أهم الدروس التي استفدتها من عام الجائحة
عام لن ينساهُ أحد ،مؤكد تعلمنا جميعًا فيها دُروس الحياة. دروس أثرت فينا وزادت من خبراتنا ومن كل أنواع مشاعرنا
add تابِعني remove_red_eye 38,075
عام حُفر في أذهان الجميع، كشف عن النفوس أمام أنفسها وأمام الجميع، كان بالنسبة للبعض عامًا مؤلمًا بالمرض، وآخرون اعتبروه سيئًا تأثُرًا باحتياطات الوقاية، وعلى العكس يوجد من رأى أنه أعاد للحياة قيمتها وزاد الرضا في نفسه بتقديره للنعم التي اعتاد عليها، وهناك من تسبب المرض في غلق عمله ولكن عقله يبحث عن الفرص، فوجد مجالات جديدة لم يدركها من قبل فكانت بداية أفضل له.
وبالنسبة لي منَّ الله عليّ في ذلك العام بتواجدي في مجتمع تعليمي على الإنترنت مع بداية العزل المنزلي، جعل تلك السنة أفضل سنة في حياتي، هو مجتمع المعرفة التطبيقية الذي يعتمد على تطبيق المحتوى واستيعابه بعمق وليس مجرد تلقين، ويعتمد على تقديم بيئة الدعم التي تحتاجها، فهم يسيرون بخطى مدروسة، اليوم سأشارككم ما تعلمته في هذا العام بفضلهم وأيضًا دروسًا بسبب كورونا.
سحر بيئة الدعم:
الأشخاص المحيطون بك يؤثرون عليك رغمًا عنك، فهو جزء من طبيعتنا وقدرتنا على التعلم والنمو، ولذلك يجب علي اختيار البيئة التي تدعمني في أي اتجاه أريد الاستمرار فيه، ووجودي في بيئة تشبهني فكرًا وقيمة يوفر علي الكثير من الجهد الذي قد أبذله للتمسك بقيَمي وأفكاري وسط بيئة مُختلفة، أفضل ما تعلمته أن أضع نفسي في بيئة تسهل عليّ فعل الصواب، وتصعب عليّ فعل الخطأ، فإذا كنت تريد أن تمنع النميمة، فجلوسك مع صحبة في أغلب حديثها تنمّ وتتنمر على الجميع سيجعلك تجاهد نفسك ويسلب ذلك طاقة منك، والعكس صحيح.
النجاح قد يكون هروبًا
يمكن أن تنجح في مجال ما نجاحا كبيرًا، ويكون سبب سعادة مزيفة لأن ذلك النجاح كان مُسكنًا لألم الفشل في جانب آخر من حياتك، كالذي يفشل في حياته الأسرية فيوجه تركيزه للنجاح في العمل، وقد يزيد هروبه إلى أن يصبح مدمنًا على العمل، وما تعلمته أن أركز في اختياراتي، وأسال نفسي هل هو ما أريده فعلًا أم أهرب من شيء ما؟
العمل الجماعي
تعلمت أن العمل في جماعة داعمة أفضل، فيسهل عليك كل ما يصعب عليك أداؤه، فالفريق يشجعك لتجد نفسك تتحرك بقوة الدفع الجماعي دون أن تشعر، تجد نفسك تنجز مهامك، وتعلمت أن التفكير مع مجموعة واعية في جلسة واحدة يقدر أن يوصلني لخبرة قد أكتسبها في سنوات، فتبادل الخبرات يوسع الرؤية التي لا تصل لها إلا بالخبرة والتجارب.
معنى الخبير الحقيقي
ليس كل شخص يلمع ذو كاريزما عالية لديه خبرة حقيقية، فقد يكون بارعًا في الاستعراض ومُفوهًا فيقدر على إقناع الكثير به، الخبير الحقيقي ليس بعدد السنين فقد تكون سنين طويلة بمعلومات مكررة ولا يضيف لعلمه الجديد، الخبير الحقيقي بعدد الساعات التي يقضيها يوميًّا في التعلم العميق، فلا يقل عن ٨ ساعات لمدة خمسة سنوات، وكلما قلت الساعات زادت السنوات، وبالطبع الخبير بنتائج ودلائل خبرته الملموسة في مجال خبرته، فلا تُغريك الألقاب وعدد الشهادات، أهم شيء النتائج والأثر الطيب.
ما تعلمت من كورونا
المنحة في جوف المحنة
جائحة كورونا في الظاهر محنة والحقيقة بعد سماع قصص عمن أصابتهم العدوى وجدت أن بها منحة وكرم، يقولون بعد تعافيهم أنه رغم الألم النفسي إلا أنهم أصبحوا يشعرون بقيمة الحياة ووجدوا معنى لها، فشعور الرضا لوجودهم وسط عائلاتِهم بصحة جيدة، أصبح سببًا كافيًا للسعادة.
لا ملجأ سوى الله
تركنا الحياة تلهينا عن هدفنا الأساسي، عبادة الله وتعمير الأرض، وجاءت كورونا لتذكرنا بالتقرب للّه والاهتمام بجودة العلاقة مع الله، ففيها القوة والعزم والصبر، وقوة الإيمان التي تهون كل صعب.
أنا مسؤولة
رفعت لدي الوعي بمسؤوليتي عن صحة من حولي، فكان واجبًا على الجميع المحافظة على الوقاية من المرض حرصًا على صحة أسرهم أكثر من أنفسهم.
سؤال قد يوفر علي الكثير
تعلمت أن أسأل قبل أي خطوة، هل تلك الخطوة تستحق ما سأبذله فيها من جهد ووقت ومال؟ هل سيعود علي بالنفع المرجو منه؟ هل تلك الخطوة أنا أريدها من داخلي أم نتيجة ضغط اجتماعي؟ هل تناسب قدراتي وإمكانياتي؟ فتلك الأسئلة توفر عليّ الكثير من الجهد والمال والوقت، ربما أسلك طريقًا لسنوات لا يناسبني إذا لم أسأل تلك الأسئلة، وأندم في النهاية.
اختلاف معنى النجاح:
يعني أن ليس كل ما يعني لي نجاحًا، يعني كذلك للآخرين، وذلك باختلاف ترتيب القيم لدينا، والوعي بذلك جعل داخلي سكينة، ووفرت طاقتي من محاولات إثبات أنني على صواب، فكل منا يري وفقًا لترتيب قيمة.
الخبرة لا يضاهيها المال
دفعك المال مقابل كتاب أو دورة تدريبية لن يساوي خبرة السنين وتعب وسهر الليالي، وكمّ المجهود المبذول، تعلمت تقدير الخبرة مقابل النفع الذي سيعود عليّ منها، فكلمة تؤثر بك من خبير توفر عليك ألم التجربة والتعلم من الخطأ لسنوات، تنقل مستوى وعيك الآن، فتسرع خطواتك في طريقك.
أثر استعدادك الشخصي
إذا قرأ شخصان نفس الكتاب لن يكون الأثر ذاته، الفرق في استعدادك الشخصي للتعلم، ومستوى وعيك، سرعة التطبيق وعوامل أخرى، فلا تحكم على شيء من آراء الأخرين دون تجربته، والذي يصنع الفارق أيضًا مستوى الوعي، وفي الدورات التدريبة كثيرًا ما تجد محتوى رائعًا وأنت تشعر أنك غير متمكن من استغلاله، ويكون السبب أن المُحتوى يحتاج أن تكون في مستوى معين من الوعي، ولا يناسب الجميع، كالذي يدرس الإنجليزية في المستوي الثاني وقرر الحضور في المستوي العاشر، لن يفهم شيئًا.
الأخطر إذا أقنعناه أنه محتوى أثر بكل من درسه، فيشعر أن معه كنز ولضعف قدراته لا يستخدمه فتقل ثقته بنفسه، وهذا هو فخّ يقع فيه الكثير بعد حضور الدورات التدريبية، والحقيقة أنه لا بد من التدرج، ولكن للأسف هذا لا يحدث في الدورات التدريبة، فلا بد من وجود اختبار يقيس هل يناسبك المحتوى أم تحتاج ما هو أقل منه للتأهل له؟
لكل شيء معايير
تُقاس بها مدى الصواب والخطأ ولذلك في قرارتنا، ننظر لمرجعيتنا الأولى الشريعة والله، ومعايير العلم، والمعايير الاجتماعية والأعراف، وتلك محاوله لتفادي الخطأ، وهذا يعني أنه لا يوجد قرار مثالي لأن قرارك مرتبط بكمّ المعلومات التي تتوفر لعقلك وقت اتخاذ القرار، ومنها يقرر أنه الحل الأفضل، وحتمًا مع مرور الوقت سترى أن هناك خطأ في قرارك، ذلك لا يعني أنك كنت مخطئ وقتها، بل دليل أن فكرك تطور بمعلومة جديدة جعلتك ترى ذلك.
المعلومة دون طريقة تطبيق لا تفيد
هل يمكنك إعداد وجبة بمجرد معرفتك المقادير دون طريقه التحضير، بالطبع الأمر صعب وإن لم يكن مستحيلًا، كذلك هو نفس الشيء عندما تتعلم معلومة جديدة دون معرفة طريقة تطبيقها، قد تتعلم مفاتيح النجاح دون معرفة وسيلة استخدامها، فلا فائدة منها، ونفس الشيء إذا أخذت المعلومة كاملة ولا تستخدمها ولا تطبقها كثيرًا، فهي مجرد علم مُخزن.
عقلك لا يحب التعب
ولذلك سيحاول أن يجعلك تفعل ما اعتدت عليه أفضل من أي تغير، فيجعلك تتمسك بعاداتك السيئة وأفكارك القديمة وتجد صعوبة كبيرة في تغير أي شيء اعتدت عليك رغم انزعاجك منه، فعملك الذي لا يرضيك وقتما تفكر تغيره تجد صوتًا في رأسك يقول (الذي تعلمتَه وأتقنتَه أفضل من الذي تجهله، لماذا تتعب وتبدأ من الصفر مجدداً؟) هنا تحتاج قوة حزم لتقرر إيقاف تلك الدائرة اللامتناهية.
اسأل عن مسؤولياتك في كل خطوه في حياتك
قد تعيش حياة طويلة يوجد من يتهمك بالتقصير وأنت ترى أنك تقوم بمسؤولياتك على أكمل وجه، كالأب الذي وجّه كل تركيزه لجني المال وظن أنه كل دوره ومسؤولياته، فيشعر أبناؤه بالفراغ لغيابه من حياتهم، وعندما يطلبون وجوده يغضب ويشعر أنهم لا يقدرون مجهوده لأجلهم، هنا جهله بالصورة الكبيرة لمسؤولياته أثر على جانب لن يملأه غيره في نفوس أطفاله، وربما يحاولون البحث عن بدائل مؤذية، وبذلك يكون ظلمهم وظلم نفسه، كل ما عليك فعله هو كل خطوة يجب عليك السؤال عن مسؤولياتك فيها، اسأل في الشرع والعلم والأعراف الاجتماعية، ومؤكد لا تكتفي بجانب واحد لأنهم مُكملين لبعضهم، مثال: ففي خطوة الإنجاب، المجتمع يخبرك بمسؤوليات مختلفة عن التي يخبرك بها العلم كواجب تعلم طرق التربية الإيجابية وفهم سيكولوجية الطفل وغيره، إن كان اختيارك بحثًا عن الأسهل، تأكد أن الثمن غالٍ، كأطفال مشوهة نفسيًّا، يحاسبك عليها الله.
دروس لحياة أفضل
قبولك لنفسك بظلامها قبل نورِها مفتاح التغير لنفسك والشعور بالسَكِينة.
التعليم والاستثمار في عقلك هو استثمار أرباحه مضمونة.
جبر الخواطر ثواب عظيم، وأسهل طريقة لكسب قلوب الناس.
يوجد فرق كبير بين الترفيه والراحة لشحن عزيمتي والهروب من المسؤوليات بحجة الراحة؛ الفرق فقط الوعي بما أفعل.
الهروب تصرف الأطفال، أما الناضجون يواجهون ويبحثون عن حلول، وأقصد الناضجين لأنه ليس كل كبير ناضجًا.
وفي النهاية.. تعَلُّم سُنن الحياة يساعدك على التقبل لِما يحدث لك، العيش بسكينة أكبر، مثل سُنّة التغير، فدوام الحال من المُحال، وسُنّة تدافع الخير بالشّر، كلها تعمل لمصلحتنا بحكمة الله التي لا تدركها عقولنا، فاطمئن فالله الرحيم هو مُدبر أمورك.
إذا كنت تريد حياة سعيدة كفّ عن الشكوى وتعلم كيف تصنعها، فالسعادة التي يهديها لك الآخرون لا تدوم، لأنها تتقلب حسب أهوائهم، أنت تستحق حياة سعيدة مميزة فاسع لها بنفسك.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 38,075
خلاصة عام 2020 .. تجربة ملهمة
link https://ziid.net/?p=77610