فقدان الحزن الأبدي: هل هو نعمة أم نقمة؟
الحزن من المشاعر الإنسانية الهامة والتي لا بد ألا نغضب كثيرًا إن شعرنا بها، من الأفضل أن نستغل الحزن ليدفعنا إلى الأمام
الحزن من المشاعر الإنسانية الهامة والتي لا بد ألا نغضب كثيرًا إن شعرنا بها، من الأفضل أن نستغل الحزن ليدفعنا إلى الأمام
add تابِعني remove_red_eye 11,804
الحزن أحد المشاعر الستة التي تتملك الإنسان (مع السعادة والغضب والدهشة والخوف والاشمئزاز كما صنّفها العالم النفساني “بول إيكمان”)، وهو شعور نفسي يأتي نتاجًا لأحداث واقعية حدثت للشخص فتجعله يائسًا وبائسًا وكئيبًا ليترجم شعوره السلبي عن الحدث.
عمومًا، تأثير هذا الشعور قد يسبب ضمورًا وتلفًا لبعض أجزاء الجسد؛ حيث إن الجسم الإنساني يتأثر بتفاعل المشاعر والأحاسيس، ويتضامن مع الإشارات العقلية والعصبية، وبالتالي إصابة الشخص بالأمراض بعد نوبة بكاء وحزن لمدة زمنية معينة ماهي إلا نتاج ذلك، كما يمكن أن يصاب بالاكتئاب أو الاكتئاب الحاد.
ما الفرق بين الاكتئاب المرضي والحزن العابر؟
الآن، وبما أن الحزن كما قلنا: “هو ترجمة لمشاعر الإنسان بعد حدث معين“، فهل باعتقادك عدم شعورك بالحزن للأبد سيكون أمرًا جميلًا ومريحًا؟
أيًا كانت إجابتك، أرجوك احتفظ بها حتى نهاية مقالنا اليوم.
قرأت حديثًا خبرًا أثار دهشتي، حيث تم تصنيف “مالكوم ميت-Malcolm Myatt” بأنه أسعد إنسان في العالم، وما أثار دهشتي هو أن الأغلب يحسد هذا الشخص على مصابه ويقولون إنه يعيش في الجنة على الأرض وأنهم يغارون من السعادة المفرطة التي يعيشها هذا المسكين!
(لمن لا يعرف “مالكوم ميت” فهو إنسان عادي من أصل بريطاني أصيب بسكته دماغية عام ٢٠٠٤، أتلفت بعض أجزاء دماغه المسئول عن المشاعر مما أدى لفقدان شعوره بالحزن إلى الأبد. ويمكنك اقرأ الخبر بالعربية).
يعيش هذا المسكين –من وجهة نظري– في دوامة من المشاعر غير الصادقة، فهو حتى وإن أراد الحزن لا يستطيع أن يحزن، فهو مجبور على الشعور بالسعادة مدى الحياة وكأنه حُرِم من أحد المشاعر المهمة التي يجب أن يمتلكها الإنسان بما أنها خلقت معه، لم يخلق الله شيئًا عبثًا، تخيّلوا معي “مالكوم” في عزائه لأحد أقاربه مثلًا، وهو مبتسم وسعادته مفرطة لا يستطيع أن يظهر أدنى شعور بالأسى لهذا المصاب الجلل، تخيّلوه مجددًا وهو يتلقى كلمات سيئة أو يُضرب ضربًا مبرّحًا، هو لن يكف عن الشعور بالفرح كونه لا يستطيع ترجمة شعوره بالحزن.. فأين السعادة في ذلك؟
في تقرير نشرته صحيفة “إلبايس-El País” الإسبانية، قال الكاتب “أندريس ماسا”:
إن من السهل كشف أعراض الحزن من خلال اللغة، وفي هذه الحالة فإن عبارات من قبيل: “لا تحزن” هي أسوأ العبارات التي يمكن أن تقال لشخص ما.
لم يخلق الله بنا شعورًا وإحساسًا دون سبب، نحتاج للحزن في أيامنا لترجمة مشاعرنا وإزاحة الهم عن أكتافنا، كحاجتنا للشعور بالسعادة عند الفرح، والغضب عند عدم الرضا، الدهشة عند الإعجاب بشيء ما، والاشمئزاز عند الاحتقار، والخوف عند عدم الأمان، فقولك لشخص حزين عبارة: “لا تحزن” قد تُترجم في عقله إلى “اكبت مشاعرك الحقيقية هذه فأنت تستحق هذا الإحساس” مما قد يولّد شعورًا بالذنب ليزيد الأمر سوءًا.
عند قول كلمة “لا تحزن” يتبادر إلى ذهني كتاب “لا تحزن” للدكتور عائض القرني (والذي بيعت منه أكثر من 2,000,000 نسخة!)، حيث يوصينا بإظهار المشاعر شرط أن لا نطيل الإحساس بالحزن فنجعله يتملكنا، وكان يؤكد -بين صفحة وأخرى- أن اليوم نعمة يجب أن تُكرّم بعيشها عيشة صحيحة لا نزاحمها بأسى الأمس ولا نخشى عليها من الغد، حيث قال:
“إن الناس لا ينظرون إلى الوراءِ ولا يلتفتون إلى الخلف؛ لأنَّ الريح تتجه إلى الأمامِ والماءُ ينحدر إلى الأمامِ ، والقافلُة تسير إلى الأمام ، فلا تخالف سنة الحياة” وقال: “عمرك يوم واحد، فلا هو أَمْسٍ الذي ذهب بخيره وشره، ولا غدٍ الذي لم يأت إلى الآن”.
شعور السعادة أجمل ما قد تشعر به، ولكن كيف لك أن تحس بالفرق إن لم تحزن من الأساس أو ينتابك الأسى؟ كيف ستثمّن إحساسك العظيم بالفرح، إن لم يسبقه شعورٌ بالحزن؟
وربما هنا تكمن الفائدة: فائدة الحزن في أن نثمّن السعادة وإحساس الفرح، كما يقال: الألم والفرح وجهان لعملة واحدة، كلاهما ضروريان لنحيا. (بعيدًا عن حالة “مالكوم” فهو مجبور على الشعور بالسعادة حتى وإن أراد إظهار الحزن هو لن يستطيع ذلك) هل تظن بأن شعورك بالسعادة الدائمة أمر جيد، نفسيًّا وجسديًّا؟
المشاعر السلبية ليست سيئة دائمًا!
بينما تستطيع إظهار كافة المشاعر التي وهبك إياها الله؟
تقول (سوزان شويزر) وهي باحثة في دراسة العواطف في جامعة كامبريدج:
“عندما تحاول قمع شعور ما، كما هو الحال عندما تحاول قمع فكرة ما، يمكن أن يكون لذلك تأثير عكسي. ومن المرجح أن يعود هذا الشعور بقوة أكبر في وقت لاحق”
أي إن إحساسك المكبوت سينقلب عليك.
عزيزي، مشاعرنا نعمة، وتحكُّمنا بها نعمة أخرى، أَظْهِر الحزن لتذوق حلاوة السعادة وتقدرها، فلو أن “مالكوم” تحدث بصراحة لقال: ليتني أستطيع إظهار حزني.
إن أعجبك مقالي، فسأكون ممتنة إن قرأت مقالي الآخر: ١٠ نصائح لتخفيف الضغوطات النفسية.
add تابِعني remove_red_eye 11,804
زد
زد
اختيارات
معلومات
تواصل
الإبلاغ عن مشكلة جميع الحقوق محفوظة لزد 2014 - 2025 ©
أهلاً ومهلاً!
10 مقالات ستكون كافية لإدهاشك، وبعدها ستحتاج للتسجيل للاستمتاع بتجربة فريدة مع زد مجاناً!
المنزل والأسرة
المال والأعمال
الصحة واللياقة
العلوم والتعليم
الفنون والترفيه
أعمال الإنترنت
السفر والسياحة
الحاسوب والاتصالات
مملكة المطبخ
التسوق والمتاجر
العمل الخيري
الموضة والأزياء
التفضيل
لا تكن مجرد قارئ! close
كن قارئ زد واحصل على محتوى مخصص لك ولاهتماماتك عبر التسجيل مجاناً.
هل اختفاء بعض المشاعر نعمة؟ هل فقدان الإحساس بالحزن كارثة، أم معجزة قد تحصل عليها. إليك هذا المقال
link https://ziid.net/?p=47653