كيف يمكنك -كانطوائي- تكوين علاقات عمل ناجحة؟
تكوين العلاقات الاجتماعية قد يكون أزمة ومشكلة حقيقية تواجه البعض،ولكن للأسف لا يمكن الاستغناء عنه لأنه ضرورة في مجتمعنا الحالي
add تابِعني remove_red_eye 91,100
تكوين العلاقات “التشبيك-Networking” أمر مؤلم، وأشكّ في أي شخص يدعي أنه يستمتع بها. لسوء الحظ (بالنسبة لي)، يعتبر تكوين العلاقات أمرًا ضروريًّا: فمعظم الفرص الجيدة تأتي من خلال العلاقات الشخصية.
حيثما نظرت، سترى دليلًا على تلك الحقيقة:
- يزداد الأثرياء ثراءً من إدراكهم لذلك، وهذا أفضل دليل على صحة شيء ما.
- تحجز المؤتمرات مساحات مربعة رخيصة وتأجّرها -بأسعار باهظة- للمشاركين الذين يرغبون في مقابلة مشاركين آخرين.
- تقدم لك كليات إدارة الأعمال بجامعة ستانفورد فرصة ثمينة لمقابلة الكثير من حملة ماجستير إدارة الأعمال بالجامعة.
- يعتمد نموذج المسرّع الأمريكي (Y Combinator) لبدء المشاريع الناشئة بالكامل على تفضيل المستثمرين الجريئين للعروض الحيّة عوضًا عن رسائل البريد الإلكتروني الباردة.
من الواضح أن تكوين العلاقات، بالمعنى الواسع، يُجدي نفعًا. لكن ليس مع الأشخاص السيئين في بدء المحادثات مع الغرباء أو بالقرب منهم، وأنا بالتأكيد أحد هؤلاء.
حيث أعتبر نفسي انطوائيًّا إلى حد ما (وهذا لا ينبغي أن يكون مفاجأة؛ الانطوائيون ممثَلون بشكل مفرط في الأجزاء المكتوبة فقط من الإنترنت)، وأنا سيئ بشكل مرَضي في التعرف على الوجوه. اعتقدت في البداية أنني أعاني ضعفًا في النظر، ولكن بعد أن حصلت على النظارات سمعت عن عمَى التعرف على الوجوه أو ما يُعرف بـ Prosopagnosia وهي كلمة يونانية مكونة من جزأين “prosopon” وتعني وجه “agnosia” وتعني العمى: إذا كانت هناك كلمة باليونانية أو اللاتينية، فمن المحتمل أنها حقيقية.
الانطوائية والقدرة الضعيفة على التعرف على الأشخاص تجعلان التشبيك حقل ألغام مؤكدًا: فأنت إما ستجري محادثة -مؤلمة إلى حد ما- مع شخص لا تعرفه، وتتلمس نوعًا من الأرضية المشتركة، أو محادثة أكثر صعوبة مع شخص تحدثت إليه بالفعل.
هناك حل!
أن تصبح مشهورًا وتفقد القدرة على تحديد من تريد التحدث إليه، لكن على الأقل يبدأ الجميع المحادثة بسياق ما؛ هذا يعني أنك تستعين بمصادر خارجية للانبساطية معهم. الشهرة صعبة ولها تكاليف أخرى. ولكن هناك بديل آخر: أن تكون (شِبه شهير – microfamous). تُعد شِبه الشهرة أفضل نوع من الشهرة، فهي تجمع بين مهمة أسهل (أن تكون مشهورًا لعدد أقل من الأشخاص) مع نتيجة أفضل (كونك مشهورًا للأشخاص المناسبين).
إذا كنت تحاول اكتشاف مدى صعوبة تحقيق شِبه الشهرة (شهرة مُصغرة)، فركز على كلمة “مُصغرة” لا “الشهرة”. الشهرة المُصغرة تعني ببساطة ألّا يُدرك أصدقاء أصدقائك مَن أنت، ومع ذلك يخوضون محادثة معك حول شيء مثير للاهتمام للطرفين.
حدث ذلك معي في حفلة قبل نحو (6) أعوام. كنّا -أنا وزوجتي- قد هربنا من الحفلة للتو، وبطبيعة الحال “احتفلت” بكتابة منشور طويل على الفيس بوك حول كيف -من منطلق اللياقة الداروينية الشاملة- يكون الشخص الوحيد في العالم بأسره الذي يمكنك الوثوق به للتصرف لصالحك لأسبابه الخاصة هو زوجك/زوجتك!
بعد أيام قليلة، كنا في حفلة، وقدم شخص غريب نفسه إلينا، وهنأنا ثم بدأ يتحدث عن التطور والزواج. بالنسبة إلى الانطوائي، هذه هي السكينة، بعبارة أخرى:
- ألا تكون مضطرًا لتقديم نفسك لأي شخص.
- ألا تكون مضطرًا للبحث عن موضوع تتحدث عنه.
- أن تختار الطرف الآخر في المحادثة مسبقًا وتشاركه اهتماماتك الغريبة.
يمكن لأحدكم أن يجادل قائلًا أن لهذه القاعدة عيب خطير: فجزءٌ من متعة مقابلة أشخاص جدد هو تعلم أشياء لم تكن تدرك أنها مثيرة للاهتمام. لكنها -من وجهة نظري- هي أساس عمل الكاتب. سأشرح لك الأمر: يكوّن الكثير من الأشخاص الانطوائيين روابطهم الاجتماعية بناءً على مصلحة مشتركة، لكن معظمهم لديه اهتمامات متعددة غامضة.
لذا، رباب، التي تحب البرمجة الوظيفية، والرأسمالية اللاسلطوية، تتعرف إلى باسم، الذي يحب البرمجة الوظيفية أيضًا، إضافة إلى الخيال العلمي، والماركسية.
يمكن لرباب وباسم استغلال الكتابة للوصول إلى أشخاص آخرين متشابهين في التفكير ضمن قائمة أصدقاء بعضهما البعض، وذلك من خلال كتابة شيء يحظى باهتمام عام حول هوايتهم الخاصة. [عندما تكتب رباب شيئًا رائعًا حول خاصية فتح الأقفال بدون المفتاح الأصلي Lock picking، والذي يشاركه باسم على تويتر، فمن المرجح أن تلتقي رباب ببعض أصدقاء باسم الذين يهتمون بذات الموضوع]
وهناك مشكلتان..
تبدو هذه الممارسة بلا سلبيات، أن تُلغي الروابط الاجتماعية مع الأشخاص الذين لا يشاركوننا اهتماماتنا الغريبة والخاصة. لكن هناك مشكلتان في هذا، أحدهما أن الكثير من الأشخاص العاديين يفعلون ذلك أيضًا، فقط من أجل اهتمامات أوسع: هناك اختلاف في النوع، وليس المدى، بين شخص يريد التحدث فقط عن الطقس والرياضة والقومية والسياسة من ناحية والشخص الذي يريد فقط التحدث عن علم الأحياء الحسابي، والنظرية النقدية الحديثة، وعهد لويس التاسع من ناحية أخرى.
لكن أحد الآثار الجانبية لإستراتيجية الكتابة كطريقة للتشبيك هو أن الكتابة عن اهتماماتك الأخرى تثير اهتمام الآخرين. أنت لا تقوم فقط بفرض جدار عازل حول اهتماماتك؛ بل تضيف المزيد من الأشخاص إلى معزل “غيتو” اهتماماتك (إن صح القول)، وإذا حذا المزيد من أصدقائك حذوك، فستتعرض لذات الأفكار. على سبيل المثال، فإن المقالة الطويلة حول موضوع قد تكون مهتمًا به تشبه محادثة طويلة حول نفس الموضوع، (باستثناء أنه من غير الوقح المغادرة/إغلاق صفحة المقالة بعد ثلاثين ثانية عندما تشعر أنه أمر ممل).
الخلاصة
عندما يكتب الأشخاص عن “التسويق بالمحتوى“، يكون التركيز على امتلاك جمهور كبير بشكل تعسفي، ولكن الجمهور الضيق له مزاياه الخاصة. يمكنك توفير الكثير من المال على تذاكر المؤتمرات وبطاقات العمل إذا كنت تستخدم مقالتين تم اختيارهما جيدًا كطريقة للحصول على توصيات من أصدقاء الأصدقاء الذين تريد التعاون معهم.
إستراتيجية الكتابة للتشبيك ليست للجميع. هناك بعض الأشخاص الذين يحبون حقًا فكرة الدخول إلى غرفة مليئة بالغرباء مع مجموعة كبيرة من بطاقات العمل وإجراء مجموعة من العلاقات المهنية القيمة. لكن بالنسبة لأولئك منا الذين يخشون ألا يُحالفهم الحظ، فإن الكتابة هي البديل. إذا بذلت جهدك، يمكنك استبدال أسوأ أجزاء التواصل الاجتماعي بالوقت الذي تقضيه بمفردك مع جهاز حاسوبك كما اتضح، “رسائل البريد الإلكتروني الباردة” هي مجرد وظيفة أخرى من تلك الوظائف التي يلتهمها الذكاء الصنعي.
للمزيد عن الانطوائية وبناء العلاقات، اقرأ المقالات التالية:
add تابِعني remove_red_eye 91,100
إن كان لديك صعوبة في تكوين العلاقات الاجتماعية .. إليك هذا المقال
link https://ziid.net/?p=70228