كسب المال عن طريق الإنترنت: قصة عشر سنوات من الفشل

أسرد عليك هنا باختصار تجربتي في محاولة كسب المال عن طريق الانترنت التي استمرت حوالي عشر سنوات.

يعتبر هذا المنشور سيرة شخصية عني أكثر من مجرد تدوينة.

البداية

أنا الآن بعمر التاسعة والعشرين، وأُعتبر من جيل الألفية الذي لم يكن متاحًا له أجهزة الكمبيوتر أو شبكة الانترنت.عندما أصبحت بعمر الثانية عشر اشترى لي والدي حاسوبًا بنظام ويندوز ٩٥، واستطعت من خلاله الولوج إلى عالم الانترنت.مع وجود الحاسب و شبكة إنترنت متصلة، فتح هذا شهيتي لمعرفة وتجربة كل شيء، فكنت دائمًا أجرب وأكتشف أشياء جديدة. تعلمت فيما بعد لغة الـ HTML وانتهى بي المطاف إلى تعلم لغة الفيجول بيسك.

في الثانوية لم أكن نشيطا ومتحمسًا في بقية الحصص مثلما كنت في حصص الحاسب الآلي. فقد كنت مهتمًا جدًا لكل شاردة وواردة يشرحها المعلم وكنت أحاول أن أخرج بأكبر قدر من المعلومات.

حمسني صديقي، تود موريسون، للدخول إلى عالم التدوين، فقد كان لديه عدد من المدونات مليئةً بمختلف الموضوعات. فبدأت التدوين، وكان هذا منذ زمن طويل، حتى قبل وجود الوورد بريس.

محاولتي الأولى في كسب المال عن طريق الإنترنت

عندما تخرجت من الثانوية كنت أعمل بدوام كامل. كان دائمًا ما يتملكني شعور بأني أحمل شخصية ريادي أعمال، فقد كنت أبيع الأقراص المضغوطة المنسوخة في المرحلة المتوسطة. وكان أبي قد سبقني في ريادة الأعمال، حيث أنشأ شركة تغيير زيت السيارات.

بدأت ألاحظ انتشار المدونات وتبعًا لذلك الإعلانات التي يستخدمها المدونون في كسب الأموال من مدوناتهم

لن أكذب عليك٬ فإن الصورة التي تراها في الأسفل تكاد تكون هي السبب الرئيسي لمعرفتي بموقع AdSense. وإذا كنت من الذين يبحثون عن طرق التكسب من الانترنت، ربما شاهدت هذه الصورة:

فقررت أن أبدا بالتدوين والتكسب من خلال إعلانات AdSense. سجلت في أوكتوبر عام 2006 في موقع TeamTutorials.com وبدأت التدوين عن أشياء أحبها، كالحواسيب وكل ما يتعلق بها. هدفي الأساسي كان تعليم الناس والإجابة عن أسئلتهم٬ أفادني هذا في التعرف على أشياء جديدة كنت أجهلها. كانت الأمور تسير على نحو بطيء لكني استمريت في الكتابة لعشقي للتعليم.

أخيرًا لاحظت مردودًا من موقع AdSense, لكنه كان ضئيل. ففكرت ماذا لو أمكنني ان أزيد زوار المدونة، فهذا حتمًا سيساعدني في زيادة دخلي من الإعلانات. فبحثت وتوصلت أخيرًا إلى دليل يحتوي على الكثير من المواقع التعليمية، فكتبت كل ما أستطيع من كلمات دلالية تجعل مدونتي تظهر ضمن النتائج الأولى.

تابعت التدوين وعملت على زيادة الزوار خلال الست سنوات اللاحقة، فحصلت على ما يقارب 80,000 إلى 100,000 زائر شهريًا.

عندما وصل عدد الزوار إلى 100 ألف, كنت أحصل على 100 دولار من AdSense, والذي أعلمني أن إيرادات الموقع تقريبا 7000 دولار مدى الحياة. لا أعتبر هذا نجاحًا لكنه كان كاف ليغطي التكاليف٬ ويجعلني أفكر في أفكار أخرى للتكسب من خلال الانترنت.

اكتشاف برنامج المشاركة التسويقي

اكتشفت طريقة أخرى للتكسب من خلال الانترنت عندما لاحظت الكثير يتكسبون من خلال برنامج المشاركة التسويقي، لذا قررت أن أجربه.

برنامج المشاركة التسويقي هو أن يُدفع لك مقابل تسويقك لمنتجات الآخرين وخدماتهم. في بعض الأحيان يكون المبلغ المدفوع لك عبارة عن نسبة صغيرة من عمولة المبيعات، وفي أحيان أخرى يتم دفع لك نسبة ثابتة مع كل عملية شراء.

هناك الكثير من الشبكات المعروفة التي تقدم باقات مختلفة بناء على مفهوم التكلفة مقابل كل عملية بيع CPS (المبلغ الذي يدفعه المعلن مقابل كل عملية بيع ناتجة عن إعلان ما). تتعامل هذه الشبكات عادة مع الماركات المعروفة وغير المعروفة أيضا، حيث تدفع بناء على نسبة المبيعات. مثال على هذه الشبكات: Amazon Associates و Commission Junction (CJ) و ShareASale وغيرها. أول شبكة في برنامج المشاركة التسويقي عملت معها هي PepperJam (التي على ما أعتقد أنها تابعة لموقع eBay).

في PepperJam أقدمت على باقة تحتوي على مختلف المواد الإعلانية، بدأت باختبار هذه العروض أولا وذلك بشراء إعلانات على شبكات البحث الإعلانية MSN و Yaho. لكن مما يعيب هذه الشبكات أن عدد من يستخدمونها قليل مما دفعني إلى استبدالها بقوقل، وهذا يعني أن قيمة النقرة الواحدة سيكون أقل مما أريده.

وهكذا كنت أعلن عن منتجاتهم وفي المقابل كان يأتيني عائدٌ جيد، كان ما كسبته في بداية الامر 8000 دولار، واستمريت في الإعلان حتى حصلت على 20,000 دولارًا في أشهر معدودة.

فشلي الأول في برنامج المشاركة التسويقي

لا بد أنني خرقت أحد بنود اتفاقية هذا البرنامج عندما كنت أقوم بالمزايدة في كل إعلان أنفذه، لا بد أنها كانت إحدى سياسات هذه العلامة التجارية وهي أنه لا يُسمح لي بالمزايدة في الإعلانات، ولكنني للأسف كنت جاهلا بذلك، لأنهم أضافوا هذا الأمر في الاتفاقية بعد بدئي بالإعلان لمنتجاتهم وعروضهم، وبالتأكيد لم يخبروني بأني كنت أفعل شيئًا مخالفًا إلا بعد أن حصلوا على مكسبهم الذي يزيد عن 200,000 دولار. توقفت بعدها عن التعامل مع هذا الموقع، بعد ان حصلت على نصف عمولتي لمشاكل حدثت، أصروا على أن يعيدوني للعمل معهم لكني اعتذرت.

بعدها جربت طرائق كثيرة لكسب المال عن طريق الانترنت، مثلا بدأت أنشئ مواقعا وأنقّدها (أي أتكسب منها)، وغيرها من الطرائق التي خرجت منها بمبالغ جيدة من المال.

ماذا حدث عندما أصبحت غنيًا فجأة؟!

لم أكن ممن ولدوا وفي في أفواههم ملعقة من ذهب، بل كنت من عائلة فقيرة تعاني من أجل ان تكسب قوت يومها. عندما أصبحت في الثانوية، أصبحنا أخيرًا نُصنف بأننا عائلة متوسطة الحال. لكن ماذا تتوقع أن تكون ردة الفعل عندما كنت أكسب 5,35 دولارًا في الساعة إلى أن أصبحت فجأة أجني مئات الآلاف من الدولارات! لا أخفي عليك أنني لم أستطع السيطرة على هذا الأمر.

كنت أحدثك عن ردة الفعل، صحيح؟

بدأت أصرف ما عندي من مال بجنون، اشتريت السيارات وسافرت أنا وعائلتي إلى كل مكان كنت أحلم به. لقد عشت حياة البذخ التي كنت أحلم بها، كنت أشبه بتاجر المخدرات الذي يصرف نقوده بسرعة من غير تروٍ ولا إعادة نظر، كنت أكسب ما يزيد عن 20,000 دولار في الشهر وكنت سرعان ما أصرف المبلغ كاملا وكأنه لم يكن. ظللت على هذا المنوال إلى أن بقي في رصيدي 45,000 دولار فقط، وظل المبلغ يتناقص إلى أن…

الدرس الذي تعلمته

تعلمت الكثير جراء اتخاذ القرارات الخاطئة، تعلمت الكثير من دروس الحياة القيمة. فكان يجب على الأقل أن استثمر جزءًا من المال… لكن القناعة التي خرجت بها من هذه التجربة هي الاعتقاد الخاطئ بأن المال لايمكنه شراء السعادة، بل يمكنه ويمكنه. يا صاح! صدقًا لقد سهل المال حياتي كثيرًا.

ماهي الخطوة المقبلة يا ترى؟

لقد اجتاحتني غمامة سوداء أمطرتني بكآبة حادة، وازداد وزني. خطوتي المقبلة أن أخرج لأتنفس قليلا واتخلص من هذه الكآبة، أحتاج أيضا أن أستعيد لياقتي. أما بالنسبة للعمل فإني أفكر أن أستمر في العمل الحر، فهو لا يسبب لي الضجر ويعطيني حرية أكبر بعكس العمل التقليدي، بالطبع سأفكر أن أرجع وأجرب طرائق أخرى جديدة ولكن بحذر شديد وبخطة مسبقة محكمة هذه المرة.

تُرجم بتصرف

المقال الأصلي: http://johnathanward.com/make-money-online-failure/