كيف يمكنك الاستفادة من عادة مقارنة نفسك بالآخرين؟
قد تكون مقارنة النفس بالآخرين مفسدة تامَّة. ومع ذلك، بإمكانك استغلالها لتطوير ذاتك دون المساس بتقديرك الذاتي.
add تابِعني remove_red_eye 789
نحن كبشر، نمتلك العديد من الصفات الفِطرية التي لا دخل لنا بتأصلها داخلنا. وإحدى هذه الصفات هي مُقارنة أنفسنا بالآخرين. لم يفلت أحد من كلمات التحفيز والأقوال المأثورة والكتب والمقالات التي تُحرِّم علينا تبنِّي هذه العادة. ولكنَّنا نقوم بالمقارنة على أي حال، وفي مُختلَف جوانب حياتنا: الحظ، والمال، والذكاء، والجمال، والمظهر الجسدي، وحتى الثقافة. ورغم أنَّ مقارنة أنفسنا بالآخرين أحيانًا ما تكون عادة مُدمِّرة، فبوسعنا تهذيبها وتنقيحها؛ لكي تتوافق مع مبادئنا وأهدافنا في الحياة.
إليك بعض الخطوات لمساعدتك في الاستفادة من عادة مقارنة نفسك بالآخرين:
1. اغتبط ولا تحسد
لا يربح أحد من المقارنة الغريزية غير الواعية التي تُغذِّيها الأنا؛ إذ تبني كراهية الآخرين وتمنِّي زوال النِعَم من حياتهم الحواجز، وتُسلِبك الإنسانية وتُشعِرَك بالانفصال عمَّن حولك. ونظرًا لأنَّ الناس يستشعرون ما في قلوبِ غيرهم، سيشعرون بما في نفسَك، ممَّا سوف يؤدِّي إلى ابتعادهم عنك، ومن ثمَّ الدخول في دائرة الوحدة. تُسمى هذه المشاعر في علم النفس “نظرية الحرمان النسبي” (The theory of relative deprivation)، وهي شعور المرء بأنَّه أقل من الجميع. ولن تصِل بك هذه المشاعر إلى أي مكان سوى للتراجع.
اِعلم أنَّك لست أقل من غيرك. ربما تمتلك نفس المُعطيات التي يمتلكها الآخرون، ولكنَّهم نظروا إليها بطريقةٍ مختلفة. لذا، أسعد للآخرين وادعمهم؛ كي تجد الدعم والمحبة عندما تبدأ رحلتك الخاصة.
2. حوِّل الحسد إلى إلهام
أول ما ينبغي عليك فعله في هذه الخطوة هو الإدراك الواعي بفخ المقارنة. انتبه لمشاعر الحسد كما سلفت الذِّكر ولا تدعها تتملكَّك، وذكِّر نفسك على الدوام بأنَّ هذه المقارنة ما هي إلَّا وسيلة لتحفيزك ودفعك للأمام.
والخطوة التالة هي الاستلهام. يتعيَّن عليك التركيز على ما يعجبك تحديدًا في الشخص الآخر. على سبيل المثال: إذا أعجبتك شخصية زميلك في العمل، ألقِ الضوء على الصفات المُعيَّنة التي تثير إعجابك، إذا وجدت نفسك معجبًا بثقته في نفسه وقدرته على تخطِّي الأوقات العصيبة، فقد استلهمت بعض الصفات التي يجب أن تنمِّيها في نفسك، وهي تعزيز الثقة بالنفس، والقدرة على تحمُّل الصِعاب.
3. فكِّر فيما تحتاج إليه للوصول إلى النتيجة ذاتها
كما ذكرت أعلاه، ربما تمتلك نفس المُعطيات التي استغلها شخصٌ آخر في تحقيق أهدافه. على سبيل المثال: إذا أردت امتلاك جسد رياضي وجذَّاب، فكلاكما يمتلك نقطة الانطلاق، وهي الجسد. ولكنَّ الفارق هنا أنَّ الآخر بدأ في التنفيذ وممارسة التمرينات الرياضية وتناول الطعام الصحي والابتعاد عن الوجبات السريعة، إلخ… أمَّا أنت فلم تفعل بَعد. وتتعدد الأمثلة في هذا الصدد، سواء في النجاح في الحياة المِهنية، والذي يتطلب منك صقل مهاراتك وتحديد نقاط قوتك لتعزيزها، ونقاط ضعفك لإصلاحها. أو في التعليم والثقافة والذكاء والجمال إلخ…
4. تجنَّب خداع الأنا
لا تسعد بالفوز في مقارنتك بالآخرين، إنَّها معركة زائفة تخلقها “الأنا”، والإشباع النسبي ما هو إلَّا الوجه الآخر للحرمان. وما يدفعك للتفاخر قد يطيح بك خارج اللعبة عندما تنقلب الطاولات. على سبيل المثال: إذا كنت تفخر بشأن مظهرك تفاخرًا مبالغًا فيه، وتشعر أنَّك أفضل من أي شخص آخر، ماذا سيحدث عندما يحضر شخصٌ آخر وتراه أفضل منك؟
إنَّ وجود أشخاص آخرين أقل منك شأنًا أو ذكاءً أو مظهرًا ليس إنجاز يُضاف لقائمتك، فهذا أمر طبيعي وأساس تقوم عليه الحياة. وبدلًا من التفاخر والمقارنة منعدمة المعنى والفائدة، يمكنك تعزيز ما يُميِّزك وتسخيره للوصول إلى أفضل نسخة من نفسك أو إلهام من حولك.
5. اعرف قيمتك ولا تقلِّل من شأنِ نفسك
لقد اتضح الآن أنَّ المفهوم الصحيح “لمقارنة النفس بالآخرين” هو “الاستلهام”، وليس محو الذات والتطلُّع إلى عيش حياة الآخرين. فلا تقلِّل من شأن نفسك أو تنهال عليها باتهامات الفشل والضعف والعجز بينما تنظر للآخرين على أنَّهم استطاعوا تحقيق ما تطمح أنت إليه. قد تكون الموارد واحدة ولكنَّ الظروف مختلفة.
وهناك قصة طريفة قد تكون قرأتها من قبل، دعني أقصَّها عليك مرَّة أخرى: قام “س” بالركض لمسافة (10) أميال في ساعة، بينما بلغ “ص” المسافة نفسها في (45) دقيقة. من الأمهر باعتقادك؟ إنَّه “ص” أليس كذلك؟ ولكنَّك لم تعرف المعلومات الكافية عن ظروف كلٍّ منهما. يركض “س” على أرضية غير ممهدة، بينما يركض الآخر على أرضية مُهيئة للركض.
يبلغ “س” من العُمر (40) عامًا، بينما يبلغ الآخر (32) عامًا فقط. يركض “س” في أجواء ممطرة ورياح شديدة، بينما يركض الآخر في أجواء معتدلة لا تعيقه. امتلك كلاهما الموارد، ولكن تغيرت الظروف. والآن، من الأمهر برأيك؟
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 789
مقال هام ومثير حول مقارنة النفس بالآخرين وأهمية ذلك للشخص
link https://ziid.net/?p=71145