دروس تعلمتها من تجربتي في السفر دون أصحابي
السفر متعة ومغامرة وتجربة مميزة للتعلم وصنع ذكريات سعيدة. لا تتقيد بالظروف أو بالأشخاص، ولا تخشَ السفر وحدك
add تابِعني remove_red_eye 37,980
تجربة السفر لا تضاهيها تجربة من كم الفوائد والمتعة التي نصل لها، في تجربتي الأولي للسفر في فترة الجامعة كانت تجربة خوضتها عن قصد لاكتشاف نفسي، وجدت إعلانًا عن دورة تدريبية للتصوير والتطبيق العملي كان السفر من محافظتي لعاصمة مصر (القاهرة)، كان الخبر مبهجًا فقد رأيت أنه فرصة للتعلم عن التصوير الذي أحبه بشدة. وكان شعوري أنها لن تكون مجرد تجربة بل وقت لاكتشاف أكثر عن نفسي وتحديها في مخاوفها، كانت المرة الأولى التي أتجرأ وأسافر دون معرفة أحد يرافقني، وبالفعل استعددت للسفر وقررت أن أتعامل بعقل منفتح على الاختلاف وتقبل الآخر.
أجواء تجربة السفر وحدي
بعدما انتهى تدريب التصوير في محافظتي، وتقرر موعد السفر كنت أشعر بالحماس الشديد، فأعددت كل التفاصيل الخاصة بالسفر، وعلى الرغم من أنها رحلة ليوم واحد فإنني كنت أشعر أنها سوف تكون تجربة لن تُنسى. فمجرد فكرة الاكتشاف والمغامرة وجدت أنها تحمسني، وأزالت خوفي من أن أسافر مع الجامعة دون معرفة أحد، وقلت في نفسي طالما أنها تجربة في الحدود الآمنة فلما لا؟ كنت أؤمن أن خوض التجربة ودفع نفسي لتخطي مخاوفي سوف ينمي شخصيتي، ويعرفني على نفسي أكثر.
كان حماس التجربة بالنسبة لي قد بدأ منذ لحظة الاستيقاظ باكرًا، وأول ما وجدته عن نفسي هو أنني أركز على الاستمتاع بالتفاصيل البسيطة المنعشة كراحة الصباح وهدوء الشوارع، رافقني شعور الاكتشاف قبل السفر، بداية من التوجه لمكان تجمع الطلاب فقد كان الطريق جديدًا، ساعدتني روح الاكتشاف على الاستمتاع.
تجمع كل المشتركين وتوجهنا للقاهرة مدينة الألف مئذنة، وكانت الواجهة حضارية إسلامية بها مساجد كثيرة تصميماتها رائعة تخطف الأنظار، وتعتبر وجهة سياحية يقصدها الناس من كل مكان، بالتحديد هو شارع المُعِز ومسجد الحُسين -رضي الله عنه-.
عندما وصلت للمكان وجدت أنا كل التفاصيل عريقة تحمل رائحة عزة المسلمين ومجدهم، كل المساجد تفاصيلها في غاية الدقة من جانب:
- التصميم الذي يجعل المسجد معتمدًا على ضوء الشمس.
- الساحات الكبيرة التي هي قادرة على استيعاب عدد ضخم من المصلين.
- النقوشات الإسلامية الدقيقة التي خطفت أنظاري.
- الأعمدة الشاهقة المزخرفة.
- الرخام الذي يغطي الأرضيات، فكم الدقة التي رسم بها أرضيات المساجد وطرقاتها التي من فوسيفساء الرخام بالفعل صور تحتاج للتأمل.
- المصابيح الخاصة بالإضاءة نحاسية الضخمة، وأخرى من الزجاج المزخرف.
- الأبواب الخشبية العملاقة المنقوشة، والمُطعمة بالنحاس تخطف الأبصار.
كان كل مسجد يشعرني بالانبهار أكثر خاصة أنني أحب التفاصيل المتقنة التي تصنع الصورة الكاملة المبهرة، وعلى الرغم من أنني أعرف أن حضارتنا الإسلامية تقدمت وكان لها الريادة في علوم كثيرة، ولكن القراءة لم تنقل لي تلك الروعة التي جعلتني أقف أتأمل، وأسمريت في التصوير والتجول. ومن حسن حظي عندما حان موعد آذان العصر كنت في مسجد عمرو بن العاص وجدت معي زميلتين تجمعنا للصلاة وبعدها تعرفنا على بعضنا، وتحركنا سويًّا وتعاونا على التقاط صور مميزة، أسعدني أن أعرف أن التعرف على أشخاص جديدة أمر سهل طالما أتعامل بلطف وتواضع وتقبل للآخر.
وحينما غربت الشمس كانت الأضواء الملونة التي أُضيفت لإضاءة المساجد من الخارج أظهرت مدى روعة التصميمات والنقوشات، شعرت بمشاعر جديدة لم أختبرها من قبل وكأنه مزيج من الانبهار والدهشة والرهبة والسعادة والفخر، وحينما جاء موعد العودة شعرت أنني لم أكتفِ من روعة المكان، تحرك مع رفيقاتي الجدد واستعددت للعودة.
وعلى الرغم من أنني أردت أن أبقى وقت أطول إلا أنني لم أسمح بأي مشاعر سلبية تملكني، فوجهت تركيزي على الاستمتاع بمدى حبي لطريق السفر ذاته ومشاهدة الطرق الجديدة، ولكن لم تستمر مراقبتي للطريق طويلًا، فقد قاطعتني زميلة قلِقة بسؤالها عن موعد وصولنا لمنازلنا، فتحدثنا وحاولت طمأنتها وفي نهاية حديثنا شعرت أن حديثنا لا يجب أن ينتهي عند هذا الحد فقد كانت فتاة طيبة القلب، فتبادلنا وسائل التواصل واستمرينا في التواصل سنوات وصرنا أصحابًا مقربين.
الدروس التي يمكنك أن تستفيد بها من تلك التجربة
- السفر يجعلنا نختبر أخلاقنا ومبادئنا خاصة مع عدم وجود رقيب سوى الله، تواجهه نفسك في المبادئ الصلبة والأخرى التي تحتاج لتثبيتها، وكأنها مرآة نقية تواجهك بنفسك، بعد السفر إذا كنت تنوي أن من أهداف التجربة اكتشاف نفسك وكذلك التعلم، فما عليك سوى بجلسة لمراجعة نفسك بكل صراحة، ومكافئة نفسك على ما أحسنت فيه، أو تكون حاسمًا في تثبت القيم والصفات التي لم تُرْضِك والتعلم عن كيفية تحسينها بمشاعر المسؤولية لا مشاعر الذنب لأن وجود العيوب أمر طبيعي، ولكن الخطأ هو السكوت عنها والتعامل معها وكأنك ولدت بها وجزء منك.
- في السفر تختبر قدراتك على التكيف وتقبل الآخر.
- السفر يفتح لك خبرات توسع مداركك على المدى البعيد والقصير ربما تحدث مواقف تجعلك شخص أفضل وأوعى.
- فرصة للاستمتاع وشحن طاقتك وفصلك عن الضغوطات والمشتتات لتتمكن من إعادة الإنتاج قبل أن تنفذ بطاريتك، وهذا لا يتوقف على السفر فقط بل أي نشاط يسعدك، فلا تضع شروطًا لشحن طاقتك تصعب الأمر عليك ويجعلك تؤجل تلك النشاطات.
- الاستمتاع يمكن أن يحدث بسهولة عند النظر للتفاصيل الصغيرة لتصنع مشاعر استمتاع أكبر.
- تعرف أن الاستمتاع من تجارب السفر لا يدوم طويلًا، ولكن الخبرات والأصدقاء الجدد تدوم.
- السفر يريك أن الكون واسع ولا يقف عند الأشخاص والأماكن التي قد تكون حصرت نفسك في دائرتهم.
- السعادة قرار بأن أركز على ما يسعدني حتى في رحلة كتلك وجدت بالتأكيد صعوبات أو تحديات جديدة النظر لها بعين العبء كان يقدر على أن يضع عنوان التعاسة على ذكريات وتفاصيل الرحلة.
- الابتسامة والود والتواضع والتراحم وتقديم المساعدة وسيلة مضمونة للتعرف على أشخاص جدد بسهولة.
- استحضار روح الاستمتاع والمرح أساس لتجربة سفر مميزة، أما التوقع للصعوبات والتركيز في التفاصيل المزعجة سوف يفسد الأمر كله.
في النهاية … تلك رحلتي الخاصة خُضتها على طريقتي وتجربة تعلمت منها وفق رؤيتي للأمور وشخصيتي، فلا تتوقع أن خوضها بالنسبة لك أو لأي أحد يجب أن يصل لنفس النتائج، فنفس التجارب تختلف باختلاف الأشخاص، وكذلك السفر ما هو إلا طريقة من ضمن طرق كثيرة لاكتشاف نفسك والاستمتاع بالمغامرة، فإذا كان السفر غير متاح الآن لأي ظروف، ابحث في حدود المتاح لك وانفتح على التجربة واستمتع.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 37,980
مقال ملهم ومثير حول السفر وحدك
link https://ziid.net/?p=92292