المشاعر السلبية ليست سيئة دائما!
لا ينبغي أن تكون "السعادة الأبدية" هدفاً لك! وكيف يمكن أن تؤثر المشاعر على حياتك بتقلباتها وكيف يمكن السيطرة على تلك المشاعر.
add تابِعني remove_red_eye 91,100
منذ سنوات مضت، تعرفت إلى واحد من أولئك الأشخاص الذين كلما صادفتهم وجدتهم سعداء و متحمسين للحياة.
كان أول من يبادر بالسلام (بل و يسارع إلى العناق فور رؤيتك!) ليخبرك كم هو سعيد برؤيتك.
و لطالما رغبت مع أصدقائي -الواقعيين- بقذف سؤال بسيط في وجهه:
هل تُمانع -من باب التغيير- أن تكره هذه الحياة و لو قليلاً؟
لماذا كنا نطلب منه شيئاً كهذا؟
ببساطة لأن سعادته تشعرنا كم نحن سيئون،و لا نقدّر قيمة الحياة أبداً.
لطالما كان فخوراً بنا و بصداقتنا، رغم أننا لم نكن فخورين بأنفسنا حتى!
كان شخصاً ملهماً بحقّ … إلى أن شاهدته ذات يوم في منزله … و هو يتعاطى جرعة مخدرات!
تباً لك أيها الـ…!
لقد كدت أصدق أن (الحياة حلوة، بس نفهمها)، لم أتخيل يوماً بأنه ضعيف إلى هذا الحدّ. لقد تطلب الأمر منيّ الكثير من التفكير، و الكثير من الأسئلة لأهله و أصدقائه الآخرين… حتى تبيّن لي ما هو واضح منذ البداية: لقد خدعنا هذا التافه! كان يزيف مشاعره: فظاهرياً هو نموذج للشخص الذي نتمنى جميعاً أن نكونه:متفائل حقيقي، مُحب للحياة، معطاء و كريم في تعاطفه و ماله، و لا يوجد ما يستطيع تعكير مزاجه.
لكنه في الواقع كان رجلا عادياً يُشبهننا تماماً:يتألم و يخيب أمله و يغضب.
الفرق فقط يكمن في إخفائه لمشاعره، وهو ما جعله يعاني حتى وصل به الحال إلى ما أخبرتكم به: تعاطي المخدرات.
بالمناسبة، ما هو تأثير المشاعر علينا كبشر؟
تنشأ المشاعر حين تقارن أذهاننا الظروف المحيطة مع توقعاتنا. والطريقة التي نشعر من خلالها بالبرد حين نخرج في طقسٍ بارد (حيث تقيس أجسادنا درجة حرارة الطقس و تقارنها مع جرارة أجسادنا، ثم ترسل إشارات عصبية إلى أدمغتنا تخبر بها أن /الطقس بارد.. تصرّف!/ فنسارع لارتداء معطف) هي ذاتها طريقة إحساسنا بالخوف حين نشاهد شجاراً دموياً في الشارع فنقفل عائدين إلى منازلنا حفاظاً على حياتنا!
تظهر المشاعر داخلنا لدفعنا لرأب الصدع بين الواقع و توقعاتنا: إما بتغيير هذا الواقع..أو بتغيير توقعاتنا نفسها.
على سبيل المثال، أنت تتحدث مع زميلك في العمل حول طريقة مذهلة لزيادة أرباح الشركة التي تعملان بها. و في صباح اليوم التالي تفاجئ برؤية زميلك يتلقى علاوة نتيجة(فكرتك) التي نسبها لنفسه.
لا شك أن مشاعر قوية ستنتابك: الغيرة-الغضب-الشعور بأنه قد تمت خيانتك و أن مديرك أحمق(و ستحدث نفسك قائلاً: كيف يُصدق هذا المعتوه أن زميلي ذا العقل الفارغ سيخطر له فكرة عبقرية كهذه؟)، و الآن إن كنت شجاعاً كفاية ستذهب إلى مديرك لتبيّن له الأمر، و ستقوم بإحراق الشركة إن لم يصدقك (تماماً كما حدث في فيلم Office Space – 1999 ).
بالتالي، مشاعر الغضب و الألم التي انتابتك ستدفعك لأخذ انطباع سلبي -طويل الأمد- عن الشركة، و ستجعلك أكثر حيطة في المستقبل.
التجربة كانت مؤلمة، لكنها أكسبتك خبرة مستقبلية لا تُقدّر بثمن.
و هذا بالضبط ما يجعل مشاعرنا مفيدة للغاية: لا يهمّ إن كان الشعور سلبياً أم إيجابياً طالما أنه يحفزنا لفعل شيء يُكسبنا خبرة حياتية.
لكن هناك مشكلة!
فالمشاعر لن تساعدنا في شيء إن لم يكن هناك توافق بينها و بين التجربة التي نمرّ بها:
فإذا كنت أشعر بالملل حين يُفترض بيّ أن أشعر بالذعر، أو بالسعادة و الغِبطة في مجلس عزاء، فأخبرني -بالله عليك- كيف سيساعدني ذلك في التعامل مع هذه الحياة!
و هذه مشكلتنا بالضبط مع حامليّ شعار (كن سعيداً مهما كانت الظروف) و هو بالضبط ما جعل صديقي (المتفائل الأسطوري) يصل إلى حل مشاكله بالطريقة الغبية التي أحالت حياته إلى فوضى!
كلما تباينت مشاعرك كنت أفضل:
هناك مفهوم في علم النفس يُسمى (تباين المشاعر – Emotional diversity).
خلاصة هذا المفهوم أن الأشخاص الذين يختبرون أنماطاً مختلفة من المشاعر السلبية و الإيجابية على حدٍ سواء، يتمتعون بصحة أفضل -جسدياً و نفسياً- من أولئك التي تقتصر حياتهم على سلسلة من المشاعر السلبية فقط أو الإيجابية فقط.
في عالم تجارة الأسهم، تُعدّ المحفظة المتنوعة هي الأكثر مرونة أمام تقلبات السوق.
ذات الأمر ينطبق على مشاعرنا: إن كنت ممن سبق له أن شعر بالغضب (و من منّا لم يسبق له ذلك!؟) فسيسهل عليك التصرف في المواقف التي يلزمها الشعور بالغضب، و إن كنت ممن سبق له أن شعر بالسعادة، فسيسهل عليك أيضاً مشاركة سعادتك في الأفراح و الأعراس.
بينما حين تتعامل مع مجريات الحياة بالاستناد إلى نوع واحد من المشاعر، ستبدأ بالشعور كما لو أن للحياة طعماً واحداً لا يتغير: العالم بأكمله سيء، أنا دائماً فاشل، لطالما كانت الحياة رائعة على الدوام.
و تلك النظرة الأحادية لحياتك و مجرياتها ستُنسيك أمراً في غاية الأهمية و هو: أن مشاعرك هي أشياء عابرة و لا تعني بالضرورة أنها تمثل الحقيقة!
و السؤال الذي يراودك الآن هو:
كيف أكتسب مهارة(تباين المشاعر) هذه؟
- الخطوة الأولى بسيطة للغاية: ملاحظة مشاعرك و تقبّلها.
تبدو تلك نصيحة غبيّة، أليس كذلك؟ فمن منّا لا يعلم أنه غاضب عندما يجد أن هناك من استولى على آخر قطع الحلوى المفضلة لديه -و المخبأة جيداً- من الثلاجة؟
ما لا تعلمه عزيزي القارئ أن اعتيادك الغضب في مثل هذه الحالات يحرمك من إدراك شعورك به.
- الخطوة الثانية: تعلّم أن تفصل بين الشعور و اتخاذ القرار.
فهناك فرق بين رغبتك بصفع من تجاوزك في الطابور…. و قيامك بصفعه فعلياً!
فالشعور هو ردّ فعل طبيعي،بينما الصفعة هي ردّ فعل ممكن أن يذهب بك إلى السجن (أو المستشفى: ذاك يعتمد على قوة الخصم!).
ما إن تتقن كيفية فصل شعورك عن قرارك حتى تتمكن من فهم نفسك بعمق. فعلى سبيل المثال، قد تشعر بالإحباط، لكن إن انفصلت عن إحباطك -شعورياً- و نظرت إليه بتعقّل، ربما تجد أنك تشعر أيضاً بالغضب من الأمر الذي أشعرك بالإحباط. حسناً!، هانحن ذا أمام ما يمكنك التعامل معه!
والآن بدلاً من شعورك بالعدمية و ترديد عبارات من نمط: ما هي غاية الحياة أصلاً؟ليتني أموت فأرتاح، هذا الغضب سيكون حافزاً لك لفعل شيء حيال الأمر.. لمواجهة حياتك بدلاً من الانسحاب منها بالكُليّة.
و الآن أخبرني: أليس ما قرأته حتى الآن أفضل ألف مرة من نصائح “دعاة: السعادة قرار” و ما شابه؟
بالطبع هو كذلك.
الحياة لا تعني أن نتحكم في مشاعرنا -فهذا مستحيل- فالمشاعر تأتي و تذهب سواء أردناها أم لا.
الحياة توجيه للمشاعر، حيث لكل شعور يتملكنا (قدرته السحريّة): فالغضب يقودنا للفعل، و نهاية الحزن هو التسليم بقضاء الله و الاستمرار في حياتنا، والشعور بالذنب طريقنا للبحث عن تغيير ذواتنا، بينما السعادة يرافقها الحماس و الرغبة في تغيير العالم للأفضل!
سلاحف النينجا:
ما الذي زجّ بـ(سلاحف النينجا) هنا؟
ربما تحتاج لإلقاء نظرة أعمق لشخصيات المسلسل:
“رافاييل” يمثل الغضب، “دوناتيلو” يمثل حبّ الإستطلاع، بينما “ليوناردو” يمثل القلق و عدم الاستقرار.
و مايكل آنجلو؟… حسناً! … يمثل البيتزا!؟
البيتزا؟ هل أنت جاد في قولك هذا؟
أرجو ألا يتملكك الغضب، فتقرر إغلاق الصفحة: ألم نتفق على أن نفكر بعيداً عن مشاعرنا؟
البيتزا هي رمز لشعورنا بضرورة الانخراط في سلوك استهلاكي لا ينتهي.
البيتزا مسألة وجودية إذاً!
أنت لا تعلم ما الذي يجعلك سعيداً!
بالعودة لموضوع السعادة، فأنا أمتلك سرّها، و الذي سأخبرك به في التدوينة القادمة. فقط ابق بالقرب.
مترجم -بتصرف شديد- لتدوينة HAPPINESS IS NOT ENOUGH
add تابِعني remove_red_eye 91,100
لماذا يجب على الأفلام الرومانسية أن تحتفظ بفكرة "السعادة الأبدية" لنفسها؟ الإجابة في هذا المقال
link https://ziid.net/?p=11235