لماذا لا يجب عليك أن تهتم بما يجعلك سعيدًا؟
أحيانًا تجبرنا الظروف على التخلي عما يجعلنا سعداء في مقابل أمور أخرى أهم يجب أن نقوم بها وستحقق لنا نفعًا أكبر وفائدة أعلى
add تابِعني remove_red_eye 91,100
هل تعلم ما الذي يثير غضبي جدًا؟ ألا أتمكن من الكتابة. بالطبع، لا أقصد أن أعاني من (قفلة الكاتب) فقد اعتدتها. وإنما أتحدث عن وقوف الالتزامات الأخرى في وجهي، والتي -بطريقةٍ ما- تبدو أكثر أهمية من الكتابة (هي كذلك على الأرجح). في الواقع، غالبًا أيّ شخص عاقل سيسعد بمشاريع كتابة أقلّ إذا كانت الكتابة مصدر رزقه. ولكن ليس أنا (رغم أن ذلك أوقعني ضحيةً للتسويف كما أشرت في مقالٍ سابق).
هذا يعني إما أنني مجنون، أو أن الالتزامات الأخرى غير مهمة بالنسبة لي (لا يمكنني نفي الاحتمال الأول، على عكس الثاني بدليل نشري هذه التدوينة). أعلم أنني أطلت في المقدمة بعض الشيء، لكننا في زِد معتادون على مشاركة التفاصيل العميقة لخبراتنا، أليس كذلك؟ لذا، استسمحك صبرًا. ولما لم أجد الحلّ داخل عقلي، تصفحت خلاصة عقول الآخرين، فوصلت إلى أن عليّ اعتناق غضبي ذاك.
الشغف وعلاقته بالغضب
اعتدنا -عند البحث عن شغفنا- أن نسأل أنفسنا: “ما الذي أحبه حقًّا؟” أو “ما الذي يجعلني سعيدًا؟” المشكلة أن هذه الأسئلة لا تقودنا إلى السعادة، ربما لأن هناك قائمة طويلة من الأشياء التي تجعلنا سعداء (مما يُصيبنا بالتشتت) أو ربما لأن الأمور التي تُحقق معنى “حقيقيًّا” لوجودنا لا نستمتع أثناء ممارستنا لها. لذا ينصحنا الكاتب ورجل الأعمال ديريك سيفرز أن نطرح سؤالًا مختلفًا: ما الشيء الذي تكره ألا تقوم به؟ بعبارة أخرى: ما الذي يجعلك تشعر بالاكتئاب/بالانزعاج/بأن حياتك تضيع سدى إذا لم تمارسه بما فيه الكفاية؟
يؤكد ديريك على أن الصيغة الغريبة للسؤال فعّالة (فنحن عادةً نبحث عمّا نقوم به، لا العكس)، حيث يبدو أن الإجابة على هذا السؤال تقدم أفكارًا أفضل لما يجب أن تبني حياتك حوله بالفعل، وأنا أوافق على ذلك.
يمكنني إيجاد السعادة في العديد من الأشياء (ليس آخرها: صناعة فيديو سيئ ونشره على اليوتيوب). لكنني أستمتع بإجابة سؤال جيد في كيورا قدر استمتاعي بضغط زرّ “إرسال المقال للمراجعة” في زِد، فكيف أختار من بينهما؟ [خاصةً وأن الأمرين يقدمان درجة معينة من المعنى].
قبل أن أضع الإجابة، دعني أحذرك: من المحتمل ألا تجد المسار المهني المناسب لك تمامًا، إذا كان كل ما تفعله هو البحث عما يجعلك سعيدًا: ستتبع كل فرصة تبدو جذابة، وإذا كنت شخصًا إيجابيًا، فستجد دائمًا بعض السعادة فيها.
في النهاية ستشعر أن هناك شيئًا ما مفقود. لن تتمكن من وضع إصبعك عليه، لكنك ستعلم أنه يجب عليك المغادرة. لتُعيد البحث من جديد في دائرة لا تنتهي.
والشيء بالشيء يُذكر، أودّ مصارحتك بأمرٍ مهم: غالبًا ما كنت أدعو من يصغرونني سنًّا لإيجاد هدف يتماشى مع شغفهم، لكنني اكتشفت -عبر تجربتي الشخصية خلال الحجر الصحي- أنني بهذا كنت أقودهم للتهلكة، فمن منظور عقلاني، تبدو الأهداف طريقة جيدة للحصول على السعادة. فهي ملموسة ويمكن قياسها كمًّا ونوعًا. لكن المشكلة أن تحقيق الهدف يجعله يختفي.. مع بعض الآثار الجانبية.
تظهر تلك الآثار الجانبية حين ننظر لأهدافنا وَفْق الوحدة الزمنية التي نملكها حقًّا: اليوم/الحاضر/اللحظة الراهنة. حينها سنلاحظ أن الأهداف -غالبًا- ما تؤدي بنا للشعور بالقلق -والندم على الأوقات الضائعة- بدلًا من الإنجاز والفخر والرضا.
قد يقول قائل: الحل بسيط، حدّد هدفًا آخر، هدفًا أكبر يستغرق وقتًا أطول، مشكلة هذا الحل أنه يضعنا ضمن ما يسميه (تال بن شاهار -Tal Ben-Shahar)، وهو باحث أمريكي ومبتكر الدورة الأكثر شعبية في تاريخ هارفارد، مغالطة الوصول، والتي تقول: إن الوصول إلى وجهة معينة مستقبلية يجلب سعادة دائمة. جميعنا مررنا بهذا من قبل، أليس كذلك؟
كيف تعيش حياتك بحقٍّ بعيدًا عن مفهوم السعادة؟
كنت أعرف بالفعل أن الكتابة تجعلني سعيدًا. اليوم، أدركت أن عدم الكتابة يجعلني غير سعيد. هذا أيضًا درس قيّم، ربما أكثر من الأول، التزامي بالكتابة غير عقلاني، لا معنى له ماليًّا أو عاطفيًّا، لا أريد أن أكتب بهذا القدر، لكنني أفعل عاجلاً أم آجلاً، كل شيء آخر يبدو وكأنه إلهاء مزعج. لذا، دعني أقترح شيئًا هنا: لما لا تجرّب نصيحة أسلوب ديريك الغريب؟ على سبيل المثال: هل تُغضبك مقاطعة شخص ما لمكالمتك مع عميل (بغض النظر عمّا إن كان عميلًا محتملًا أم لا)؟
ما الشيء الذي تكره ألا تقوم به؟ آمن بهذا الغضب، ثم نحِّ كل شيء آخر جانبًا.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 91,100
مقال هام حول رغبات الإنسان في إسعاد نفسه مقابل حاجاته الأساسية
link https://ziid.net/?p=62810