٦ خطوات لتحويل حوادث الفشل إلى فرص: قصة لوكيرت
قد يتعرض الإنسان إلى أزمة ما فيتصور أنها نهاية العالم ، تعلم أن تنهض دائمًا وتنفض عنك غبار الحزن وتبدأ من جديد ولا تيأس أبدًا
add تابِعني remove_red_eye 5,200
عانت ميلاني لوكيرت بعد فترة وجيزة من حصولها على درجة الماجستير من جامعة نيويورك خلال الركود الاقتصادي الذي عانى منه ملايين المتخرجين حديثاً، ذلك أنها تعاني من ثقل ديون الدراسة بما يقارب المئة ألف دولار مع الفائدة وتعمل بوظيفة براتب اثني عشر دولاراً في الساعة.
قالت السيدة لوكيرت :”أعتقد أن العديد منا قد قيل لهم: عليهم أن يلتحقوا بمدارس ممتازة، ويبلوا بلاء حسناً ويعملوا بجد ليستطيعوا إيجاد وظيفة بسهولة”، “لسوء الحظ، إن هذا ليس صحيحاً في عالم ما بعد الركود، وحتى الآن فإنه من الصعب الحصول على وظيفة دون شهادة جامعية”.
اعتمدت السيدة لوكيرت في أحلك الأوقات على قسائم شراء الطعام(1) وعاشت بدون تأمين صحي، ولكنها استطاعت سداد ديونها بعد ثلاث سنوات من الاقتصاد في الميزانية والتدبير، واختصرت الطريق على غيرها؛ فلقد دونت عن تجربتها لتظل على هذا المسار، فهي لم تنجح فقط بالوقوف على قدميها من جديد؛ بل غيرت من منظورها وسلوكها تجاه المال كلياً، ومن ثم استخدمت ما تعلمته لمساعدة الاخرين ممن يعانون من ثقل الديون.
وقالت: “عثر الناس على مدونتي وبدأوا بمراسلتي أسبوعياً بالبريد الإلكتروني وهم فاقدو الأمل في إيجاد الحلول”، “فراسلتهم بالرد عليهم وقدمت لهم الوسائل والدعم قدر استطاعتي”.
إن قصة السيده لوكيرت، تُعد مثالاً رائعاً بتكيفها مع الظروف، بل إن هذا النوع من التكيف يغير من شخصيتك ويجعلك تنضج وتزداد حكمة، وهو ما أطلقت عليه الكاتبتان ستيفاني وإيما مارستون “القدرة على التأقلم”، ففي كتابهما: “تايب آر (النوعية آر): القدرة على التأقلم للازدهار في عالم مضطرب”، قد ناقَشَتَا أن الطريقة التي نفكر بها عادة عن التكيف هي أن “التخلف الرجعي” لن يقودنا إلى شيء، لذا بدلاً من ذلك نستطيع أن نستخدم عقباتنا كفرص لتحسين عملنا ولنؤثر إيجابياً بالعالم من حولنا.
تقول الطبيبة النفسية ستيفاني مارستون “في مرحلة ما -وبغض النظر عن خلفياتنا الاجتماعية والاقتصادية وأعمارنا وظروفنا- فإن جميعنا سيمر بظروف صعبة”.
إذن، كيف نستغل الظروف الصعبة لصالحنا؟
إذا كان التكيف هو قدرتك على تجاوز العقبات رغم الظروف، فإن القدرة على التأقلم هي قدرتك على التطور بسبب هذه العقبة، فببساطة لو أن السيدة لوكيرت استطاعت فقط أن تقف على قدميها بعد أن أنهكها ثقل الدَيْن دون أن تتعلم الدرس الحاسم الذي تعلمته، لكانت وقعت بنفس الخطأ مرة أخرى دون أن تأخذ بعين الاعتبار ما الذي كان ينبغي أن يكون مختلفاً.
بعد مقابلة المئات من الناس المشابهين لحالة السيدة لوكيرت خلال السنوات الثلاثين الماضية، وبعد دراسة هذه الظاهرة مع ابنتيها ستيفاني مارستون وإيما، فقد اكتشفوا أن الناس عادة ما يواجهون ست مراحل مختلفة لتحويل حالات الضيق والنكوص الى فرصة للتطور والنضج، هذه المراحل تنطبق على المجموعات والمنظمات والأسر والمجتمعات بالإضافة أيضاً إلى الأفراد.
المرحلة الأولى: أنت في منطقة راحتك
وسيكون هناك هدوء يسبق العاصفة بالطبع. كَتبت المؤلفتان “إننا جميعنا نحاول أن نجد مكاننا في هذا العالم”، “ونثبت ذواتنا بما أسسناه من كيان وأنظمة، بدءًا من ألقابنا الوظيفية وإنجازاتنا، إلى شراكاتِنا وعائلاتنا، والمنازل التي نسكنها.”
هذه الأنظمة تسمح لنا بأن نعمل دون التفكير بعاداتنا اليومية وقراراتنا، حيث نشعر بالأمن والأمان تجاه هذه الأنظمة وهذا الكيان، ورغم أن رؤساء الأعمال وخبراء الإنتاج قد ينتقدون منطقة الراحة، إلا أن الأمر ليس سيئاً على الإطلاق.
اكتشف رائدا البحث وعالما النفس روبرت يركيس وجون دودسون أن مستوى معينا من الراحة والألفة يتيح لنا الوصول إلى أعلى مستويات الأداء، فبطريقة ما، يمكن لمناطق الراحة أن تعطينا الطاقة التي نحتاجها لمواجهة العالم، ومع ذلك فقد نضطر في مرحلة ما للخروج منها، وهذا أيضا لا يعد دائماً بالأمر السيء.
المرحلة الثانية: تواجه اضطراباً
سواء أكانت مشكلة صحية أو حادثاً أو مجرد إدراك مخيف بأن عليك سداد دين هائل، تقول ستيفاني مارستون: “عندما يحدث هذا الاضطراب، ستتساءل وقتها عن كل شيء”، سيتحطم كل ما هو مألوف لدينا ولن يعود بإمكاننا الاعتماد على الواقع الذي بنيناه لأنفسنا. تقول السيده لوكيرت: “بالنسبة لي، فقد أتتني تلك اللحظة في الوقت الذي لم أعد فيه قادرة على تحمل نفقة العيش في نيويورك، حيث كانت ديوني تؤثر على خياراتي وعملي وعلاقاتي وكل جانب من جوانب حياتي”.
لاحقاً، خلال عملية القدرة على التأقلم، ستتعلم أن تجد الفرصة داخل هذا الاضطراب، حيث أن ذلك شبه مستحيل في هذه المرحلة لانشغالك بمواجهة الذعر والخوف، وقد اقترحت السيدة مارستون التركيز في هذه المرحلة على الدعم الخارجي. تقول “غالبا ما ينعدم منظورنا عندما نكون في وسط الشيء، لذا نحتاج لمنظور أصدقائنا وعائلتنا وزملائنا”.
المرحلة الثالثة: أنت في وسط الفوضى
تقول السيدة مارستون بعد حدوث هذا التعطل، ستتبعه هذه الفوضى بينما تكافح أنت لاستيعاب واقعك المحطم، وخلال هذه المرحلة قد يجد بعض الناس أنفسهم يمرون بحالة إنكار للواقع، وقد أكدت السيدة لوكيرت هذا من خلال تجربتها الشخصية. حيث تقول: “قد يكون العيش في حالة الإنكار مريحاً لكنك لن تستطيع الاستمرار فيها طويلاً”، “لأنه لا فرار من الواقع الحقيقي”. وتقول السيدة مارستون أن الافراد خلال هذه المرحلة يمرون بحزن بالغ وكأنهم على مشارف الموت.
وتسترسل في حديثها قائلة: “خلال هذه المرحلة ستضطر إلى أن تركز على الحلول، وبقدر ما هو صعب الشعور بالشفقة على الذات، إلا أنه أمر حتمي في هذه النقطة”. وتقول: “غالباً ما نقسو ونلوم أنفسنا كثيراً”، “يغيب عن بالنا إدراك أنه مهما بلغت صعوبة هذا الأمر إلا أنه لن يدوم الى الأبد، أعتقد أن هذا الأمر كثيراً ما يضيع الناس عنه”.
وأضافت: “ما يجول في ذهنهم هو “لقد خسرت ما لدي وخسرت كل شيء ومعظم الأشياء التي أعرفها وها أنا الآن في وضع لا أحسد عليه”. إن التفكير بشيء كهذا قد يجعلك تفقد السيطرة بسهولة، حيث تجعلك تشكك بكل شيء في محيطك، فمن المهم في هذه المرحلة أن تركز على ما هو حقيقي وليس على ما تتوهم، وأكرر أن الدعم الخارجي من الأصدقاء والعائلة سيعطي منظوراً واقعياً خلال أوقات الفوضى.
المرحلة الرابعة: ظهور المُحفِّز
في مرحلة ما خلال عملية تحول الحال، سيأتيك إلهام مفاجئ: سواء أكانت فكرة أو منظور جديد، سيساعدك بالبدء بعملية تحويل لوضعك، وقد ظهر محفز للسيدة لوكيرت عندما اكتشفت أن القراء وجدوا مدونتها عن طريق بحثهم من خلال قوقل عن “أريد أن أقتل نفسي بسبب الديون”. تقول السيدة لوكيرت “لقد آلمني ذلك كثيراً”، “فقد قام جدي بالانتحار ولم تسنح لي الفرصة لمقابلته، وتسبب هذا بالكثير من الألم والحزن لوالدتي فقد قُطِعَ جزء من تاريخ عائلتي، لقد كان لي نصيب أيضاً من الاكتئاب والتفكير بالانتحار لذا أستطيع فهم ما يمرون به”، ويظهر هذا المحفز عادة بشكل طبيعي نظراً لهذه الأحداث.
تقول السيدة مارستون “لا أعتقد أنه شيء يجري بالإكراه، فهناك حس من الاستسلام يتعلق بهذه العملية، أحياناً قد يأخذ أياماً أو شهوراً وحتى سنوات لتستعيد صفاءك الذهني”، وتضيف قائلة: “معظم الحالات التي قمت بدراستها، ظهر المحفز بشكل طبيعي حالما تقبَّلَ الفرد هذه الفوضى ووجد القوة لاستعادة منظوره السليم”.
تقول السيدة مارستون “أحب ذلك الاقتباس الذي كتبه الباحث جوزيف كامبل، فقد قال: “يجب أن نتخلى عن الحياة التي خططناها حتى نتقبل تلك الحياة التي تنتظرنا”.
المرحلة الخامسة: ستتجه نحو شيء جديد
باكتسابك منظوراً جديداً، ستستطيع البدء بالتوجه نحو واقع جديد، حيث تتعرف على هويتك ومكانك فيه، فبالنسبة للسيدة لوكيرت، حصل لها ذلك عن طريق مراسلة قرائها بالبريد الإلكتروني ومقابلتهم شخصياً، بالإضافة إلى أنها أصبحت مناصرة في جهود منع الانتحار، تقول السيدة لوكيرت: “كتبت خطاباً افتتاحياً لقرائي قائلة لهم: “ديونكم أو مشاكلكم لا تحدد مصيركم فهي ليست عقوبة بالإعدام”، “وبدأ العديد من الناس بارتياد مدونتي تلقائياً عند بحثهم عن الانتحار والديون”.
خلال هذه المرحلة، قد تتعلم مهارات جديدة أو تستكشف فرصا وظيفية مختلفة أو تقوم بتجربة نشاطات أخرى من شأنها أن تجعلك تتعدى منطقة راحتك السابقة وتعيد تشكيل مكانك في العالم. تقول السيدة مارستون: “قد لا نستطيع تغيير الظروف التي نجد أنفسنا فيها ولكن نستطيع أن نتحكم في الطريقة التي نتعامل فيها مع هذه الظروف”، “وهذا هو جوهر وأساس نوعية التفكير التي في كتاب (تايب آر)، حيث يغير من فكرنا لنستطيع النظر إلى التحديات كفُرص”.
المرحلة السادسة: تصبح مرتاحاً مع هذا التغير
بعد أن تجرّب هويتك وواقعك الجديد ستصل لمرحلة حيث تكون فيها على ما يرام مع تغير كل شيء من حولك، كتبت الأختان مارستون: “على الرغم من أن قيمنا الأساسية ستظل كما هي، إلا أن التجديد سيتضمن مفاهيما ومعتقدات جديدة وسلوكا جديدا وفوق كل هذا هويات جديدة”. يوضح الكتاب كيف أن أثر القدرة على التأقلم يتعدى التجربة التي مررنا بها كأفراد وينتقل بشكل مثالي إلى من هم حولنا، فبعد الفوضى سنشعر بدافع للمساهمة بتقليل الفوضى في هذا العالم، وتؤكد السيدة لوكيرت أيضاً صحة هذا الجزء من العملية.
حيث تقول: “لقد عرفت كم هو مرعب شعور عدم الرغبة بالاستيقاظ صباحاً”، “ولكن عندما تقوم بتوسيع نطاق رؤيتك للعالم، وتنشئ أفكاراً جديدة حول ما تستطيع القيام به فستتغير حياتك كلياً، لقد غيَّر هذا من حياتي؛ لذا أردت مساعدة الآخرين”.
(1) قسائم شراء الطعام: هي قسائم تصدر من الحكومة لذوي الدخل المحدود ويتم استبدالها بالطعام [المترجمة].
add تابِعني remove_red_eye 5,200
مقال مميز يخبرك كيف يمكنك أن تحول أزماتك إلى نقاط قوة وتغير حقيقي في حياتك
link https://ziid.net/?p=16987