ما الذي يجعل السفر ذو أهمية في الحياة؟

يقول أحدهم إن كان هناك ثمة نصيحة تود مني أن أسديها إليك فإنها بالتأكيد ستتعلق بالسفر، فالسفر له أهمية كبيرة في حياتنا، لما يضفيه علينا من تجارب وخبرات تكسبنا الثقة بالنفس أولا وتمكننا من معرفة ذواتنا أكثر. وأعجبتني مقولة لأحدهم يقول فيها: “إن كنت تعتقد أن المغامرة خطرة عليك فجرب الحياة الروتينية إنها قاتلة بالتأكيد” لذا أحببت في هذا المقال توضيح هذه الأهمية لكم أيها القراء الأعزاء لعلكم تخوضون هذه التجربة يوما ما.

أولا: زيادة الخبرة في الحياة

لعل من أهم فوائد السفر هو اكتساب خبرة تزيد عن ما تملكه من خبرات بطرق ونكهات مختلفة، فعندما تختلط مع أناس من دولة أخرى ويحملون ثقافة مختلفة ويتكلمون لغة غير لغتك، فمن المؤكد أن يضيفوا لك الكثير خاصة إذا كان دافع السفر لديك من أجل العمل، فتخيل معي مثلًا أنك تعمل في شركة معينة في بلدك وابتعثوك لمهمة إلى دولة أخرى، فستجد هناك الكثير من الفروقات بين شركتك الأصلية وشركة البلد المضيفة، وستتعرف على أمور عديدة تضيفها لملفك الوظيفي والشخصي.

ثانيا: زيادة القدرة على التكيف

إن الشخص الذي يسافر بين الفينة والأخرى له القدرة على التكيف مع مختلف الظروف ومختلف البيئات أكثر من الشخص الذي لم يسافر في حياته، والسبب في ذلك يرجع إلى تنوع البلدان التي يزورها والثقافات المتعددة التي يحتك بها والمواقف التي تصادفه بالرحلة والذي يضطر في أحيان كثيرة إلى التأقلم معها، وهذا يكسبه مهارة التكيف مع الظروف من حيث لا يدري. فتخيل مثلًا شخصًا يسكن في أوروبا وتتوفر لديه جميع وسائل الراحة والرفاهية وسافر إلى أفريقيا أو إلى منطقة لا تصلها الكهرباء ويعيشون على الطرق القديمة في الإنارة، فإنه بالتأكيد سيتأقلم مع ظرف انقطاع الكهرباء المفاجئ الذي سيصادفه في بلده عندما يرجع.

ثالثا: تنمية مهارة التخطيط والتنظيم

بمجرد أنك قررت السفر لوجهة معينة فإن أول مهمة ستباشرها هي التخطيط لهذه الرحلة، كمثل التوقيت المناسب للذهاب والعودة والمكان الأفضل لقضاء هذه الرحلة، وكيف ستكون حالة الطقس طيلة أيام السفر لاختيار أنواع الملابس المناسبة، وكم يلزم من النقود وأخذ الاحتياطات حتى لا تنقطع بك السبل، وجميع هذه الأمور وغيرها تدخل في التخطيط والتنظيم.

رابعا: تعلم لغات جديدة وممارستها

السفر إلى البلدان يساعد في تعلم لغات جديدة قد تكون نادرة، أو فرصة لممارسة وإتقان لغة -تعرفها مسبقًا- مع أهل اللغة الأصليين، فكما هو متداول ومعروف أن الطالب الذي يرغب في تعلم لغة أو إتقانها عليه أن يسافر للبلد الذي يتكلمون بها مادامت الإمكانيات المادية متوفرة ،لأن أقصر طريق لتعلم اللغة هو الاحتكاك المباشر مع سكان اللغة الأصليين لمعرفة الكلمات والجمل المستخدمة في الحياة اليومية عن قرب.

خامسا: التماهي مع ثقافة التعامل مع الآخر

كلما سافرت وسافرت واجهت أناسًا أكثر من ذي قبل يؤمنون بديانات تختلف عما تؤمن به، ويحملون معتقدات تختلف عن معتقداتك، ووجهات نظر متعددة ومتنوعة في مختلف المواضيع، وستجد نفسك مع الوقت تتفهم طبيعة الحكمة في الدعوة وأسلوب الحوار المناسب الذي يجب أن تنتهجه عند الحديث معهم، ثم يحملك هذا الأمر إلى التعامل بروية مع أسرتك وأقربائك في مناقشة القضايا والأحاديث الأسرية عند رجوعك إلى أرض الوطن.

سادسا: الشعور بأهمية الوطن

إن الشخص المعتاد على السفر يزداد حنينه لوطنه ولأهله وأقربائه وأبناء بلده ، خاصة إذا كان غيابه قد استمر لفترة طويلة فيشتاق إليهم أكثر فيزداد الترابط الأسري ومحبة القلوب لبعضها. كما يجعل من تجربة السفر فرصة لأن ينقل ما تعلمه واكتسبه من خبرات ومهارات لينهض ويرتقي بهم وينفعهم بما وجده عند غيرهم.

وختاما فإن فوائد السفر كثيرة ليس أولها اكتساب المزيد من الخبرة وتنمية المهارات المختلفة بل إن احتسب الشخص المسافر أيضا نية أن يكون سفير خير عن بلده في البلد المضيفة ،وينقل حضارة وعادات بلده الحسنة لشعوب العالم فإنه سيجمع بين خيرية السفر لأجل الدنيا والاخرة، وتذكر أخي القارئ قول الإمام الشافعي عن أهمية السفر في أبيات شعر مشهورة له :

سافر تجد عوضا عمن تفارقه وانصب فإن لذيذ العيش في النصب

والأسد لولا فراق الغاب ما افترست والسهم لولا فراق القوس لم يصب

إني وجدت ركود الماء يفسده إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

إليك أيضًا

• كيف علمني السفر أن أكون بسيطاً
• كيف تحافظ على عاداتك اليومية أثناء السفر
• هل يمكن أن يكون السفر مصدر دخل؟