الفراغ سلاح ذو حدّين
"إمّا أن يبني أو يهدم، إمّا أن تملكه أو يملكك، فالاختراعات أُنجزت في وقت الفراغ وكذلك الجرائم"
add تابِعني remove_red_eye 1,636
هل يوجد أسوأ من أن يعيش المرء أيامًا متشابهة حد التطابق؟ أن تمضي ساعات يومه عبثًا دون أن يعلم ما المفترض عليه فعله في الساعةِ المقبلة؟ تساؤل راود إحدى الصديقات حينما كانت تصف ما تشعر به من فراغٍ خلال اليوم. انتهى الحوار بيننا ولكنّه لم ينتهي في عقلي..
أدرك بأنّ الظروف تختلف من شخص لآخر وما قد يكون متاحًا لك قد لا يكون متاحًا لغيرك ومع كامل يقيني أيضًا بأن لا تُكلف نفس إلا وسعها.. أي كل ما كُلفت به تستطيع التعامل معه بطريقة أو بأخرى، بغض النظر عن العقبات التي وجدت في حياتك.. ما علينا هو البحث والسعي المستمر نحو شكل الحياة التي نطمح لها. ليست الظروف التي تصنعنا.. ما يصنع ويشكل الإنسان ردة فعله تجاه كل ظرف، جميعنا معرّض لأن يواجه شكلًا من أشكال الفراغ في مرحلة ما في حياته ولكن الاختلاف يعتمد على ما تقرر أنت أن تملأ وقت فراغك به.
أرى أن الفراغ أشبه بسلاح ذي حدين، إما أن تستثمره ببناء عادات تزيد من جودة حياتك وتدعم ما تطمح إليه غدًا أو أن تستلم له وتمضي عليك الساعات والأيام بلا خطط ولا هدف، وقد تنجرف في طرق لا تنتمي لها فقط لقطع هذا الفراغ الذي هو في الحقيقة نعمة.
نعم نعمة! إن أردتها كذلك.
ضد أن يُعامل الوقت كالسّيف إن لم تقطعه قطعك، ولكن أيضًا ضد أن يُستهان به وكأن باستطاعتنا أن نشتري مزيدًا من الوقت والعمر متى أردنا، فالوقت الذي هو ملكك وحدك اليوم قد يكون ملكًا لعملك أو أبنائك غدًا، فاستثمره فيما يعود عليك بالمنفعة، فكل ساعة تمضي تأخذ جزءًا معها من عمرك فما العمر إلا مجموع لتلك الساعات والأيام وإن لم يكن بهذه الأهمية لما كان سيسأل كل عبدٍ عنها.. عن عمره فيما أفناه؟ وشبابه فيما أبلاه؟
أفكار لاستثمار أوقات الفراغ لخّصتها لك في ثلاثة نقاط فقط
القراءة
أعظم ما قد تستثمر به وقت فراغك هو القراءة يوميًّا ولا بديل للقراءة، فهي كفيلة بتوليد الأفكار الإبداعية في شتّى المجالات والتي قد تفتح لك آفاقًا لم تخطر عليك من قبل.. قلت القراءة ولم أقل القراءة من كتاب! فلا مجال للحجج والأعذار وابحث عن أي مصدر تقتبس منه نور المعرفة بشكلٍ مستمر. تويتر لا يعتبر مصدرًا. المعلومة التي تُكتب في ٢٤٠ حرف قد لا تسمن ولا تغني من جوع؛ لذا قيل عنها بأنها (Junk food) القراءة. أقترح عليك أن تلقي نظرة على مقال كيف تكتسب عادة القراءة لتعرف أكثر.
التخطيط
اكتب خمس عادات أو مهارات تريد اكتسابها وما الهدف من كلٍّ منّها، وخمسة عادات أخرى تريد التخلّص منّها وما أضرارها عليك على المدى البعيد. احرص على أن يكون هناك هدف واضح لكل نقطة، قد يفتر حماسك يومًا ما فتذكّر الهدف الذي بدأت من أجله سيحفّزك على الاستمرار. قد تأخذ عادة واحدة عدة شهور لاكتسابها أو للتخلص منها ولكن لا بأس أكمل، ولا تشتت نفسك باكتساب أكثر من عادة في نفس الوقت أو محاولة تعلم أكثر من مهارة في نفس الوقت فمن يجري وراء أرنبين لن يمسك أيًّا منهما.
العناية بالصّحة
بالرّغم من أنّ الجانب الصحي واحد من أهم النقاط التي يُفترض أن تكثّف اهتمامك به ولكن أردت أن أسلّط الضوء عليه أكثر. لأذكرك بأن جسدك سيلازمك طوال حياتك، فإن أردت أن تستمتع بالنصف الثاني من عمرك مثل النصف الأول منها فعليك أن تعتني بصحتك ولا تستهين بها.. فالفراغ فرصة ذهبية للعناية المكثّفة. مرة أخرى. الظروف لا تتشابه، ما يناسبك قد لا يتناسب مع غيرك، لذا حرصت على ذكر أهم النقاط المفصلية من وجهة نظري لاستثمار مثمر للفراغ بشكلٍ مرن وواسع ليبحر فيها كل قارئ بالطريقة التي تناسبه.. قد يجمعنا قارب الرحلة ولكن لكلٍ منّا وجهته المختلفة.
ختامًا
لم يخلق الله من خلقٍ ليضيّعه. حتمًا لكل منا غاية في هذه الحياة الواسعة خُلق لأجلها، ما علينا هو البحث عن هذه الغاية وإن وُجدت فستبدأ رحلتنا في السعي نحوه. السعي فقط لم يُطلب منّا أكثر من ذلك فليس للإنسان إلّا ما سعى، فليكن فراغك مليئًا بالسعي فالأيام ستمضي علينا جميعًا شئنا أم أبينا فاختر ما تريد أن تعيشه وتقترب منه كل يوم أكثر، وتذكّر بأنك عبدُ لربٍّ أرحم من أن يكلّفك بما يفوق قدرة تحمّلك، ربما هناك ضوء لم تنتبه له بعد. طريق تردّدت في السير عليه. وباب لم تتجرّأ على طرقه.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 1,636
مقال مهم ومثير حول أوقات الفراغ واستغلالها
link https://ziid.net/?p=82191