صناعة الضحك من أهم أسباب السعادة بالحياة

كم مرة شعرت بالحاجة الملحة إلى الضحك؟ وكم مرة شعرت بنوع جوع إلى الضحك؟ وكم مرة شعرت باحتياجك إلى ضحك صريح مجلجل بصوت مرتفع؟ وكم مرة ضحكت بالفعل فشعرت براحة نادرة غسلت بها ما تراكم على قلبك من أدران وهموم؟

فالضحك مسألة جدية وضرورية ونوع من العلاج الطبيعى، وصمام أمان ينفِّس الهمَّ المكبوت فى النفس. وكثير من الناس يجيد تلك المهارة وكأن معه دكتوراه في الضحك فيحيا أنعم الناس وأصحهم. ولأجل ذلك فالضحك لاقى اهتمامًا كبيرًا منذ زمن بعيد:

• فهذا إسحاق بن ابراهيم -عليهما السلام- معنى اسمه في اللغة العربية الضاحك.
• وكذلك سمى العرب أبناءهم بمشتقات الضحك كالضحَّاك وباسم وبسَّام وسرور ومسرور وفرح وفرحان، كما سمّوا بناتهم بـ سارة وابتسام وبسمة وشموع (وهى المرأة الضاحكة دائمًا) وفرحة وبهجة.
• وعرَّفَ الفيلسوف أرسطو كذلك الإنسانَ بأنه (حيوانٌ ضاحكٌ) كما أنه حيوانٌ ناطق.
• وكذلك هنرى برجسون وهو واحد من أشهر الفلاسفة الفرنسيين فى العصر الحديث قد خص الضحك بكتاب من أهم مؤلفاته.
• وكذلك نوقشت سكيولوجية الفكاهة والضحك فى العديد من الكتب .

وفوق وقبل ذلك كله فقد وصف الخالق -جل وعلا- نفسه بأنه “أضحك وأبكى” ولحكمة منه تعالى قدم الضحك على البكاء.

 فوائد الضحك 

صحية ونفسية واجتماعية

• تذكر كثيرٌ من المراجع الطبية عدد العضلات التى تنفرجُ أو تنقبضُ فى وجه الإنسان عند الضحك.
• ولا تخفى حالات الانشراح المتولدة من الضحك، وهذا النوع من الشعور بالارتياح، فالضحك صحي ومنعش ومقوٍّ.
• وكذلك الضحك يعتبر من العوامل المؤدية إلى تحقيق التقدم الاجتماعى، ولأنه مصحح إجتماعى فهو يعمل على الاتحاد العاطفى الدائم بين الناس، والابتسامة تخلق جوًّا اجتماعيًّا مملوءًا بالتعاطف والمشاركة.
• والعلاقة وثيقة بين الابتسام والمواقف الاجتماعية، فهى ليست فقط تعبيرًا عن الودّ والصداقة وحسن النية بل أيضاً بمثابةِ تعبيرٍ عن الأدب والذوق وحسن المعاملة، ويبقى الوجه الباسم خطاب توصية مفتوح لصاحبه.

• والابتسام لغة كاملة، فهناك ابتسامة استحسان، وهناك ابتسامة استخفاف وازدراء، وهناك ابتسامة رياء ومفاخرة، وهناك ابتسامة غيظٍ شاحبة.

ولكن كثير من الناس يأخذ بقاعدة (من كَثُر ضَحِكُه قلَّتْ هيبته) ويستدلون بحديث (إيَّاك وكثرة الضحك فإنه يميتُ القلبَ ويذهبُ بنورِ الوجه) وكذلك حديث (المزاحُ استدراجٌ من الشيطانِ واختلاعٌ من الهوى)، وفى الحقيقة ليس هذا الذمّ على عمومه، ولربما يحمل ذلك على الضحك المشمول للكذب كما فى الحديث : (ويلٌ للَّذي يُحَدِّثُ فيَكذِبُ ليُضحِكَ به القوم، ويلٌ له ويلٌ له)، أو على الضحك السلبي.

ما الذي يجعل الضحك مهمًا في حياتنا؟ إجابة من منظور طبي

دراسة : الضحك يقلل خطر الوفاة

التفريق بين الضحك الإيجابي والضحك السلبي

• فالضحك الإيجابي هو ما كان يحثك على مضاعفة جهدك وزيادة مقاومتك للحياة.
• والضحك السلبي هو ما كانت روح الفكاهة فيه تؤدى لإضعاف روح الجد فيك.

وكذلك التفريق بين التبسم والضحك والقهقهة 

• فالتبسم: هو أوائل الضحك وبدايته (لا صوت فيه).
• والضحك: إذا كان ثمة صوت (ففيه صوت خفيف) .
• والقهقهة: إذا كان الصوت فيه عاليا (فيه صوت عالى).

وكان اللورد شسترفيلد Chesterfield ينهى أبناءه عن الضحك المبتذل قائلا لهم: (لا أحب أن يراكم الناس إلا مبتسمين ولكننى لا أحب أن يسمعكم الناس ضاحكين) وكالعادة فالوسط فى كل شئٍ خيرُه، وكما قال الشاعر:
أفِدْ طَبْعَك المَكْدُودَ بالجِدّ رَاحةً *** يجمّ وعلِّلْه بشيء من المزح

ولكن إذا أعطيته المزْحَ فليكن *** بمقدار ما تعطي الطعام من الملح

ولكلِّ ما مرَّ، فموضوع الضحك موضوع حيوي جليل، ولذلك تظل محاولة إضحاك الناس أصعب وأعسر الفنون الأدبية قاطبة، وقد يكون أيسر للكاتب الروائي أن يستثير دموع الناس من أن ينتزع ضحكاتهم، ولعل هذا يفسر حالة انتشار نجاح الأعمال الدرامية المأسوية أكثر من غيرها.

وأخيرًا، فقد تكون ابتسامتك وضِحْكتك لغيرك بمثابة خدمة نفسية لا يدانيها علاج نفسانىّ، وإن إدخالك السرور والابتسامة على شخص يائس بائس فاقد العزيمة لا يقوى على مواجهة صعاب الحياة لهو عمل أخلاقي نبيل وعطاء جدير بالتقدير.