امتنعت عن استخدام هاتفي يوم الجمعة، فكيف تغيّرت حياتي؟
حتى عندما نقضي وقتًا أطول في استخدام الشاشات، فلا نلمس نقصًا في الشعور بالوحدة والشك وعدم اليقين. الشاشات لا تحل هذه المعضلات
add تابِعني remove_red_eye 91,100
في نهاية العام الماضي، عانيت من نوبة إغماء مؤلمة وارتجاج في المخ في منتصف الليل، مما دفعني لقضاء ليلة كاملة في غرفة الطوارئ بمدينة نيويورك.
بناءً على هذه الحادثة، أدركت أنني بحاجة إلى إبطاء وتيرتي في الحياة.. كثيرًا. قبل ذلك، لم أكن أعتبر نفسي “مدمنًا” على هاتفي. لقد أوقفت إشعاراتي منذ سنوات؛ ولا أنام بصحبة هاتفي، ومن السهل بالنسبة لي قضاء الوقت في القيام بنشاطات على أرض الواقع بعيدًا عن التقنية.
رغم كل هذا، كنت مصدومًا بعض الشيء من التقرير الأسبوعي الذي أظهره أحد التطبيقات المسؤولة عن قياس وقت الشاشة. يبدو أن استخدام هاتفي يتكون من الكثير من اللحظات الدقيقة المنتشرة ضمن فترات زمنية صغيرة على مدار اليوم.
نقطة التحول
بعد نوبة الإغماء والارتجاج، بدأت أقضي وقتًا أقل أمام الشاشات. كنت بحاجة إلى عيش فترة من الحرمان من أجل التعافي، ورغم فظاعة الحادث والأعراض اللاحقة، فقد استمتعت بهذا الوقت المريح والهادئ وطريقة الحياة التي تجاوز فيها الشفاء الأعراض الجسدية. واعتمادًا على هذه التجربة، اخترت قضاء يوم أسبوعيًا بدون شاشة، وقد اخترته له يوم إجازتي: يوم الجمعة المبارك.
في كانون الثاني (يناير 2020م) ألغيت استخدام الكمبيوتر المحمول والرسائل النصية أيام الجمعة. بدلًا من ذلك، أمضيت وقتي في القيام بنشاطات من الزمن القديم، مثل قراءة الكتب الورقية والكتابة بالقلم والورق، والذهاب في نزهات صامتة (هذا صحيح: بدون ملفات بودكاست أو موسيقى).
في البداية، شعرت ببعض عدم اليقين بشأن التجربة. هل سيضر هذا بصداقاتي؟ هل سأشعر بمزيد من الوحدة وارتباط أقل بالناس؟ هل سأكون أقل إنتاجية؟
في وقت مبكر، واجهت بعض التغييرات التي احتجت إلى إجرائها. على سبيل المثال: عندما أخطط لمقابلة الأصدقاء يوم الجمعة، كان علي أن أخبرهم مسبقًا بأنني لن أتحقق من رسائلي النصية أو رسائلي الإلكترونية، وأطلب منهم إخباري قبلها بيوم إذا كانوا بحاجة إلى إلغاء الموعد. عندما كنت أتوجه إلى فصل يوجا، إما سيرًا على الأقدام أو بمترو الأنفاق، فعلت ذلك دون تصفح هاتفي أو الاستماع إلى كتاب صوتي.
أشياء لا يفعلها جيل الألفية
بدلًا من ذلك، جلست أتأمل نفسي والعالم والناس من حولي. إذا كنت أخطط للذهاب إلى أي مكان يوم الجمعة، فسأحرص على البحث عن الاتجاهات (عبر خرائط غوغل) يوم الخميس، أو سأفعل ما لم يسمع به جيل الألفية من قبل: اسأل شخصًا عن الاتجاهات. بدون أصدقائي الرقميين، غوغل وسيري “Siri”، أجريت محادثات مع أشخاص في الجوار، في الحديقة ومترو الأنفاق والمقاهي ونادي اليوجا.
شعرت بأنني أكثر ارتباطًا بهؤلاء الأشخاص أكثر من الأشخاص الذين تابعتهم للتو على تويتر. ولاحظت أشياء لم أكن لألاحظها لو كنت أدفن رأسي في هاتفي. أشياء مثل الطيور الملونة، والكلاب اللطيفة التي تمشي في الشارع، والسماء، وتعبيرات وجوه الغرباء في الشارع، ولافتات الإعلان عن الأحداث أو البحث عن الحيوانات الأليفة المفقودة، وفناني الشوارع، أو الفنانين الذين يشاركون حرفتهم أمام المارة.
كانت أصعب أيام الجُمع هي تلك التي لم أغادر فيها شقتي. معزولًا في شقتي المكونة من غرفة نوم واحدة دون استخدام هاتفي أو تلفزيون لتوصيلي بأي شخص آخر. أصبحت تلك الأيام هي الأيام التي أجبرت فيها حقًّا على أن أكون صداقة مع نفسي، سألت نفسي أسئلة وجودية. نظرت إلى انعكاس صورتي في المرآة على سبيل الترفيه. أنجزت مشاريعًا فنية، وكتبت رسائل بخط اليد، وطهوت الطعام، وقرأت الكتب، ونظّفت شقتي، ومارست اليوجا والتأمل وحيدًا. أحيانًا كنت أجلس فقط أنظر من نافذتي أو أمشي وحدي في المنتزه المقابل للشارع. ساعدتني هذه المرة وحدها على إدراك مرونتي وإبداعي وإلهامي بالثقة والرضا مع العلم أنني يمكن أن أشعر بالبهجة والراحة والإثارة من مجرد التواجد مع نفسي.
أُصبت بالوباء
بمجرد أن ضرب الوباء في مارس (آذار)، ذهبت إلى الحجر الصحي في مزرعة عائلتي في ميشيغان. خلال الوقت الذي كان فيه الناس يتوقون إلى التفاعلات الافتراضية، وجدت قيمة في الصمت الرقمي أيام الجمعة، فلا يوجد هاتف أو أجهزة كمبيوتر أو أجهزة لوحية أو تلفزيون. عندما أخبرت أصدقائي بأنني سأبتعد عن الشاشات تمامًا أيام الجمعة، عبّروا عن إعجابهم (وحسدهم -في كثير من الأحيان- لعدم تمكنهم من فعل شيء مماثل).
كانوا يقولون:
“لا يمكنك فعل ذلك أبدًا”، “أنت تدير شركة” أو “قد يرغب الناس في التحدث معك؛ أو يكون هناك شيء تحتاج إلى الرد عليه”.
ردي: فهمت. يريد الناس التحدث معي أيضًا. أدير شركة، وأعمل في فريق ، وأنصح العديد من الشركات، واستضيف عرضًا كوميديًا في وقت متأخر من الليل، ولدي أصدقاء وعائلة.
لقد طلبت ببساطة من الأشخاص الذين قد يرغبون في التحدث معي يوم الجمعة أن يتصلوا بي في أي يوم آخر. هناك ستة أيام أخرى في الأسبوع، وأنا سأخرج واحدًا فقط من عالم الاحتمالات!
كل من يحترمني سيحترم وقتي وخصوصيته في هذا اليوم. لم أفقد شيئًا ولمست تحسنًّا ملحوظًا في عملي وتعاون الفريق والعلاقات والصحة.
كانوا يقولون:
“ماذا لو فاتك شيء مهم في الأخبار أو على مواقع التواصل الاجتماعي؟”
وكنت أجيبهم: إنه يوم واحد فقط. متى كانت آخر مرة اختفت فيها الأخبار المهمة بعد 24 ساعة؟ أنت تختار إما تفويت عنوان رئيسي أو منشور على الانستغرام والذي سيظل موجودًا في اليوم التالي، أو تفويت وقت ممتع مع الأشخاص من حولك، والبيئة المجاورة، ونفسك.
إنه اختيارك في النهاية، وهذه هي الصفقة التي تقوم بها.
أنت رب أسرة؟! إذًا، تحتاج ذلك بشدّة
بالنسبة للأشخاص الذين لديهم أطفال، أفاد (56%) من الآباء أنهم يقضون الكثير من الوقت على هواتفهم و (71%) من البالغين قلقون من أن أطفالهم يقضون الكثير من الوقت أمام الشاشات. فلماذا لا تكون قدوة في الامتناع عن استخدام الشاشة؟ حتى بيل جيتس وستيف جوبز حدّوا من وقت أطفالهم أمام الشاشات.
افعل ذلك مع الجميع ومارس طقوسًا عائلية، حيث تظهر الأبحاث أن الطقوس العائلية مرتبطة بالرضا الزوجي وإحساس المراهقين بالهوية الشخصية وصحة الأطفال والإنجاز الأكاديمي وعلاقات أسرية أقوى.
ما تعلمته
أثناء الوباء، حتى عندما نقضي وقتًا أطول في استخدام الشاشات، فلا نلمس نقصًا في الشعور بالوحدة والشك وعدم اليقين. الشاشات لا تحل هذه التحديات للأسف. لكنني لاحظت أنه في “أيام الجُمع الخالية من الشاشة” أشعر بالترابط والهدوء والبهجة والراحة والراحة والنشاط. هذه كلها أشياء أريد أن أشعر بها أثناء الوباء، وقد حصلت عليها بدون شاشة.
لم ينته العالم عندما انقطعت تمامًا. في الواقع، كانت تلك أكثر من مجرد بداية. بالإضافة إلى الفوائد الواضحة من هذه الممارسة، مثل منح عيني استراحة من الشاشات، هناك العديد من الفوائد والآثار في حياتي التي لم أتوقعها حتى.
الآن، أشعر بوحدة أقل. أشعر بارتباط أكبر بنفسي وبالآخرين. لقد تحسنت علاقتي مع نفسي. كتابة اليوميات اليومية (والكتابة الموسعة أيام الجمعة) حول حياتي ومشاعري ومخاوفي وأحلامي، كلها غذت الوعي الذاتي الذي حسّن علاقاتي وعملي.
لقد اتخذت قرارات متعمدة بشأن عملي وحياتي، بدلًا من اتخاذ قرارات تفاعلية بناءً على أي شيء يؤثر عليه العالم على الشاشة. أشعر أيضًا بصحة أفضل أيضًا، ولم يُغمى عليّ مرة أخرى (اللهم لا حسد).
أنام بشكلٍ أفضل. في السابق كانت هناك ليال لم أنم فيها حتى الساعة 4 صباحًا. الآن، أخلد إلى النوم الساعة 11 مساءً و يكون نومي حينها بلا انقطاعات. وأستيقظ مستعدًا للنهوض من السرير، على عكس ما كنت أتمنى لو بمقدوري النوم لساعة إضافة أخرى (أو أربع).
أنا أكثر تركيزًا. لقد أكملت العديد من المشاريع التي كنت أرغب في إكمالها. عندما يبدأ أسبوع العمل وأعود إلى الشاشات، يمكنني إيقاف تشتيت انتباهي على الشاشة. إذا كان بإمكاني قضاء يوم كامل دون استخدام انستغرام، فيمكنني بالتأكيد الذهاب لمدة ثلاث ساعات بدونه، حتى أتمكن من التركيز على مشروع أو محادثة أو اجتماع. ساعدتني أيام الجمعة الخالية من الشاشات على الشعور بمزيد من الإبداع أيضًا.
بالتأكيد، هناك الكثير من العوامل الأخرى التي أثرت على هذه التحسينات. الارتباط لا يساوي السببية. ومع ذلك، فإن الذهاب بدون شاشة يومًا ما في الأسبوع لعب دورًا بالتأكيد، حيث منحني الوقت والمساحة لملء الأنشطة المفيدة.
لم أكن بحاجة للجموح مثل “هنري ديفد ثورو” والاختفاء في الغابة لسنوات. يمكنني دمج وسائل الإعلام بسرعة في أسبوعي، بانتظام، وجني الفوائد باستمرار.
لم أكن بحاجة إلى التخلي عن حياتي أو عائلتي أو أصدقائي أو عملي. يمكنني أن أمنح نفسي فترة راحة، بعض الوقت في وضع عدم الاتصال، لإعادة الاتصال بنفسي وكل ما هو حولي، وفي ذلك اليوم قمت بتحسين علاقاتي مع عائلتي وأصدقائي وعملي ونفسي. القيام بذلك يجعلني أتحكم في وقتي. أقرر متى سأستخدم الشاشة ومتى لا أستخدمها.
احب يوم الجمعة. هو -إلى حد بعيد- اليوم المفضل لدي في الأسبوع. وعلى الرغم من أن أيام الجمعة هي المفضلة، إلا أنني لا أتمنى أن يكون كل يوم هو يوم جمعة، لأنه لا يلزم أن يكون كذلك. هذا جزء من السحر في هذه الممارسة. أخذ يوم واحد، عطلة كاملة، وهذا يكفي.
عندما يحل يوم السبت، أشعر بالحماس والنشاط لمدة أسبوع آخر. أنا أقدّر نفسي وكل شيء آخر أكثر من ذلك بكثير. عندما أستخدم الشاشات، يكون الأمر أكثر تعمدًا. لا أقضي الكثير من الوقت عليها خلال الأسبوع، لأنني أدركت أنني لست بحاجة إلى ذلك!
اقرأ أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 91,100
أثناء الوباء، حتى عندما نقضي وقتًا أطول في استخدام الشاشات، فلا نلمس نقصًا في الشعور بالوحدة والشك
link https://ziid.net/?p=69899