الخوف من العادية
أصبح الجميع يريدون أن يكونوا ناجحين وسعداء ومشهورين والكل أصبح يخاف عاديته.
add تابِعني remove_red_eye 61,969
منذ كتبت بعض المقالات على “زد” وأصبح لدي بعض القراء، والأصدقاء لا ينفكون يسألونني كيف يتخلصون من عاديتهم، أثناء بحثي عن أفكار لموضوعات الكتابة اقترحت عليّ إحدى الصديقات أن أكتب عن كيف يحقق المرء ما يتمناه ويبتغيه من الوجود، كيف لا يكون عاديًا، وحينما سألتها عن تعريف العادية أجابتني:
هم أولئك الأشخاص الذين لا يتبعون شغفًا ولا يتمكنون من موهبة، أولئك الذين يقضون أعمارهم لا يعرفهم أحد غير دوائرهم المقربة.
لكنني لم أجد هذا الشخص العادي فاشلًا على الإطلاق فما الذي يستدعي أن يجعلنا نتنكر منه ولا نريد أن نكونه؟
في يوم من الأيام كنت أنا الأخرى مهووسة بما أريد فعله أن يعرفني الجميع ويشيرون إلي بالبنان، ولكن في ظل ما نراه على وسائل التواصل الاجتماعي من سهولة الشهرة بأفعال غير لائقة أو تافهة، فلم يعد الأمر صعبًا فقط كل ما تحتاجه هو كاميرا وأغنية أو كاميرا والحديث عن أي شيء يسبب الهجوم لك ثم الكثير من المشاركات وحينها: أهلًا لقد أصبحت مشهور الآن، أنت الآن تمتلك آلاف المتابعين ولا يهم أن كانوا يتابعونك لسبك أو لانتقادك فحسب، ولكن أنت الآن مشهور، لا يهم إن كانت شهرتك تجلب لك السعادة أو الكدر، تجلب لك العجب أو النقد، المهم أنك مشهور ولامع.
الغاية من الوجود
من حين لآخر نحتاج إلى العودة لأنفسنا لمبادئنا ولما ندين به لنرى ما هي الغاية من الوجود وما هي الغاية الرئيسية من وجود البشر على الأرض، ففي ديننا الإسلامي الحنيف غاية وجودنا هي عبادة الله وعمارة الأرض، والذين أصبحا بعيدين كل البعد عن أذهاننا، لقد أصبح الانسان يفكر كيف يخرب الأرض، ليرضي غروره وجنونه بالتقنية، فغاية الوجود في الدين الإسلامي لا تتعدي العبادة والتعمير، لم يطلب منك أن تكون مؤثرًا في الملايين أو يتبعك الكثيرين، لا يطل منك أن تكون خطيبًا مفوهًا، يتبعك الكثيرون.
وكذلك أي شيء تتبعه أنت، عد للأصول للتفتيش في الإنسانية ستجد أن النجاح، هو أن تكون أنت، أنت تفيد إنسانًا واحدًا، أن تقوم بدورك المرسوم لك على أكمل وجه، أن تقاوم إنسانيتك طبيعتك الحيوانية، ألا تؤذي غيرك وألا تتسلق فوق أكتافه من أجل أن تحصل على أهدافك الخاصة ومصلحتك الشخصية فقط. لذا ليس المهم هو أن تكون مشهورًا بل أن تكون سعيدًا.
هل أنت ممتلئ أم فارغ
لا يقوم الشخص منا بواجبات حياته ولا ينعم بحياته طالما يشعر أنه فارغ، الفراغ هنا لا يعني الفراغ من العمل فقط بل الفراغ من الكثير من الأشياء، فلكل إنسان منا عناصر يستمد منها السعادة الأمر يشبه المخازن الداخلية التي يجب أن تظل ممتلئة وألا نشعر بخوائها، هذه الجوانب هي العلاقة بالله، العائلة، الأصدقاء، العمل، علاقتنا بأنفسنا، فإذا كان هناك خلل في أي جانب من تلك الجوانب.
بالطبع ستشعر بأنك غير سعيد، ستشعر أنك تحتاج إلى شيء كبير ليسد ذلك الخواء الداخلي، ستعدو في الطرقات بحثًا عمّا يملأ الخواء الداخلي الذي تشعر به، الأمر يشبه التسوق وأنت جائع، تشعر أنك تحتاج للكثير، فقد يكون شعورك بالاحتياج للشهرة ليس أكثر من أنك تريد أن تحوز شيئًا كبيرًا لفشلك في أن تكون شخصًا سعيدًا أو فشلك في التلاؤم مع نفسك ومع محيطك، لذلك إذا كنت تشعر بالتوق للشهرة، فراجع داخلك وعلاقتك بنفسك والتوافق معها، فربما أنت جائع، وتحتاج فقط إلى ملء خوائك الداخلي، وحينها ستتحسن الأمور.
هل تعرف قيمك الشخصية
لكل منا قيم شخصية وهي الأشياء التي تهمنا، والخصائص والسلوكيات التي تحفزنا وتوجه قراراتنا، هي بوصلتنا الداخلية التي تدفعنا إلى فعل الأشياء أو عدم فعلها. ربما تقدر الصدق، أو هو أهم الأشياء لديك تشعر بالغضب إذا كنت غير قادر على قول الحقيقة، تشعر بأنك مقيد، لا تبالي إن جعلك هذا الأمر تخسر فالمهم عندك هو أن تظل صادقًا، وربما تكون الحرية هي أغلى القيم لديك، أنت لا تبالي إذ عشت جائعًا لا تجد اللقمة، ولا تبالي إذا عشت وحيدًا بل ما يهمك حقًّا هو أن تشعر أنك حرّ، أن لا شيء يمنعك من فعل ما تتمناه وما تريده.
كيف تحدد قيمك الشخصية؟
- ما أكثر الأشياء أهمية لك في الحياة؟
- إذا كان بإمكانك الحصول على وظيفة، دون القلق بشأن المال أو القيود العملية الأخرى، فماذا ستفعل؟
- عندما تقرأ قصصًا إخبارية، فما نوع القصة أو السلوك الذي يلهمك؟
- ما نوع القصة أو السلوك الذي يغضبك؟
- ما الذي تريد تغييره في العالم أو عن نفسك؟
- ما الذي تفتخر به أكثر من أي شيء آخر؟
- متى تكون أسعد حالًا؟
يمكنك من خلال تلك الأسئلة أن تعرف ما قيمك المهمة؟ وأن يمكنك حينها أن تعرف ما طريقك في الحياة الذي تريد أن تسلكه، وأن تحقق من خلاله ما تريد. إذا كنت غير قادر على تحديد قيمك الشخصية إليك قائمة قصيرة قد تساعدك: المال – الصحة – الحرية – الأمان – الإبداع – الحب – العائلة – اللطف – العفوية – الذكاء.
بعد أن تحدد قيمك يمكن أن تحدد الطريق الذي يمكنك أن تسلكه، الطريق الذي يحقق سلامك الداخلي وسعادتك.
أثر الفراشة لا يرى ولا يزول
أَثر الفراشة أَثر الفراشة لا يُرَى أَثر الفراشة لا يزولُ “محمود درويش” يكتب محمود درويش عن أثر الفراشة، تلك الفراشة الرقيقة، الكائن الدقيق الذي لا تلاحظه، ولكن يجب أن تعرف أنك تشبه الفراشة، ربما أثرك لا يرى ولكنه كذلك لا يزول.
إذا كنت ترى أنك عادي لا فائدة من وجودك، لا تمثل شيئًا للعالم والحياة، عد بذاكرتك للوراء وتذكر كما موقفًا كنت مؤثرًا فيه، كما موقفًا لولاك ما كان ليتم حله، فكر في هدية عيد ميلادك الذي جعلته يكاد يطير فرحًا، أو العجوز الذي ساعدته في عبور الطريق أو المعلومة التي قلتها عفوًا فأفادت صديقك، عن عملك الذي تقوم به كل يوم في نفس التوقيت، إذا كانت طبيبًا فقد أرحت مريضًا على الأقل يومًا.
وإذا كنت معلمًا فكّر في ذلك الذي أصبح يقرأ الكتب بطلاقة بسبب عملك، فنحن كلنا خلايا في جسد المجتمع، خلايا لولاها لاختل نظام الكون، لا يمكنك أن ترى أنك غير نافع وأن وجودك غير مجدٍ، فقط لأنك لا تحصل على الكثير من الإعجاب عبر فيسبوك أو تويتر، فقط تذكر أنك إن أثرت في حياة شخص واحد بالإيجاب فأنت شخص جيد، إذا كانت الإنسانية هي ما تتحكم بك فأنت شخص جيد، إذا كنت تطبق دينك باعتداله ودعوته الحسنة فأنت شخص رائع.
الحياة لا تستحق كل ذلك التعقيد والجهد المبذول في لا شيء، فقط من أجل القليل من اللمعان في عالم افتراضي، قد ينتهي بضغطة زر، المعيار الحقيقي للحياة هو أنت تعيش مستقرًا وهادئًا وسعيدًا متوائمًا مع نفسك ومع من حولك، لا أن تصبح مطاردًا أو حياتك خاضعة لأنظار الجميع.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 61,969
مقال يناقش فكرة الخوف من الحياة العادية
link https://ziid.net/?p=68048