رؤية سور الصين العظيم من الفضاء: حقيقة أم خرافة؟
سور الصين العظيم، واحد من أبرز المعالم الأثرية والتاريخية في العالم، وهو عبارة عن سلسلة من الجدران التي بُنيت في شمال الصين
add تابِعني remove_red_eye 13,717
“صدق أو لا تصدق، يمكن رؤية سور الصين العظيم من سطح القمر”
ما صحة هذا العبارة، ومن أول مُدَّعٍ لها؟ ولماذا هي عالقة في أذهان الناس لهذه الدرجة؟ والأهم من ذلك كله، ما رأي علماء الفلك والمتخصصين في هذه الجملة من الناحية العلمية؟ سنتعرف الآن، لكن لنُعطي نبذة سريعة عن هذا السور.
سور الصين العظيم
سور الصين العظيم، واحد من أبرز المعالم الأثرية والتاريخية في العالم، وهو عبارة عن سلسلة من الجدران التي بُنيت في شمال الصين بهدف الحماية والتحصين ضد غزوات العدو. اهتمت جميع الأسر الحاكمة الصينية بهذا السور، فقد انتهى بناؤه تمامًا منذ ما يقرب من (500) عام، مع العلم أنه قد بدأ بناؤه قبل الميلاد.
بالرغم من الاعتقاد السائد بأنّ سور الصين العظيم قديم، لكنه ليس قديمًا إلى حدٍّ كبير، إذ تُشير أغلب الروايات إلى أنّ بداية عملية البناء كانت بعد عام (221) قبل الميلاد، تحديدًا في الحقبة التي بدأ فيها توحيد الصين لأول مرة في تاريخها، وانتهى بناؤه في عهد أسرة مينغ (1358-1644). وبذلك نجد أنّ عمر سور الصين العظيم لا يتجاوز (500) عام. وليس كما ظن الكثير من الناس، فهناك بعض الاعتقادات السائدة حوله، منها أنه انتهى بناؤه في عصور ما قبل التاريخ، وأنّ عمره يتجاوز آلاف السنين، وهذه كلها محض اعتقادات لا محل لها من الصحة.
اختلفت التقديرات حول طول السور، فهناك من يزعم بأنه يبلغ ما بين (1500) إلى (5000) ميل، بينما أشار المسح الأثري الذي أجرته إدارة الصين للتراث الثقافي في عام (2012م) إلى أنّ طول السور يبلغ حوالي (13000) ميل، أي إنه أطول من التقديرات القديمة بأكثر من الضعف، لذلك لا عجب في أن يصل عمر هذا الصرح العظيم لحوالي ألفي عام. عادةً ما يُنْعت سور الصين بـ”العظيم”، والمفاجأة أنّ الصينيين لا ينعتوه بهذا الصفة، وإنما بالسور الطويل.
من الاعتقادات الخاطئة حول الجدار أيضًا، أنه بُني لصد هجمات المغول، لكن في الحقيقة هذا خطأ كبير، فقد أُمر ببناء السور عام (221) قبل الميلاد، في حين أنّ المغول قد ظهروا بعد حوالي (800) عام بعد الميلاد. لكن بالرغم من قوة الجدار، إلا أنّ الغزاة استطاعوا تخطيه عندما هاجم الصين القبائل الشمالية، ولم يحمهم السور، أو أنّ الصينيين لم يتمكنوا من استخدامه جيدًا.
لا شك في أنّ بناء السور قد تطلب مجهودًا كبيرًا، حتى إنّ هناك بعض الشائعات التي تزعم بتساقط جثث العمال أثناء العمل، فقد كان العمل شاقًا لدرجة موت الناس. لكن هذه الشائعات غير صحيحة، فلا يوجد جثث مدفونة بالقرب من السور كما ادعى البعض.
روبرت ريبلي.. أكبر كذاب في العالم
عندما تفتح الجرائد، في الصفحات الأخيرة –على الأغلب– ستجد فقرات مسلية، منها: الكلمات المتقاطعة، وصدق أو لا تصدق. يستمتع الكثير من الناس بفقرة صدق أو لا تصدق خاصةً، فهي تحتوي على المعلومات الغريبة التي قد لا تُصدق فعلًا، صاحب هذه الفكرة هو روبرت ريبلي رسام الكاريكاتير الإنجليزي، الذي عاش في القرن الماضي.
أُطلق على ريبلي لقب أكبر كذاب في العالم، فقد جمع ثروته من خلال العديد من المعلومات الخاطئة. وللأسف، هذه المعلومات لم تعتمد على إثبات علمي دقيق. ولعل أبرز هذه المعلومات، أنه يمكننا نحن البشر رؤية سور الصين العظيم من الفضاء الخارجي، فقد زعم أنه العمل الوحيد من صنع الإنسان الذي تستطيع العين البشرية رؤيته من الفضاء الخارجي. وقد ترسخت هذه الفكرة في أذهان الكثير من الناس. لكن ما صحة هذه المعلومة؟
هل حقًّا يمكننا رؤية سور الصين العظيم من الفضاء الخارجي؟
في عام (2003م)، كان هناك حدث عظيم في الصين، فقد صعدت أول رحلة فضاء صينية إلى الفضاء الخارجي، وصرح رائد الفضاء يانغ ليوي بأنه لم يستطع رؤية أي شيء من المدار. ولم يَرَ سور الصين كما هو الاعتقاد السائد، وبذلك ظهر إثبات علمي يُبطل ادعاء روبرت ريبلي، أكبر كذاب في العالم. إضافة إلى ذلك، لم يتمكن رواد الفضاء الذين نزلوا على سطح القمر لأول مرة في مهمة أبوللو، من رؤية أي شيء عن السور من على سطح القمر. في عام (2012م)، كرر رائد الفضاء الكندي التجربة، وأمضى (5) أشهر في محطة الفضاء الدولية وأكد على أنّ سور الصين العظيم غير مرئي.
من ناحية أخرى، أشار رائد الفضاء الأمريكي ليروي تشياو إلى أنه استطاع بالفعل رؤية سور الصين العظيم من نافذة محطة الفضاء الدولية في عام (2004م)، لكن أضاف أنه لم يره بالعين المجردة، وإنما بعد استخدام عدسة تكبير. ويمكن رؤية بعض المدن من الفضاء، لكن المدن ككل، وليس مناطق محددة فيها، ويرجع ذلك لأنوارِها التي تظهر بشكلٍ واضحٍ من الفضاء الخارجي.
بالرغم من الإمكانات التي تحلى بها البشر في الآونة الأخيرة، إلا أنهم لم يستطيعوا بناء أي شيء تستطيع العين المجردة التقاطه من الفضاء الخارجي، كما صرح رواد رحلة أبوللو بأنّ الأرض لا يظهر منها سوى اللون الأزرق الممزوج باليابسة لا غير.
بذلك نجد بين أيدينا دليل علمي يثبت أنّ سور الصين العظيم، البناء الأطول على الأرض، الذي استنزف طاقة البشر من أجل بنائه لمدة ألفي عام، لا يظهر من الفضاء الخارجي، لا من على سطح القمر، ولا حتى من المدارات المنخفضة لكوكب الأرض. وتظهر كذبة أكبر كذاب في العالم، بعدما ألقى لنا تلك المعلومة المحيرة وتركنا محتارين ومات. لكن هل هو كاذب حقًّا؟ لقد قال صدق أو لا تصدق. أي: إنه لم يؤكد المعلومة، وإنما ألَّفها وتركها لنا. لم يعرف روبرت أنّ البشر سيتشبسون بهذه المعلومة، حتى إنّ الكثير من رحلات الفضاء حرصت على التأكد منها.
إليك أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 13,717
من أكثر الأفكار الشائعة رؤية سور الصين العظيم من الفضاء الخارجي. ما صحة هذا الادعاء؟
link https://ziid.net/?p=72703