابن غسان ليربى تحت ظل أبيه.
بعد عودة غسان و سارة إلى أرض الوطن ، يكتشف غسان أن كل ذلك لم يكن صدفة أهداها إياه القدر، و إنما طعنة خنجر من أقرب الناس إليه. “لم يكونوا غرباء ، أولئك الذين كسروني كانوا دائما يسكنون القلب” هكذا عبّر غسان عن خيبته و الخيانة الكبيرة التي تعرض لها ..ظن غسان أن الأيام صالحته عندما وضعت سارة في طريقه ، لم يكن يعلم أن الحياة خاصمته عندما وقع بحبها، و كأن حبه ذنب!
سعدت بالرواية كثيرا ، فالبرغم من نقص الأحداث حيث تحركت في الصفحات الأخيرة فقط و كُشف كل شيء إلا أن الكاتب أبدع بأسلوبه ووصفه الدقيق لكل شيء أو حتى شعور حيث يجعلك تحس به حقا كما لم أحب بعض الأحداث الجريئة بالرواية كون البطلين مسلمين خليجيين ..
ينهي الكاتب روايته برسالة من غسان إلى سارة ، و لعل أكثر ما شدني فيها هو ما قال : ”إما حب صادق بلا إشراك ، و إما سلام عليك إلى يوم يبعثون، لا يكفيني نصف حب، نصف جنون، نصف قلب” .. و لكن و يا للأسف ما تبقى لغسان من سارة كان نصف عقل، نصف قلب، نصف جنون و بعض من شتات ذكريات يقتات عليها كلما لزم الأمر أن يعود اليها ..
تعلمك الرواية أن كل شيء تخوضه في الحياة، سيئا كان أم جيدا، يمكنه أن يغير بك الكثير، يمكنه أن يضيف لك العديد من الأشياء التي تفتقدها .. أحببت الرواية في ذلك ..
اسم الكتاب : سلام الله على عينيك.
اسم الكاتب : محمد السالم.
عدد الصفحات: 139 صفحة .
دار النشر : دار تشكيل للنشر ..
للمزيد من المراجعات:
جريمة في البقاع المقدسة ..|مراجعة رواية “خرائط التيه”| ..
الطريق إلى الحرية: مراجعة رواية (الباب المفتوح) للكاتبة لطيفة الزيات
add تابِعني remove_red_eye 13,697
مراجعة وقراءة لرواية سلام الله على عينيك
link https://ziid.net/?p=60899