هل الخيال مصدر للسعادة؟
إذا كنت ترغب بإعطاء فرصة لخيالك، يجب عليك أولًا إنشاء بعض المساحة، أعط نفسك الفرصة وجرب هذا الشغف الممتع
add تابِعني remove_red_eye 784
في طفولتي، كانت تحكي لي والدتي بعض القصص قبل أن أخلد إلى النوم، ودائمًا ما أتخيل ذلك الرجل المسكين المتشرد الذي ليس لديه مأوى، فندخله المنزل ونجعله يستحم ليلبس بعدها ملابس أبي وتقص له والدتي شعره. يبقى هذا الرجل معنا في المنزل عدة أيام ويكون هذا التغير بالنسبة إليه بداية جديدة.
الخيال يحررنا
تقول الأبحاث إن الخيال يتخذ أشكالًا متعددة كاستعادة الذكريات والحلم بالمستقبل وتخيل الأحداث التي لم تحدث بعد وهذه قدرة بشرية ليست موجودة لدى الحيوانات. يقول أستاذ الطب النفسي داميان دينيس: «قوة الخيال هي المقدرة على صنع سيناريوهات منفصلة عن الواقع وهذا شيء خاص بالبشر وحدهم». إنّ حقيقة أننا نستطيع السفر عبر الزمن في أذهاننا تجعلنا أكثر ذكاءً، يتيح لنا ذلك خلق أشياء غير حقيقية في لحظة التخيل لكنه يساعدنا كثيرًا للاستعداد للمستقبل، كالسؤال الذي يطرح دائمًا في مقابلات العمل: أين ترى نفسك بعد خمسة أعوام من الآن؟
أحلام اجتماعية
نعلم جميعًا أنّ لدى الأطفال مساحة كبيرة للخيال واللعب بعكس معظم البالغين الذين ينغمسون باستمرار في هموم الحياة اليومية، فتقتل واقعيتهم الخيال وهذا ما يفعله مجتمعنا الذي يعزز الواقعية والعقلانية. تقول أستاذة علم النفس انجا فيسير في جامعة جرونينجن: «في المدرسة، عندما يسرح الأطفال ويغرقون في أحلام اليقظة، فإنه سرعان ما يقوم الآباء بتذكيرهم بالعودة إلى الواقع والتفكير ملياً في الحياة الحقيقية. هنا يضع الجميع الواقعية موضع تقدير ويعتبرون أحلام اليقظة غير ضرورية أو علامة على الكسل»
هذا شيء مؤسف حقاً، لأن الخيال دائما ما يشعرنا بالبهجة والسرور خاصة لدينا نحن البالغون، نلاحظ هنا ما توصلت إليه دراسة بريطانية أجريت على 101 متطوع، حيث طلب منهم إكمال استبيان حول أحلام اليقظة أربع مرات خلال اليوم الواحد. طلب منهم تحديد ما إذا كانوا يفكرون في مواضيع اجتماعية كتناول طعام العشاء مع الأصدقاء أو الذهاب إلى الساونا مع العائلة. بعد ذلك، تحول هذا النوع من أحلام اليقظة الاجتماعية إلى ارتقاء عاطفي حقيقي حيث شعر المتطوعون بالسعادة والعاطفة والتواصل. أظهرت الدراسة أن الخيال هو مورد ثمين موجود في أعماقنا أن يجعلنا أكثر سعادة دون الحاجة إلى شيء أو شخص ما.
ومع ذلك، فإن للخيال جانبًا مظلمًا أيضًا. يقول البروفيسور دينيس، الذي يدرس القلق والوسواس القهري: «قوة الخيال هي أداة بحد ذاتها قد تكون جيدة للبعض وسيئة للبعض الآخر. يمكن للخيال أن يكون مصدر إلهام للكثيرين، لكن الأشخاص الذين يعانون من القلق والاكتئاب غالبًا ما يعانون من رؤية صور مخيفة في أذهانهم أو سيناريوهات مستقبلية متشائمة والتي لا تتوقف أبدًا عن مطاردة عقولهم».
مكان خيالي
قام عالم النفس والمعالج النفسي جان تال، مؤسس مدرسة الخيال في أمستردام، بتصميم تمارين مختلفة يمكن أن تساعد في ذلك. لقد جعل استكشاف القوة العلاجية للخيال وتسخيرها عملًا في حياته. على سبيل المثال، يشرح العالم كيفية التمرين في غرفة مليئة بالألوان وأدوات الرسم والتلوين، كجزء من علاجه. يقوم بمساعدة مرضاه على تخيل مكان ممتع وآمن، سواء كان مكان خيالي أو مكان يعرفه المريض ويشعره بالدفء والسرور.
يقول عالم النفس، «الهدف من هذا التمرين هو أن يتعرف الشخص على هذا المكان بالكامل، باستخدام كل حواسه. ماذا يرى، ماذا يشتم، ماذا يتذوق، كيف يشعر عندما يكون في هذا المكان؟ بعد ذلك يتم ملاحظة الطاقة الإيجابية بمجرد التفكير بالمكان».
اسمح للفراغ أن يتدخل
ليس من السهل بالنسبة للبالغين أن يجعلوا الصور والسيناريوهات الخيالية تلامس أرواحهم. تقول انجا فيسير: «في رحلة علاجية نقوم فيها بتحفيز الخيال، أرى أنه من الممكن ممارسة هذه القوة، وهي من القدرات المعرفية الأخرى مثل التخطيط أو التوجيه وممارسة الرياضة، يصبح الأمر أسهل بالمواظبة عليها».
في نهاية المطاف، علينا أن ندرك أنه يجب علينا خلق مساحة للخيال ونسمح للهدوء أن يحتل عقولنا. تخيل أنك تجلس تحت ظل شجرة، تحتك بساط من العشب الأخضر وتراقب السماء، حتمًا ستلهي نفسك بنفسك فالمحفزات الخارجية تقل وهذا يزيد من فرصة التعبير عن خيالك، لكننا نسينا كيف نتعامل مع هذا الفراغ العقلي، فيكاد يكون مستحيلًا أن يذهب أحدنا إلى دورة المياه بلا هاتفه المحمول.
إذا كنت ترغب بإعطاء فرصة لخيالك، يجب عليك أولًا إنشاء بعض المساحة. هل تجد صعوبة في التخيل أم أنك لم تتوقف منذ طفولتك عن الخيال؟
add تابِعني remove_red_eye 784
هل تجد صعوبة في التخيل أم أنك لم تتوقف عن ذلك منذ نعومة اظفارك ؟
link https://ziid.net/?p=92807