ما الذي يحدد صحة مبادئنا؟
البوصلة هي الأخلاق، هي المبادئ والمعايير التي بدونها لما كان الكون كما هو اليوم، تخيل بيتك بلا أركان! أول ما سيحدث هو سقوطه.
البوصلة هي الأخلاق، هي المبادئ والمعايير التي بدونها لما كان الكون كما هو اليوم، تخيل بيتك بلا أركان! أول ما سيحدث هو سقوطه.
add تابِعني remove_red_eye 4,026
الجميع لديه بوصلة أخلاق خاصة به، مبادئ ومعايير تبيّن له الصواب من الخطأ وماذا يجب أن يختار، ولكن المشكلة تكمن في أن البوصلة الخاصة بك هي ليست ذات البوصلة الخاصة بغيرك. قد يرى البعض أن إعدام المجرم هو الأمر الصحيح، بينما يرى الآخر أن الأفضل تركه في السجن ليتعلم درسه، والفئة الثانية التي ترى أن من الأفضل سجنه ترى كذلك حكم الفئة الأولى في غاية البشاعة وأن الشخص يظل شخصًا لديه حياة ويستحق فرصةً أخرى للتوبة.
ولن أجادلك في هذا، ولكن الفئة الأولى هي من تجادلك، فهي ترى أن المجرم يستحق أن يُقتل ويُعَذّب لما فعله من الأمور البشعة بغض النظر عن المثال –الذي لن أناقشه معك لأني ذكرته لأوضّح مدى الاختلاف في البوصلتين بين الفئتين، وهو أول مثال ظهر في ذهني– أنت ترى الآن الاختلاف الشامل بين البوصلتين ويمكن للبعض أن يتساءل أيهما أصح؟
ولأسهّل لك، في هذه الحالة بالتأكيد في بالك الفئة الثانية التي تريد سجنه هي التي تحمل البوصلة الصحيحة، ولكن أأنت متأكد بأن حكمك لم يتغير بسبب بيئتك التي تعيش بها؟ هل أنت متأكد أنك بعد عدة سنوات لن تغيّر رأيك؟ هل أنت متأكد بأنه لو كان المجرم اعتدى عليك أو على أحد أفراد عائلتك لن ترى البوصلة الخاصة بالفئة الأولى هي الصحيحة؟
إذن خلاصة القول مما سبق؛ ما الذي يحدد إن كانت معاييرنا أو مبادئنا صحيحة؟ ماذا يحدد إذا كانت البوصلة الأخلاقية الخاصة بنا صحيحة؟ ولكي أختصر عليك بعض الأمور، فإن دين الإسلام حدد بوصلةً خاصةً به والتي بالتأكيد هي صحيحة، لأنه كما نعلم لا يضع الإسلام شيئًا إلا وكان فيه خيرًا لنا، ولكن هناك أمور لم تحدد.
هناك أمور تركها الإسلام لك، لأنها أساسًا قابلة للتغير بمرور السنوات، وهنا يكمن التساؤل الذي يدور في ذهني الآن، ما الذي يحدد إذا كانت البوصلة القابلة للتغير على مرور الأعوام صحيحة الآن ولا داعي لتغييرها؟ تساؤل آخر في بالي، ربما صحيحًا أن الإسلام لم يحدد كل شيء وترك بعض الأمور، ولكن وضع قواعد صريحة لما هو جيد مثل “الكلمة الطيبة، الإحسان، التعامل بالحسنى” وأمور أخرى. وهذه الأمور هي المساعدة لنا في وضع البوصلات الحالية، ولكن مع هذا هل الجميع يلتزم بتلك الأمور عند صياغة بوصلته الخاصة؟
من أكثر الأمور شيوعًا هو التلاعب العاطفي بالمشاعر وهذا بالضبط ما يحدث هنا، يمكنك أن تتلاعب بالبوصلة الخاصة بشخصٍ ما، أن تؤثر على مشاعره وتتلاعب بها كما يحلو لك لتحصل على ما تريد، ولكن يظهر لنا تساؤلًا جديدًا الآن، هل التلاعب أمرٌ جيد؟ وكيف أثق في بوصلتي وأنه لم يتم التلاعب بي؟ حسنًا التلاعب على وجه الخصوص يختلف على حسب المواقف وقد يرى البعض أن التلاعب إن كان للصالح العام فيعتبر نسبيًا جيدًا.
ولكن مع هذا يظل التلاعب ببوصلة شخص والتلاعب به عاطفيًا أمرٌ سيئ وإن كان فيه مصلحة عامة لأنك تؤذي الشخص بفعلك هذا، والأفضل أن تُقنعه وتصل لنقطةٍ تتفق بوصلتك وبوصلته بها. وأما التساؤل الثاني كيف تثق في بوصلتك وأنه لم يتم التلاعب بك أيضًا كالعديد ممن حولك؟ فهذا يعود إليك، حدد معاييرك ومبادئك لحماية نفسك من أي مؤثرٍ خارجي يمكن أن يدمرها.
نحن البشر بطبيعتنا نضع المشاعر في عين الاعتبار دائمًا، وشخصية المرء متكونة من أفكاره ومشاعره، لذا بطبيعة الحال باختلاف الأفكار والمشاعر التي لدى كل شخص ستختلف البوصلة من شخصٍ لآخر؛ لذا لا يمكن أبدًا الجزم بأن ما هو جيدٌ بالنسبة لك جيد بالنسبة لغيرك، إلا إذا كانت معايير ومبادئ عالمية أو محددة كما حددها الدين.
دعني أسألك إذن كيف تتعامل مع اختلاف الناس من حولك؟ ورجاءً لا تقل لي بأنك من الأشخاص الذين يعني الاختلاف لديهم أن يحتقروا من حولهم ويسيئون إليهم، إذا لم تكن منهم فأنا ممتنة وبشدةٍ لك، وأشكرك لعملك الجميل وأتمنى أن تستمر على كونك شخص جيد كما أنت.
الآن أخبرك بأنه كما تتعامل من حولك بالرغم من اختلافهم بشكلٍ جيدٍ وحسن، كذلك تعامل مع اختلاف البوصلات، لا بد لك من أن تتفهّم الاختلاف الذي بينكم وتسعى للوصول لنقطةٍ تتفق كل من بوصلتك وبوصلة غيرك إلى حلٍ مشترك.
البوصلة هي الأخلاق، هي المبادئ والمعايير التي بدونها لما كان الكون كما هو اليوم. تخيل بيتك بلا أركان، أول ما سيحدث هو سقوطه وتحوله إلى مجرد لا شيء، بالضبط هذا ما سيحدث هنا. بلا بوصلة تحدد لك ماذا تريد في الحياة وماذا عليك أن تفعل فأنت فقط تضيع وقتك وتشعر بالفراغ وبأنك بلا أي فائدة. البوصلة شيء لا بد من وجوده في حياتك. ولأهميته أنا أتحدث عنه الآن.
ختامًا: الشيء الأجمل في البوصلة هو أنك تستطيع أن تغيرها إن حاولت، تستطيع أن تبني واحدةً جديدةً تساعدك لتصل إلى وجهتك بسلام. لذا ألقِ نظرةً على بوصلتك الآن، وإن كان الغبار يملأها فامسحه عنها وأعِد ضبطها لتعيد ضبط حياتك.
مرحباً!
اكتملت 10 مقالات، ويبدو أن الفرصة قد حانت لنكون أصدقاء! عليك التسجيل وعلينا توفير تجربة قراءة فريدة.
add تابِعني remove_red_eye 4,026
زد
زد
اختيارات
معلومات
تواصل
الإبلاغ عن مشكلة جميع الحقوق محفوظة لزد 2014 - 2025 ©
مرحباً!
اكتملت 10 مقالات، ويبدو أن الفرصة قد حانت لنكون أصدقاء! عليك التسجيل وعلينا توفير تجربة قراءة فريدة.
المنزل والأسرة
المال والأعمال
الصحة واللياقة
العلوم والتعليم
الفنون والترفيه
أعمال الإنترنت
السفر والسياحة
الحاسوب والاتصالات
مملكة المطبخ
التسوق والمتاجر
العمل الخيري
الموضة والأزياء
التفضيل
لا تكن مجرد قارئ! close
كن قارئ زد واحصل على محتوى مخصص لك ولاهتماماتك عبر التسجيل مجاناً.
link https://ziid.net/?p=35652