هكذا علمتني والدتي حسن تدبير المال
اعتمدت والدتي خطة دقيقة في الإنفاق وهو الأمر الذي أذهلني فبالرغم من مستواها التعليمي البسيط إلّا أنّها أحسنت تدبير المال.
add تابِعني remove_red_eye 4,812
الإجازة، رمضان، العيد، الحفلات والهدايا ثم الدخول المدرسي. بالتأكيد خطر ببال كل أسرة هذا السيناريو خصوصًا الوالد والوالدة.
تعاقب هذه المناسبات يمثل منطقة سوداء في تاريخ العائلة المادّي خصوصًا في وقت أصبحت المظاهر علامة تجارية على الجميع -ولو في أذهانهم- اقتناؤها وإلّا كانوا من المغضوب عليهم في مواجهة المجتمع. ومن قلب الحدث أحدثكم، رغم أنّ الوالد محاسب إلّا أنه كان مُصابًا بحساسية ضد النقود وكأنها مرض في جيبه فلا يطيقها إلّا عندما يضعها في يد تاجر الخضار والفواكه، التموينات، أو أي مكان آخر. لذلك كانت الوالدة، وبعد حربٍ طرواديّةٍ مع الوالد، أول امرأة في عائلتنا تنتزع مصروف البيت ويتم تنصيبها وزيرة للمالية البيتية.
والدتي تحسن تدبير المال
اعتمدت والدتي خطة دقيقة وهو الأمر الذي أذهلني فبالرغم من مستواها التعليمي البسيط إلّا أنّها قامت وبعد تمحيص وتدقيق بوضع قائمة أولويات يتم شراؤها أسبوعيًّا ولأنّها بذلت نفسها لبيتها فقد كانت تعرف أجود الأنواع وبأقل الأسعار بل ومتوسط الاستهلاك داخل العائلة من الطعام إلى المواد المنظفة إلى الفواتير وحتى المصاريف الطارئة، كانت لأمي ميزانية خاصّة تحترمها بكل جدية وانضباط.
وما أتذكره هو الدفتر الصغير الذي لا يفارقها فتدوّن به كل ما تصرفه لكي تحدّد ما يلزم وما يمكن تعويضه بآخر وما يمكن الاستغناء عنه، ومن مكتشفات أمي الخطيرة على حدّ تعبيرها، أنّ ما يُصرَفُ على الكماليات يضاهي الضروريات في أغلب الأوقات، لذلك وجب التحفّظ إزاء الكماليات، فالحق أن الوالدة لم تحرمنا كليًّا بل بالتدريج على أساس أن ندرك ذلك بأنفسنا و أننا إن لم نأكل تسالي لن نموت بل على العكس سنتمتع بصحة أحسن.
كانت والدتي تقوم بالتسوق مرة كل أسبوع لشراء المستلزمات مع حذف بعضها والاستعاضة بأخرى مع مراعاة أخذ المبلغ اللازم فقط وزيادة قليلة حتى لا تنساق وراء شهية التسوق، ومن حِيَلها الذكية أنها كانت لا تأخذنا معها، بل تذهب برفقة الوالد ليحمل عنها الأكياس باعتباره رئيس دولة البيت والخارجية، أما نحن فكنّا نمثل فتحة التسرّب التي تبتلع كل شيء ونريد كل شيء ونبكي أمام كل واجهة.
القاعدة الذهبية: لا للدين والبطاقات الائتمانية
لا للدَّيْن، قاعدة ذهبية ورثتها عن أمي، رغم أنني لم أرث خبرتها الاقتصادية كاملة، حيث أنها لم تستعمل في حياتها شيكا أو تشتري على الحساب بل كانت تقول دائمًا أن الدَّيْن يمنح البهجة الآنية والهمّ الطويل. بمرور الوقت، صارت الوالدة ذات حنكة اقتصادية وخبرة استراتيجية بل وأصبح لنا صندوق ادّخار للأزمات وحتى للأوقات السعيدة، نظام البيت يسير بدقة ساعة سويسرية والاقتصاد يعرف انتعاشًا دائمًا.
اليوم، عند خروجي ومع نهاية رمضان ومجيء العيد -أعاده الله علينا وعليكم بالعافية- تذكّرت دولة والدتي وكيف درّبتنا على تحمّل المسؤولية وحسن تدبّر المصروف، كيف شجّعتنا على خوض غمار الإدارة المنزلية وكيف هذّبتنا برفق وحزم عند الخطأ والتبذير.
الحياة سباق دائم لا ينتهي، لكن الذّكاء هو ممارسة الحياة ببساطة وحسن تدبير ، أطلقوا العنان لخيالكم وتفكيركم وأثبتوا وجودكم داخل أُسركم، أحدثوا الفارق هنا بإنشاء جيلٍ يعرف النظام والمسؤولية وثقافة الاستهلاك الرشيد.
من المدونات الرائعة والتي تُعنى بمجال تنظيم الإنفاق الأسري ( مدونة مصروف ) لا ينسيكم التسوّق إلقاء نظرة عليها والرائع فيها أنّ زيارتها بدون مصاريف !
add تابِعني remove_red_eye 4,812
مقال رائع في ترشيد الاستهلاك وإنفاق المال
link https://ziid.net/?p=2080