هل ممارسة الفضائل فطرة أم اكتساب؟
لنعيش في مجتمع يضمن لنا السلامة والأمان يجب أن توضع حدود أخلاقية يلتزم بها الأفراد تجاه بعضهم، فهل يمكن تعلم تلك الحدود؟
add تابِعني remove_red_eye 11,914
الجانب الأخلاقي جانب مهمّ من جوانب الشخصية، حيث إنه يلعب دورا بارزًا في تشكيل ملامح الإنسان وتحديد ملامح شخصيته، ولكن هناك عشرات الآراء المختلفة التي تزعم أن الأخلاق هي فطرة إلهية منحت لنا عند الولادة، ويؤيدها في ذلك آراء ذات خلفية دينية وفلسفية، وعلى النقيض يزعم علم النفس ومذاهب فلسفية أخرى بأدلة عملية كيف أن الأخلاق سلوك إنساني مكتسب بل ويمكن تعلمه بالقليل من الوعي والاستمرارية.
ما الأخلاق؟
سؤال تطرحه فلسفة ما بعد الأخلاق، ما الأخلاق؟ ما طبيعتها؟ هل هي أشياء مادية أم آراء وأعراف اجتماعية؟ السرقة لا تُعَدّ فضيلة أخلاقية، ولكن ماذا لو سرقت لأجل أن تطعم أطفالك؟ أو أنك قررت أن تؤذي شخصًا ما وانتهى بك المطاف نحو إنقاذه، أتلك تعتبر فضيلة؟
والكثير من الأسئلة التي تبحث في ماهية الأخلاق، في حين أن الأخلاق إطار اجتماعي يختلف من ثقافة لأخرى، فما تسمح به بعض المجتمعات قد ترفضه أخرى وتراها كفعل غير أخلاقي، مثل الإعدام على سبيل المثال يراه البعض ضرورة لتسير الأحوال الاجتماعية وترهيب من سوّلت له نفُسه القتلَ، والبعض الآخر ينفي ذلك الفعل لما به من قسوة غير أخلاقية.
الفلسفة والأخلاق
تتضارب آراء الفلاسفة فيما إذا كانت الأخلاق طبيعة فطرية أو سلوكًا يمكن اكتسابه. فالفيلسوف السويسري جان جاك روسو يرى أن وعينا الأخلاقي فطري، وهذا الوعي الذي يعبر عن جانب الخير منا هو هبة إلهية ومُعطًى غريزي، فحين يرى الفيلسوف الألماني فريدريك نتشة أن القيم والأخلاق هي نتاج المجتمع ليس إلّا. فالضمير الأخلاقي بنية نفسية للفرد تتشكل عن طريق الأسرة والمجتمع والأطر الأخلاقية المتاح له التصرف ضمنها.
علم النفس ما بين الغريزي والمكتسب
عرّف علم النفس الأخلاق: بأنها الدافع نحو كل فضيلة أخلاقية، وذلك منبعه العقل وعدة مظاهر معقدة أخرى مثل المعرفة الأخلاقية والعقل الأخلاقي، الضمير والحدس والاستدلال الأخلاقي وأيضا السلوك الأخلاقي، وتلك مظاهر تنمو بصورة تدريجية من خلال العادات والتقاليد والمعتقدات التي تدفع بنا للتصرف على نحو لائق. وهذا يجعلنا نتساءل هل وعينا الأخلاقي فطري أم مكتسب؟
يقول عالم النفس الأمريكي jonatham haidt المتخصص في علم الأخلاق the psychology of morality: إن حدسنا الأخلاقي هو عملية نفسية نتصرف فيها على نحو مفاجأة دون استناد على مقياس عقلي، مما يعني أن الحدس قد يكون خطأً في كثير من الأحيان إن لم يستند على وعي.
الوعي الأخلاقي
أمور مثل الاستقامة والمسئولية والأمانة يمكن تعلمها عندما نصل لدرجة من الوعي، ترسخ بنا حتى نتصرف بشكل أتوماتيكي. لذا هناك ما يسمى بالاستدلال الأخلاقي القائم على استخدام العقل بشكل أساسي للتوصل إلى قرار أخلاقي، وبالرجوع إلى الفلسفة نجد قول الفيلسوف الألماني إيمونل كانط: “إن الفرد الأخلاقي يتصرف أخلاقيًّا إذا سيطر العقل على كل ميوله ورغباته ودوافعه”، ثم السلوك الأخلاقي وهو الفعل الناتج عن معرفتنا بالمعايير الاجتماعية المقبولة والمفترض بنا التصرف خلالها.
كل ما سبق يُكِّون معنا مزيجًا يجعلنا في النهاية لدينا الكفاءة الأخلاقية لنتصرف تجاه الآخرين.
وعندما يصل الفرد للكفاءة الأخلاقية، وترسخ في سلوكه فمعني ذلك أنه وصل للحكم على القضايا الأخلاقية بمنطقية تتسق مع المعايير العامة كالقيم والمشاعر والأطر الأخلاقية.
كيف نتعلم الفضيلة؟
عندما نرغب أن نعلم أطفالنا قول الصدق أو التصرف بتهذب فنلجأ إلى القصص، لنخبرهم مثلًا عن الثعلب الماكر الذي خدع الخراف، أو الولد الكاذب الذي ظل يكذب حتى عوقب بفعل كذبه، وهكذا من أمثاله. وهكذا هو تعلمنا للأخلاق والقيم، فهي ليست غريزية بشكلٍ كامل ولكنها قناعات تبنى بفعل الزمن، ويتطور من خلالها حدسنا ووعينا بكل القضايا الأخلاقية من حولنا والحكم عليها بطريقة منطقية سليمة.
إليك أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 11,914
مقال يساعدك على وضع حدود في علاقاتك بالآخرين من أجل حياة فيها سلام وأمان
link https://ziid.net/?p=73274