التفاؤل المفرط حين يقودك إلى الاصطدام بجدار الواقع
عندما تُقدِم على أمر معين فأنت بين ثلاثة خيارات، إما أن تكون توقعاتك منطقية، و إما أن تتشاءم و لا تُقدِم، و إما أن تتفاءل بإفراط.
عندما تُقدِم على أمر معين فأنت بين ثلاثة خيارات، إما أن تكون توقعاتك منطقية، و إما أن تتشاءم و لا تُقدِم، و إما أن تتفاءل بإفراط.
add تابِعني remove_red_eye 9,623
الحياة سلسلة من القرارات التي لا تنتهي، وكل قرار مرتبط بدرجة معينة من المخاطرة، لكي تقول أنك عشت الحياة يتوجب عليك رفع سقف المخاطرة بين الحين والآخر، ولكن انتبه من أن تقع في فخ التفاؤل المفرط (أو التفاؤل الأعمى) الذي يعميك عن الحقائق السيئة، ويجعل المستقبل سلسًا ومفعمًا بالنجاحات المتتالية التي لا تعرف العوائق. الجدير بالذكر أن كثيرًا من الذين لديهم هذه الصفة لا يعلمون بذلك وخصوصًا في بداية الأمر؛ وذلك بسبب طغيان الحماس وكثرة الأماني التي تم نسجها في عقولهم.
أحد أكثر الأمثلة وضوحًا للإفراط في التفاؤل هو المضاربة في البورصة، حيث تجد الكثير من المضاربين يشترون أسهمًا في شركة معينة ويعقدون الآمال والأماني بالثراء السريع بعد بيع ما يمتلكون بأضعاف مضاعفة، ولكنهم نسوا أو تناسوا إن صح الوصف بأنهم لا يملكون المعلومات الكافية التي تدعم توقعاتهم، بل أن كثيرين منهم لم يبحثوا عنها من الأساس. مثال آخر في عالم ريادة الأعمال حيث ساد جو من التفاؤل والحماس لدى الكثيرين ممن لم يدخلوا بعد هذا العالم مما جعل بعضهم يظن أن طريقه ليكون ريادي أعمال عظيم هو طريق سريع لا يوجد فيه أي إشاراتٍ مرورية أو مطبات، ليصطدم بعدها بالمعوقات أو لنقول بالواقع الذي لم يتفحصه جيدًا في بداية رحلته.
يتميز التفاؤل المفرط بتجاهل الواقع وعدم دراسة جوانب الحكاية كاملة وتضخيم الإيجابيات ورفع سقف التوقعات لدرجات عالية جدًا. التوقع بتحقيق نتائج قوية بمدخلات متوسطة أو ضعيفة هو أحد المؤشرات لهذه الحالة، كما أن التقليل من قيمة المعوقات أيضًا صورة أخرى من صور التفاؤل المفرط. إن الاعتقاد بأن كل شيء سيسير بحسب ما هو مخطط له مسبقًا -مخطط له بتفاؤلٍ أعمى- يجعل من الشخص لا يرى إلا ما أراد أو ما اعتقد.
قبل أزمة 2008 الاقتصادية، كان الأغلبية العظمى من الأمريكيين مبهورًا بأداء الاقتصاد، وحتى المختصين ومراكز الأبحاث كانت تُصدر تقارير تشير لمتانة السوق وقوة الطلب، وفي غضون شهور قليلة انفجرت فقاعة الرهن العقاري وانقلبت الآية تمامًا وخسر سوق الأسهم الأمريكي في فترةٍ قصيرة جدًا أكثر من نصف قيمته، علاوة على مدخرات الأسر.
يقول نسيم طالب في كتابه (البعجة السوداء): “كلما زادت نسبة ندرة الحدث زادت إزاءها نسبة الخطأ في تقديرنا لاحتمال حدوثه”
في دراسة أجراها مجموعة من علماء الأعصاب من جامعة كلية لندن، جامعة برلين وجامعة هومبولت على مسألة تقدير الناس للأمور السيئة التي قد تحصل لهم، حيث عرضوا على مجموعة من الناس 80 حدثًا سيئًا قد تعترض حياتهم، مثل التعرض لمرض الزهايمر والطرد من الوظيفة وغيرها، وطلبوا منهم تقدير احتمالية تعرضهم لهذه الأحداث، ثم عرضوا عليهم الاحتمالية الصحيحة والمستخرجة من الإحصائيات السابقة. بعد ذلك طلبوا منهم تقدير احتمالية تعرضهم لهذه الأحداث مرةً أخرى، وجد الباحثون بأن أغلب المشاركين عدّلوا تقديراتهم بعدما علموا بأن الاحتمالية الصحيحة هي أقل مما توقعوا. ولكن في حالة أنهم توقعوا احتمالية أقل من الأرقام المتوقعة والتي زودهم بها فريق الباحثين، فإن أغلب المشاركين لم يغيروا من توقعاتهم وأبقوها كما هي.
أحد الحلول الجيدة لحل هذه المعضلة هو استفزاز عقلك بالآراء المعاكسة لتوقعاتك وتبنيها والبدء في المحاجة العقلية حتى الوصول لحالة معقولة من التوازن في تقييمك لما أنت مقدم عليه. كما أن الأخذ بمشورة الخبراء أو من سبق لهم خوض نفس التجربة التي أنت مقدمٌ عليها لها أثر عظيم في جعل توقعاتك وتفاؤلك منطقيًا وعقلانيًا. ويستخدم البعض حيلة نفسية وهي أن ينتظر فترة من الزمن قبل البدء في تنفيذ القرار الذي اتخذه، وذلك ليعطي عقله مساحة يكتشف فيها بعضًا مما خَفِي عنه.
إن التفاؤل نعمة عظيمة من الله عز وجل ولكن يجب أن نعامله بعناية، فوجود التفاؤل يجب أن يكون دافعًا للعمل الجاد وأخذ المخاطر المعقولة والتعامل معها بجديةٍ وواقعية. بعض من حالات التفاؤل المفرط والتي تصطدم بعقبات غير محسوبة تجعل من صاحبها عرضة للاكتئاب والإحباط، و قد تقوده هذه الحالة لأن يسير للاتجاه المغاير تمامًا وتدخله في تشاؤم مفرط مما يجعل الإنسان يصاب بالجمود في التفكير وعدم الإقدام لأخذ مخاطر وقرارات تصب في مصلحته. وتتعاظم أهمية التريّث والأخذ بمشورة المختصين والتقدير العقلاني للنتائج كلما كبرت أهمية القرار وتأثيره على الشخص.
add تابِعني remove_red_eye 9,623
زد
زد
اختيارات
معلومات
تواصل
الإبلاغ عن مشكلة جميع الحقوق محفوظة لزد 2014 - 2025 ©
أهلاً ومهلاً!
10 مقالات ستكون كافية لإدهاشك، وبعدها ستحتاج للتسجيل للاستمتاع بتجربة فريدة مع زد مجاناً!
المنزل والأسرة
المال والأعمال
الصحة واللياقة
العلوم والتعليم
الفنون والترفيه
أعمال الإنترنت
السفر والسياحة
الحاسوب والاتصالات
مملكة المطبخ
التسوق والمتاجر
العمل الخيري
الموضة والأزياء
التفضيل
لا تكن مجرد قارئ! close
كن قارئ زد واحصل على محتوى مخصص لك ولاهتماماتك عبر التسجيل مجاناً.
مقال هام للغاية يناقش ما يسمى بالتفاؤل المفرط وما هي أعراضه وكيف يمكن التغلب عليه !
link https://ziid.net/?p=26957