أنت مخير ومسير؟ إجابة السؤال المحيّر من وجهة نظر د.بشير الرشيدي
أنت المخلوق الوحيد الذي يملك حق الاختيار لكل شيء يريده، اعرف كيف يتكون سلوكك حتى تستطيع أن تتحكم فيه.. وتتحرر
add تابِعني remove_red_eye 102,580
يستحيل أن يكون هنالك اختيار دون عقل هكذا يرى أرسطو ويقول: “إن الأصل في الفعل هو الاختيار، والأصل في الاختيار هو الرغبة والمنطق، والفعل الجيد ومضاده لا يمكن أن يتواجدا من دون وجود مزيج من التفكير والشخصية”. وفي الدين الإسلامي لا تكليف على غير العاقل.
عربيًّا يعتبر د.بشير صالح الرشيدي المتخصص في علم النفس أول من كتب في نظرية الاختيار لـ “ويليام جلاسر” ولديه أكثر من ثلاثين مؤلفًا حول هذه النظرية، ولقد قدّمها بطريقة مبسطة للناس حتى يتم الاستفادة منها في الحياة اليومية ومن بين المواضيع التي قدّم فيها هذه النظرية كان “قوة الاختيار”. وضحها من خلال عملية تدويرية، تبدأ هذه الدورة بقوة اختيارك، وتنتهي إليه. وهي: قوة الاختيار، فضبط الانفعالات، فحلّ المشكلات، فصناعة القرار.
كيف تختار؟
يذكر بأن هنالك 3 قواعد تتحكم في عملية الاختيار وهي:
1- المسؤولية
بمعنى أنك مسؤول عن اختيارك، ومحاسب على سلوكك دون أن تتخذ من الظروف الخارجية عذرًا.
2- الواقعية
وهي الخبرات الحقيقية بحيث تكون واضحًا في ذهنك بين ما تريد وما هو واقع بلا مثالية وخيال إذا كان ممكن وتعرف كيف تحقق ما تريد سيكون فعليًّا.
3- الصواب
لابد أن تعرف ما تختار من سلوك هل هو صواب أم خطأ والمعيار أن يكون القرار مناسب لك لذا عليك النظر لكل أمر تختاره سائلًا نفسك هل هذا سينفعني أم سيضرني؟
كيف تعرف مدى قدرتك على الاختيار؟
وبإمكانك أن تعرف مدى قوة اختيارك من خلال مدى تقديرك لذاتك، ووجود غايات لحياتك واضحة، وكتابتك لإنجازاتك، وفي حال ظرف خارجي تتماسك وتكون قويًّا من الداخل، وتستطيع أن تغير مشاعرك من سلبية إلى إيجابية متى ما أردت كل هذا إشارات تستدل بها على معرفة قوة الاختيار لديك.
أنت مخير ومسير
يوضح الرشيدي بأن الإنسان مخير إلا في الحياة والموت، ولنا في قصة أبو البشر أسوة، آدم -عليه السلام- كان مخيرًا ولكن إبليس حاول أن يقنعه، وأن تقتنع بفكرة هذا اختيارك أنت. فأنت مخيّر فيما يخص كيانك وأما بالنسبة للكون فأنت مسير فيه مثل الطقس ومن هم حولك “كل ما هو آتٍ أنت مخير فيه، وكل ما فات أنت مسير فيه”.
افهم أفكارك، وأحسن اختيارها
ويذكر الرشيدي بأن الاختيار يبدأ من اختيار الأفكار والفكرة التي في بالك هي الصورة الذهنية فإذا أردت الشقاء فكر فيما ينقصك، وفي عيوبك، وذنوبك.. وستشقى حتمًا ولكن أن أردت أن تسعد عليك أن ترى نعم الله عليك، وتفكر بإيجابية. وحياتك بشكل عام نتاج لأفكارك إذا تحكمت في الفكرة تحكمت بحياتك فتصبح حياتك سهلة وطيبة. ومن يتحكم بحياته يستمتع بها بغض النظر عن الظروف.
كيف يتكون السلوك الإنساني؟
كل ما يقوم به الإنسان داخليًّا أو خارجيًّا هو السلوك، وكل سلوك تقوم به خلفه صوره دهنية إذا عملت على تغييرها استطعت أن تغير السلوك إلى ما اخترت بهذا أنت الذي تختار. ويتكون السلوك من أربعة عناصر وهي:
1. الجسدية: ما يجري في الجسد من عمليات مثل النبض.
2. الفكرية: ما يجري من تصورات أو تفسيرات عقلية.
3. الانفعالية: وهي تلك المشاعر التي تخرج في صورة من الصور.
4. الحركية: وهي كل ما يقوم به الإنسان من حديث، أو ركض، أو رياضة، أو صلاة، أو قراءة. أو غيرها. وقد يسيطر أحد العناصر على البقية مثل إذا كنت خائفًا فسلوكك يقاد بواسطة الانفعال فهو المسيطر في هذه الحالة. “أيّ فكرة تضعها في عقلك هي التي ستُسيرك”.
دور الصورة الذهنية في عملية الاختيار
الصورة الذهنية مهمة لأنها تشكل السلوك، وتحدد القرار، وتفجر الانفعال والتحكم، وبها يضبط السلوك. وتلتقط هذه الصور الذهنية من خلال القصص، والثقافة، والنماذج البشرية، والابداع، والتقاليد. فكل شيء تتلقاه بالحواس الخمس وأي فكرة تضعها في عقلك يُعد مصدرًا للصورة الذهنية علمًا بأنك تستطيع التحكم بالصورة من خلال تبديلها أو تحويرها أو تثبيتها.
فاختار صور دهنية مناسبة للسلوك الذي تريد، ولالتقاط الصورة الذهنية أَثَرٌ على كيانك فكل صورة تدلّ على نقص في إحدى حاجات الإنسان الخمس وهي الحاجة الى البقاء، أو القوة، أو الانتماء، أو الحرية، أو الترويح. فيحصل الاختلال في السلوك الانساني ويأخذ مظاهر متعددة إما أن تكون جسدية مثل تقلصات في المعدة، أو فكرية مثل النسيان، أو انفعالية مثل الغضب وهكذا.
طريقتين لتغيير السلوك، والتحرر
الأولى: من خلال تغيير الصورة الذهنية للسلوك.
الثانية: من خلال تغيير أحد عناصر السلوك يتغير السلوك (التحكم في العنصر المسيطر).
وتستطيع أن تطبق هذه الطريقة على أيّ مشكلة وسلوك تريد تغييره.
أمثلة:
- التدخين سلوك وفي نفس الوقت مشكلة والصورة الذهنية لهذا السلوك المتعة فحتى تقلع عن التدخين عليك أن تغير الصورة الذهنية من متعة إلى مرض.
- تريد دخلًا أكبر مشكلة تعاني منها الصورة الذهنية لديك (العين بصيرة واليد قصيرة) غير هذه الصورة إلى أزيد إمكانياتي وأقلل رغباتي.
- حزين بسبب فقدانك أحدهم؟ العنصر المسيطر هنا هو الانفعال في حال تحركت رسمت، أو كتبت، أو مارست رياضة، أو صلاة.. وغيرها فعل هذه الأمور أثناء سيطرة السلوك الانفعالي يؤدي إلى تراجعه عن السيطرة أيْ تنتقل السيطرة من العنصر الانفعالي إلى العنصر الحركي، وأنت مخير في تغيير العنصر الذي يقود بقية عناصر السلوك الإنساني وهنا تكمن قوتك.
اضبط انفعالك
الانفعالات تلقائية واختيارية، وتكون تلقائية من خلال البرمجة الانفعالية والصور الدهنية التي يتعلمها الإنسان، وتكون اختيارية من خلال تفعيل قوة الاختيار. أيْ أنت تختار انفعالك، وهنالك نصّ نبويّ يدعم ذلك وهو: “أن رجلًا قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أوصني، قال: ((لا تغضب))، فردّد مرارًا، قال: [لا تغضب].
للإنسان قدرة على اختيار ما يشاء في حياته سواء مساراته أو علاقاته أو انفعالاته كالتوتر والخوف. فلا أحد يستطيع أن يعكر مزاجك إلا بإرادتك واختيارك وإن حدث فهذا يعود لجهلك بقوتك وقدرتك على اختيار انفعالاتك أو بعدم التدّرب الكافي حتى تتحكم في هذه الانفعالات.
كيف تفكّ البرمجة الانفعالية؟
من خلال الفصل بين الحدث والاستجابة، أي حدث يحدث لك اعلم بأن له وجهين واستجابتك هي الانفعال. حينها تذكر هذه العبارة (أنا اخترت هذا الانفعال) بهذا أنت اخترت أن تتحمل مسؤولية الاستجابة، ثم تحرك كل الانفعالات تنحل بالحركة من خلالها يتم تفريغ الشحنات وهذا توجيه نبوي عنه -صلى الله عليه وسلم-: “إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع”، ثم اجعل هنالك حوارًا مع ذاتك (هل انفعالي ضار أم لا؟).. وتذكر بأن هنالك ضررًا على صحتك سلبيًّا مثل: القولون والضغط والسكر..وغيرها، أيضًا تصنع السعادة فتوقعك واقعك، ثم التسجيل.
وتتثبت البرمجة الانفعالية الجديدة من خلال الوعي بعناصر الحدث، وتحمل مسؤولية الانفعال، والحركة، والحوار مع الذات أمام المرآة وهو حوار إيجابيّ تذكر فيه النِّعم ممتنًا ومن العبارات التي ممكن أن تستخدمها في الحديث مع الذات (سأحرص على التزام الكلمة الطيبة)، والتسجيل بمعنى أن تسجل مظاهر النجاح في الاختيارات السلوكية الجديدة.
ستة لاءات لقوة الاختيار
- لا تقارن نفسك بالآخرين، فالمقارنة هدم للذات، وإجرام. قارن نفسك مع نفسك قبل وبعد فنفسك هي المعيار، بهذا الاختيار تسعد.
- لا تقبل أيّ فكرة مدمرة حتى لو كانت صحيحة، مثلاً: إذا أردت أن تستمتع برحلة جوية، ولديك خوف من الطائرات أخبر نفسك بأنه لا يوجد طائرة تسقط أبدًا، تبنّى هذه الفكرة، وستسعد برحلتك.
- لا تسمع أغاني حزينة فالأغنية تعمل على ترسيخ صورة ذهنية تبقى معك.
- لا تدخل مواقع تنشر مشاهد قتل وتعذيب، ولا تراها.
- لا تخبر أحد عن صفاته السلبية، وخالق الناس بخلق حسن.
- لا تَلُمْ ماضيك ولا أحدًا، أنت المسؤول عن قدراتك وتنميتها، وحماية ذاتك من علاقاتك وانفعالاتك.
وأخيرًا، يرى الرشيدي بأن هذه النظرية تُبصرك بسلوكك وتفاعلك وانفعالاتك، وتعطيك بصيرة على كيفية التعامل مع ذاتك التي بمعرفتك بها ستستمع بحياتك، وستستطيع إدامة علاقاتك، وتحقيق غاياتك.
add تابِعني remove_red_eye 102,580
مقال يناقش نظرية الاختيار من وجهة نظر الدكتور بشير الرشيدي
link https://ziid.net/?p=62301