الحب في هذا الزمن: هل يُشفي الحب القديم؟
ليس للحب حل وسط، فإمّا أن يأخذ القلب، وإمّا أن يأخذ العقل، ونادرًا ما يأخذ الاثنین معًا سوى في البدایة
add تابِعني remove_red_eye 350
لِمَ نحن البشر هكذا؟ لِمَ نركضُ دائمًا خلف مَن أعطى لنا ظهره ولا نرى مَن هم خلفنا؟ إنهم يريدوننا ويحبوننا، هذا قانون نسير عليه جميعًا دون أن نشعر أحيانًا لكنه يؤلمنا كثيرا، أتساءل: ما الحل؟ أفكّر كيف سنمضي؟
نعتقد أن بداية حياة جديدة مع طرف آخر هي حلٌّ مناسب، لكن ها نحن هؤلاء نتعلّق. لقد مرّت فترةٌ طويلة على حكايتنا، سنة .. اثنتان .. ثلاث .. وبدأ عامُنا الرّابع وما زلنا عالقين أيضًا تائهين مختلفين. نعم أرى أنّنا اختلفنا عمّا كنا عليه من قبل، نبحث عن أنفسنا فلا نجدها، أيعقل أن تكون قد تخلّت عنا، وتركتنا عقابًا؟ أم أنها حزينة ومنكسرة. آه، نعم إنها انكسارة النّفس ربما، وربما هي بالتّأكيد.
لقد أصبحنا في عام (2020م) وحتى الآن نعاني من الحب، هل العلّةُ فينا أم في الحب؟
أجهل الإجابة، وأحتاج من يعلّمني إياها، هل يا تُرى نوايا كلّ منّا لا تلتقي فينتهي ما بينهما؟ لم أقل ينتهي الحب؛ لأنني أدرك تمامًا أن الحب لا نهاية له، وأنه بداية كل شيء جميل من حولنا.
وعن تلك الصّدف خلال السنوات الثلاث التي مرّت، لم تخل واحدة من رؤيتك، من سماع صوتك، من التقاط رائحتك، كلّ هذا يحدث ولكننا نهرب في هذه اللحظات من بعضنا، من لقاء قلوبنا، من استرجاع أجمل ذكرياتنا، يختبئ كلانا وخطواتنا تتباطأ.. نغلق أبصارنا وبِنداء قلبينا نفتحها شوقًا، قدمانا تأخذنا إلى نفس المحطة.. نفس المكان، هل هذا كلّه لا يؤلم؟! نعم، لا يؤلم فقط، بل يمزّق قلوبنا، يفتّتها، نكاد نسقط على الأرض التي كانت تحملنا، ولكن عند لقائنا لم تستطع فعل ذلك، فاستسلمنا جميعا.
داخلنا سينفجر كالبركان، نُغلق أعيننا وتنهمر الدّموع، ذلك البركان يحرقنا من نصف أجسادنا حتى رؤوسنا، يا لها من حرقة تشتعل كلّ يوم! وبدأنا نشعر أنها أحرقت أغلب الذّكريات والمواقف والأحاديث، لا أعلم هل هذا جيدٌ لنا أم لا؟ لأنها مهما أحرقت فقلوبنا ما زالت حية بِحبٍّ مات متعطشًا ومتلهفًا، مشتاقًا، بأوهامٍ نقبلها من أنفسنا أحيانا، ولكن لوهلة نستفيق، ونجد أن ما نقترحه على ذواتنا ونقترب من تنفيذه هو قرارات خاطئة بعد تفكير طويل، صحيح، بتنا نحتاج وقتًا كافيًا للتفكير في قراراتنا الخاطئة ثمّ تنفيذها.
كلّ يوم نستيقظ صباحًا وفي أنفسنا أمانٍ كثيرة، ننتظر، ورغم كلّ هذا الكلام أحبّ أن أقول لكم إننا حتى وإن عدنا أحبّاء، ونستطيع ذلك، فلن نعودَ كما كنّا، هل نحن مَن نلاحق عواطفنا أم العكس؟ هل قلوبنا تكون السبب في إصابة عقولنا بالجنون؟ نتمنى العودة، وبقدر ما نتمنّاها لا نريدها أن تحدث، فما هذا التناقض وما نهايته؟ أسئلة كثيرة تعشّش في أدمِغَتنا.
ذكرتُ منذ قليل أن البعض يرتبطون مرة أخرى باعتقادهم أنه حلّ جيد، ولكن هذا غير صحيح، وذلك في بداية الأمر يكون حسب العادات والتقاليد والجدية التي سأنوّه عنها، إنها جدّية دائمة لأن مقصدها الطريق الصحيح فقط، نتظاهر بتجاهل منعطفات في نفس هذا الطّريق والتي قد تؤدي إلى السّعادة والرضا أكثر من الصِّحة في ذلك الخط المستقيم، لذا لا أشجع على هذا الحلّ البائس لأنه مجرد ملء للفراغ لا أكثر.
أمّا مقولة: “عالجِ الحُبّ بالحب” فأعتقد أنها سلاح ذو حدّين، وهي من جهة غير صحيحة لأن الحب الأول لا مثيل له وإن نجحتم في الثّاني، ذلك فقط لأنكم كنتم بجانبهم بعد فراق أحبّتهم السّابقين، آنستموهم في وحدتهم، جعلتموهم يبتسمون وقت حزنهم، اهتممتم بهم في حين إهمال الجميع لهم، وعلى الرغم من حديثي عن سلبية الموضوع لديّ أملٌ كبير في إيجاد حبٍّ آخَر ناجح ومستمر بالحدود والشّروط حتّى المرحلة الثّانية، فقد تلوثّ الحب في زمننا بشكلٍّ لا يطاق إلى أن صرنا نبتعد عنه حتى وإن لم يحصل لنا الشّرف بمعرفته.
يقولون لنا دومًا إنه ليس هناك حبٌ كما في الأفلامِ والمسلسلاتْ، وأنا لا أؤمن بهذه الجملة كثيرًا، أسأل نفسي إن لم يكن الحب كما يعرض على شاشات التلفاز إذًا كيف تصوّر الممثّلون حبًّا كهذا، وقاموا بتجسيده؟ حسنًا فلنصحّح ما قلت، وأسأل كيف للكاتبِ كتابةُ ذلك إن لم يكن موجودًا؟! من وجهة نظري أرى أن الحب في الأفلامِ والمسلسلات يجسّد صورًا مختلفة بشخصيات مختلفة، الكاذب، الصّادق، الخائن، الخجول، الجريء، وكل الشخصيات التي ذُكرت وغيرها الكثير موجودة في مجتمعاتنا بالفعل.
فالكاتب قد لا تصل تخيلاته إلى درجة الاختراع، وإنما هي براعة الممثّل في إضفاء لمساته الخاصّة، نعم هناك بعض المبالغة في العرض، ولكن لا نستطيع حذف واقع الأمر تمامًا، حتى إن لاحظنا أننا نقوم ببعض الأشياء المشابهة لما يعرض وليس الكل بما فيه الجرأة واللمس .. إلخ، فقط حب نقي لطيف آمن، يضيف لنا شيئا جميلًا في حياتنا، وفي النهاية .. الحب يأتي بعد تقبّل شخص بعينه حتى وإن كانت النون باء، أما إن لم نتقبّل فانسوا أن تحبوا، لكنها ليست قاعدة أساسية، فقد يكون الحب سببًا في تقبّل الطرف الآخر.
ألا ترون أن الحب محير؟ لأنه ليس له أساسيات ولا مسلّمات، الحب شيء عفوي، حالة جميلة يمر بها الإنسان، تخلق في داخله مشاعر أكبر منه بكثير لتستمرّ مدى الحياة بين الطرفين.
ليس للحب حل وسط، فإمّا أن يأخذ القلب، وإمّا أن يأخذ العقل، ونادرًا ما يأخذ الاثنين معًا سوى في البداية، كثيرًا ما يظلمنا خاصّة إذا كان من طرف واحد.. قد نستطيع أحيانًا إن صارحنا أحدًا ما بحبّنا له ولم يكن يبادلنا نفس المشاعر أن نتركه بسهولة لأننا لم نعِش يومًا معه، لم نخالطه، لم تحدث مواقف، وإذا استمر في الكذب علينا بعواطفه الزائفة .. فههنا تنكسر نفسُ الحبيب العاشق، لكن بعد ماذا؟ بعد أن أخذ كل ما في داخلنا له دون أن يشعر أو يقدّر، لم نعد نستطيع أن نحب بعده، لأننا أعطيناه كلّ شيء، ولم نجعله يحتاج لأي أحدٍ من حوله.
الحب ذلك الإحساس العظيم، تلك الحالة الغريبة لكنها جميلة بشكل خيالي.. قد نخوضه وأجنحتنا متكسرة، ثمّ نتربّع ونحن محلّقون، لا يكون الحب بمجرّد الكلام، ولا يمكن أن نُستعبد تحت مسمّى الحب أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 350
خاطرة مميزة حول الحب
link https://ziid.net/?p=66128