الكتابة كعلاج لتخفيف العبء النفسي
اللجوء للكتابة أمر ضروري لتفريغ شحنات القلق والحزن، لتحسين جودة الحياة، ومعرفة حقيقة الأشياء عن طريق التنقيب فيها
add تابِعني remove_red_eye 11,914
بالكتابة تستطيع أن تعرف من أنت، تعرف حقيقتك، وتغوص في ذاتك بشكل أعمق؛ لتكتشف مَنْ كنت، ترصد تحولاتك في مراحل حياتك المختلفة، تتعرف على إمكانياتك ومقدار تغيرك، والزمن الذي استغرقته للتغير. الكتابة تساعدك على أن ترى نفسك بعين التجرد.
(العلاج بالكتابة – Journal therapy) بمعناها الأكاديمي: هي الكتابة بهدف العلاج تحت يد معالج نفسي أو مختص. أيْ أن تكتب -بشكل أقرب إلى المهام الدورية- عن أحداث مؤلمة سبق أن حدثت لك، ويتم تقييمك وتسجيل مقدار تعافيك بواسطة المختص.
ومع إرتفاع تكاليف العلاج النفسي و أزمة الحجر الصحي التي يفرضها فيروس (كوفيدـ19) على العالم، ومع تزايد العزلة والشعور بالوحدة، فالكتابة هنا حلّ مثالي، ليس فقط للبوح عن الأمور التي تقلقك ولكن -أيضا- كعلاج فردي لتخفف من وطء إحباطك واكتئابك.
حيث يمكن أن تبدأ بالكتابة عن الأحداث الصعبة التي مررت خلالها، سواء كانت أحداثًا صحية أو أسرية أو عاطفية أو أخرى تتعلق بالطفولة لا تستطيع البوح عنها.
كيف تبدأ بممارسة الكتابة العلاجية؟
اكتب عن المشاعر التي انتابتك في تلك الفترة، تفاعلك مع الحدث ومدى تأثيره عليك، الكتابة هنا مساعد جيد، تتيح لك التخلص من عبء الذكريات المؤلمة وتخطيها، وتكوين رابطة عميقة مع ذاتك. ليس عليك أن تكتب بشكل أدبي منظم، ولكن كل ما في الأمر أن تخرج مشاعرك وأفكارك وأمنياتك على الورق؛ لتخفِّف من مقدار الضغط النفسي الذي تشعر به.
تخبرنا الشاعرة الإنجليزية جيلي بولتون تجربتها مع الكتابة، حيث أنها لجأت للكتابة في فترة مظلمة من حياتها، حيث تعرضت لهزة نفسية عنيفة من أبويها في طفولتها لم تستطع تخطيها، ولم تستطع التعامل بشكلٍ جيد مع أمومتها المبكرة، حيث رزقت بمولود في سن صغير؛ مما جعل الأمور أكثر تعقيدًا. تقول جيلي بولتون:
بدأت أكتب عن حياتي ظَنًّا منيّ بأنني سأكتب قصة سعيدة، لأتفاجئ بنفسي أكتب حياتي بشكل مأساوي وفوضوي، وبالاستمرار في الكتابة تذكرت أماكن كان خُيِّل ليّ نسيانها، وأحداثًا كانت في طَيِ النسيان.
بالكتابة استطاعت جيلي بولتون تحويل ألمها إلى أشعار بديعة ينطق بها الجميع.
الكتابة للتخفيف من الشعور بالاكتئاب والقلق
نحن نستطيع التحدث عن أنفسنا أمام الجميع، ولكن عندما يأتي الأمر إلى الأشياء التي تقلقنا أو تحزننا نجد صعوبة في إخبار الآخرين بها. خوفًا أن نكون مصدر إزعاج أو يتمّ تقيمنا والحكم علينا بشكل سيئ، أو على أسوأ تقدير لا يتمّ فهمنا بالشكل الصحيح. هنا تأتي الكتابة كفعل تحكمه الخصوصية والحميمية مع النفس. محاولة لرؤية نفسك بشكلها المجرد الحقيقي. دون الشعور بالخزي أو الخوف من أحكام الآخرين. هنا الكتابة تساعدك لترى أين المشكلة، أين العقبة التي تؤلمك وكيف تتجاوزها.
في البداية قد تبدو كتابتك فوضوية وفارغة ولكن مع الاستمرار ستجد الطريق إلى نفسك، وبالوقت ستبدأ في تحليل نفسك والحكم على الأمور بشكلٍ أعمق وأكثر إثراء مما تتوقع.
تشارك “تينا” (صانعة محتوى على اليوتيوب) تجربتها مع الكتابة. فتقول:
كلما عرفت أكثر عن اكتئابك، عن الأشخاص أو الأشياء التي تسبب لك القلق والحزن، كلما كان دورك أقوى في التعامل مع قلقك واكتئابك.
ولتتعرف على تلك الأشياء استخدمت “تينا” الكتابة؛ حيث تقوم بكتابة مشاعرها الثقيلة وتسجل ملاحظات عن نوبات القلق التي تنتابها من وقت لآخر. كمعدل نبضات القلب، معدل التنفس، درجة تشنج العضلات. مما يتيح لها بالوقت مراقبة مقدار تحسنها؛ فتفريغ الشحنات السلبية المحبوسة بداخلك تجعل ذهنك أصفى ورؤيتك أوضح وحكمك على الأشياء أصوب.
الكتابة لا تتيح لك التحدث عن مشاعرك وأفكارك الزرقاء فقط، ولكن أيضا يمكنك الكتابة عن الأمور التي تجعلك تبتسم، التي تشعر بالامتنان بوجودها في حياتك، فمن الجيّد النظرُ لها من وقت لآخر لتقديرها والشعور بالحب و الاكتفاء.
- تجربتي مع الكتابة
- لماذا نكتب وكيف نصبح أفضل في الكتابة؟
- كيف تصبح أفضل بالكتابة؟ 7 أمور أعطتني إياها الكتابة
فالكتابة قد تكون الخطوة الأولى في الابتعاد عن بئر الظلمة الذي ينادينا باستمرار، وتفصلنا عن المتاهات التي نسقط فيها من آنٍ لآخر دون معرفة السبب. فلنَدَعْ أنفسنا تنسكب على الأوراق وتتجسد في كلمات، حتى نرمي ثقل أرواحنا ونمشي بخفة.
add تابِعني remove_red_eye 11,914
مقال ملهم ومهم حول أهمية الكتابة في حياة الإنسان وفي العلاج النفسي
link https://ziid.net/?p=58081