أولى خطوات التفكير الإيجابي
طريقة تفكيرنا هي ما يرسم ملامح حياتنا، وأن بلورة رؤيةٍ سليمةٍ ومنفتحةٍ بإمكانها تذليل العقبات مهما بلغت صعوبتها
add تابِعني remove_red_eye 104
لم أعمد قراءة مقالاتٍ وكتبٍ ومنشوراتٍ متنوعةٍ عن التفكير الإيجابي وأشكاله وأساليبه أو حضور ورش عمل ومحاضرات تثقيفية بهذا الشأن، بل اخترت النظر بتمعنٍ في سلوكيات بعض الأشخاص من حولي ممن يتعاملون مع الأمور بإيجابية تتيح لهم مشاهدة النصف المليء من الكأس. وأدركت حينها أننا قادرون على التحكم بظروفنا والتلاعب بحظوظنا العاثرة في بعض الأحيان بالنظر إلى حقيقةٍ مفادها أن العقل الباطن يصدق ما نمليه عليه من كلمات وعبارات في حال كنا نعنيها من الداخل ونؤمن بها بصدق.
بعض الأمثلة الحياتية عن شخصيات اعتمدت نمط التفكير الإيجابي
فتاةٌ نشأت في أسرةٍ يغيب فيها دور الأب الراعي والمسؤول، ما ترك في داخلها فجوةً حاولت ردمها بالاعتماد على نفسها وتعزيز شخصيتها المستقلة، لتحول بذلك مشكلةً نفسيةً قد تؤثر سلبًا على حياتها إلى عامل شجعها على تحقيق النجاح والاعتماد الكامل على ذاتها. وبالرغم من حزنها وأمنياتها بالحصول على هذا الاهتمام، فإنها لم تفضل لعب دور الضحية والرثاء على ظروف نشأتها. وغالبًا ما تشير إلى هذا النقص في حياتها على أنه أحد الأسباب التي دفعتها إلى تحقيق النجاح والسعي وراء التميز.
بعد غيابه لعدة سنوات في الخارج، عاد صديقي إلى موطنه ليخبرني بمحاولاته البائسة لتأسيس مشاريع مختلفة، والتي لم تلق النجاح المرجو، ما دفعه إلى إيقاف جميع أعماله بعد أن خسر مبالغ طائلة وعاش بعيدًا عن، ليعود إلى الوطن بخفي حنين. وقبل أن أتفوه بعبارات المواساة، رسم ابتسامةً على وجهه وأخبرني بأن الحظ لم يحالفه، لكنه حقق حلمه بالسفر وتعرف على ثقافةٍ أخرى وأصدقاء جدد وأصبح الآن يتقن لغةً جديدةً والأهم من ذلك أنه عرف نقاط ضعفه، وبإمكانه اليوم الانطلاق مجددًا متداركًا الهفوات السابقة. لقد كان كلامه مفعمًا بالحماسة والطاقة الإيجابية التي شعرتُ بها تتداخل مع هالتي.
هل من الممكن تعلم أو اكتساب آلية التفكير الإيجابي؟
هناك الكثير من القصص والعبر التي حوَّلت أبطالها إلى مشاهير ونجوم، لكنني تعمدتُ النظر إلى تجاربَ لأفرادٍ من محيطي القريب، لأجد أن طريقة تفكيرنا هي ما يرسم ملامح حياتنا، وأن بلورة رؤيةٍ سليمةٍ ومنفتحةٍ بإمكانها تذليل العقبات مهما بلغت صعوبتها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل من الممكن اكتساب هذه الموهبة أو السلوك أم أنها تنشأ مع الفرد كحالةٍ وراثية؟
بالرغم من عدم تخصصي بهذا الشأن، فإنني أعتقد جازمةً بأن شخصية الإنسان قادرةٌ على صياغة رؤية تفكير جديدة ومرنة في حال وُجدت الرغبة بذلك. وأعتقد من خلال خبرتي الحياتية البسيطة أن الطرق التي من الممكن أن تساعده بذلك ليست صعبةً على الإطلاق، فلا حاجة إلى حضور دورات تدريبية أو الخضوع لجلسات تنموية، بل الاكتفاء بالنظر إلى ما حولنا؛ ومحاولة التماهي مع الشخصيات الناجحة وتبني نظرتها الإيجابية، سواءً كانت في الواقع الذي نعيشه أو شخصيات خيالية في رواية أو فيلم سينمائي أو مقطع تحفيزي.
برمجة عقولنا على التفكير الإيجابي
وكما هي حال القنوات الرقمية المنتشرة اليوم، والتي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في تتبع تفضيلات المستخدمين وعرض خيارات تتماشى مع أذواقهم بعد تحليل الجوانب التي تهمهم في الحياة، يمكننا أن نبرمج عقولنا بطريقةٍ مشابهة. ما أعنيه هو أن التفكير الإيجابي يشابه إلى حدٍّ ما الآلية المذكورة سابقًا، فما إن اعتمدناه في عدة مواقف، يصبح جزءًا من أسلوب حياتنا بدون أي تكلف.
يطول الحديث عن جوانب التفكير الإيجابي، وما مقالتنا اليوم سوى مقدمةٍ عن الطريقة التي يمكننا الدخول بها إلى هذا العالم، ألا وهي التقرب من الأشخاص الذين يعتمدون هذا الفكر قبل كل شيء، والابتعاد ما أمكن عن الذين يخلقون مشكلةً في كل شيء، ويضعون عقبات أمام أي خطة أو فكرة مطروحة، هؤلاء الذين يتبنون كلمة “لكن” أو “من الصعب” في جميع عباراتهم، كدلالةٍ أوليةٍ على حديثهم المحبط.
أودُّ اقتراح بعض الأفلام التي لن تنتهوا من مشاهدتها إلا وأنتم تشعرون بطاقةٍ مفعمةٍ بالحماسة والإيجابية مثل The Pursuit of Happyness وJoy وKing Richard. تصوِّر هذه الأعمال وقائع حقيقية لشخصيات حقيقية واجهت صعوبات لا تحتمل، لكنها أثبتت قدرتها على تحدي المستحيل بالاعتماد على طريقة التفكير الإيجابي التي لا تعترف بالاستسلام وتثبيط العزيمة، ليكون النجاح حليفها.
ولا يعني ذلك أن أصحاب التفكير الإيجابي لا يمرون بلحظاتٍ من الانتكاس والإحباط، فالشعلة تخبو في بعض الأحيان، لكنها لا تنطفئ.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 104
التفكير الإيجابي ... سر الارتقاء بأسلوب الحياة المثمر
link https://ziid.net/?p=96828