خدعة حظك اليوم
الأبراج التي نقرأها لنعرف توقعات يومنا أو تحليل الشخصية هل هي حقيقة علمية أم أنها لعبة نفسية نصدقها رغبة منا في الأمل
add تابِعني remove_red_eye 61,969
علاقتي بالأبراج قديمة جدًّا، منذ أن كنت في الابتدائية وجدت يومًا جريدة، في صفحتها الأخيرة مجموعة من الصور، لقد كانت لأسد وثور وجدي وبعض الرموز الأخرى، سألت أختي المهتمة بحلّ الكلمات المتقاطعة فأجابتني باقتضاب: (باب حظك اليوم)، وقبل أن أسأل ماذا يعني رفعت رأسها وأجابتني عن حكاية الأبراج، تلك الحكاية التي تعجبت منها، فكيف تتحكم الأبراج في مصير يومي، أو أسبوعي أو عامي، كيف أتمكن من الثقة فيه والاعتماد عليها؟
لكنني كبرت وتغيرت الأيام وأصبحت أحب أن أرى توقعات الأبراج من باب تضييع الوقت أو جلب الضحك أو حتى الاستبشار بما تحتويه أحيانًا.
وبعدها عرفت عن قراءة الفنجان، عن طريق صديقتي في الجامعة التي أخبرتني والقلق يكسو ملامحها “ستصلين إلى ما تريدينه، لكن بعد الكثير من التعب”، أرتني قناة متعرجة صنعها البن على حافة الفنجان فقلت: ما هذا؟ فأخبرتني أن طريقي الذي يمتلأ بالعواقب والمصاعب، مع أن الناس جميعهم تقابلهم العواقب والمصاعب، إنه كلام عامّ قد يصلح للجميع، ولكن بنبرتها ونظرتها وهشاشتي حينها، اتخذت كلماتها نبراسًا، بل ربما صنعت رأسي الحواجز ذات يوم، كل شيء أهّلني لأدخل في تصديق الكلمات عن حظي في الحياة، ولكن هل الأبراج فعلًا هي ما تفعل ذلك؟ وهل الأبراج نجومًا في السماء فعلًا، وجودها هو فعلًا ما يتدخل في الحظ ويصنعه؟
- أربع أفكار تجعل الحظ صديقك!
- صناعة الحظ لم تعد سرا: كن محظوظا في أربع خطوات
- كيف سيلازمك الحظ ويكون رفيقك أينما ذهبت: المسئولية وسحرها
هل الأبراج حقيقة؟
بالطبع لا! إنها درب من التسلية والمرح ليس إلا، بل إنها تحمل الكثير من الشبهات الشرعية حول الاعتقاد فيها أو قراءتها أو العمل وَفْقَها، فهي منطقيًا وبلا أدلة شرعية، تحمل شبهة شِرْكِيَّة، لأنك حينما تعتقد أنها قادرة على النفع أو الضر، أو حتى التنبؤ، فإن ذلك يعني أنها شريكة للقدرة الإلهية، لأن علم الغيب مختصٌّ به الله تعالى وحده، لا أحد يمكنه التنبؤ به أو معرفته.
ما هي الأبراج؟
في العلم والفلك لا يوجد شيء اسمه أبراج، في مطلع العام نشر د/ عصام حجي تغريدة على حسابه الرسمي في موقع “تويتر” ونصُّها (كباحث علمي في مجال الفلك وعلوم الفضاء أحب أوضح أنه لا وجود لمفهوم الأبراج والحظ وليس للنجوم البعيدة والكواكب أي أثر على حياتك اليومية) فلا يوجد ما يبرهن على أن هناك مواقع حقيقية يتم رصدها بالأجهزة المستخدمة في الفلك من قبل العلماء، تدل على وجود الأبراج، أو تحديد موقعها، إنما هي معتقدات سالفة من حضارات قديمة، أولئك الذين كانوا يعتمدون على السحر، أو على القرابين التي تحميهم من شرور الطبيعة.
لكن لا وجود حقيقي لتلك الأشياء لذلك لا يمكننا إخضاعها حقيقة للتجريب العلمي، أو أي من المقاييس التي تفيدنا في التبيُّن من مدى صحتها أو عدمه، مما يُبنى عليه أننا لا يمكننا تصديقها.
منذ مدة مع تفشى وباء كورونا استضاف إعلامي مصري عرافة أو منجمة أو عالمة في الأبراج على حسب ما يسمونها، والتي كانت قد تنبأت بأحداث العام، مما أثار ضجة وتخبطًا من جميع الناس، ولكن ربما المصادفة هي من لعبت ذلك الدور وربما أمور أخرى تخفى علينا.
كيف تصفني الأبراج بهذا الدقة (تأثير بارنم)
تقول صديقة ما: لا أصدق في الأبراج ولكنها تصفني بدقة شديدة، وكأنني أقرأني، أنا عطوفة ومثابرة، وإلى غيره من الصفات، فكيف؟
يُنسب تأثير بارنم إلى منظم العروض الأمريكي “بي تي بارنوم” والذي كان يقول على المسرح أثناء تقديم عروضه الترفيهية (لدينا شيء لكل واحد من الجمهور) فنُسِبَ (تأثير فورير) إليه، لأنه يدور عن ذلك الشيء لكل واحد من الجمهور.
تأثير فورير: الظاهرة النفسية التي تدفع إلي تصديق المنجمين، والأبراج فيما يبثونه لك، أو الاختبارات النفسية التي تمتلئ بها صفحات الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، ألم تسأل نفسك كيف تعرفك تلك اللعبة أو ذلك التطبيق على فيسبوك؟ أو كيف وصفت شخصيتك بتلك الدقة؟ في الواقع هي لا تصف بدقة، ولا تفعل معجزة، أنت واقع فقط تحت تأثير ما يجعلك تصدقهم، أنك محتاج لأن تصدقهم، لأن تلك التحليلات تعتمد على تحليلات عامة وفضفاضة جدًّا يمكنها أن تنطبق على الكثير الكثير من الناس.
فربما بينما تبحث عن معلومات برج الحوت مثلًا، فتجده يكتب (إنه شخص كتوم ويميل للغموض) وأنت تبدأ التعرف إلى ذلك الشخص وبالطبع سيكون الجو ملبدًا ببعض الغموض، أو على الأقل قليلًا من التكتم، فسوف تسرع قائلًا: (يا له من تحليل حقيقي!).
وفورير هو عالم نفس لاحظ أن الناس يميلون إلى تصديق المنجمين، قام بتجربة على طلابه فأعطاهم اختبارًا للشخصية أجابوا عليه، وتجاهل إجاباتهم، ثم أعطاهم تحليلًا عامًّا يمكنه أن ينطبق على الكثير من الناس لأنه يحمل وجهين، مثل أنت اجتماعي وأحيانًا تكون غامضًا. وطلب منهم إعطاء علامات لهذا التقييم بين (0 :5) فالرقم (5) يعني أن تقييم الشخصية كان ممتازا، والرقم (4) يعني أن التقييم كان مطابقا للشخصية بدرجة أقل من الأولى وهكذا. فكان متوسط الدرجات المحصل عليها في القسم هو 4,26 في عام 1948م. وأعيد الاختبار مئات المرات مع طلاب علم النفس وكان المعدل دائما يقارب 4.2.
الانحياز التأكيدي والأبراج
ويتدخل مع تأثير بارنوم في بعض الأحيان عامل آخر وهو الانحياز التأكيدي: أن يميل للفرد للبحث عن وتفسير وتذكر المعلومة بطريقة تتوافق مع معتقداته وافتراضاته، بينما لا يولي انتباهًا مماثلًا للمعلومات المناقضة لها%0A&&url=https://ziid.net/?p=57954&via=ziidnet">الانحياز التأكيدي: أن يميل للفرد للبحث عن وتفسير وتذكر المعلومة بطريقة تتوافق مع معتقداته وافتراضاته، بينما لا يولي انتباهًا مماثلًا للمعلومات المناقضة لها. وهو نوع من الانحياز المعرفي والخطأ في الاستقراء ويكون تأثيره أقوى في تلك الأمور التي تحكمها المشاعر أو العواطف.
فمثلًا: إذا كنت في صدد الوقوع بحب شخص من برج الأسد، ستميل لتصديق أن أصحاب هذا البرج عاطفيون وممتلئون بالحب، ولكن إذا كان مديرك المتسلط من برج الأسد ستصدق أن أصحاب ذلك البرج متسلطون وقادة بلا قلوب رحيمة!
ماذا قالوا عن الأبراج؟
حينما سألت البعض عنها جاءتني الإجابات
هالة (27) عامًا معلمة: (أحيانًا تكون صادقة بشأن صفات الأشخاص وأحيانًا لا، لكن في المجمل لا تصدقها).
رهام (23) عامًا خريجة: (لا أحبها، أشعر أنها من قبيل الدجل والشعوذة، حتى أولئك الذين يزعمون بمعرفتهم لها لا أرتاح لهم).
وفاء (25) عامًا معلمة: (لا يعلم الغيب سوى الله، فلا أحبها ولا أصدقها).
هديل (34) عامًا معلمة: (لا أصدقها، بل أقرؤها كتسلية، في الحقيقة لا يحمل أصحاب نفس البرج نفس الصفات دائمًا، كما لا أصدق الادعاءات عن توافق الأبراج مع بعضها البعض).
إيمان (23) عامًا خريجة: (كنت في بادئ الأمر أتابعها بدافع الفضول، ولكنني حينما عرفت أنها محرمة شرعًا، كففت عن متابعتها)
وأنت عزيزي القارئ: هل ما زلت تصدقها، أما أنك ستعيد التفكير في الأمر؟
add تابِعني remove_red_eye 61,969
إذا كنت من أولئك الذي لا يمر يومهم دون تصفح الأبراج ويعتمدون عليها لتحليل شخصياتهم،إليك هذا المقال
link https://ziid.net/?p=57954