لماذا يُساعدنا المشي على التفكير؟ الإجابة في هذه التدوينة!
المشي طريقة ممتازة لتصفية الذهن والتخلص من الوزن الزائد والحصول على الراحة النفسية وتمرين الجسد وكذلك فرصة للإبداع والتفكير
add تابِعني remove_red_eye 91,100
الإجابة تبدأ بكمياء دماغنا التي تتغيّر..فعندما نتنزه، يضخ القلب الدمّ بشكل أسرع، فيصل المزيد من الدم والأكسجين ليس فقط للعضلات بل لجميع الأعضاء (بما في ذلك الدماغ).
أظهرت العديد من التجارب أنه أثناء وبعد ممارسة التمارين الرياضية- وحتى مع بذل جهد بسيط- أظهر الأشخاص أداء أفضل في اختبارات الذاكرة ودقة الملاحظة. علاوة على ذلك، فالمشي بشكل منتظم يعزز أيضًا الروابط الجديدة بين خلايا الدماغ، ويحول دون الاضمحلال المعتاد لأنسجة المخ مع تقدم العمر، ويزيد من حجم الحصين (منطقة في الدماغ لها دور هام بالنسبة للذاكرة)وكذلك مستويات العصبونات التي تحفزّ نمو الخلايا العصبية الجديدة ونقل الرسائل بينها.
الطريقة التي نحرك بها أجسادنا تغيّر طبيعة أفكارنا (والعكس بالعكس)
حدد علماء النفس المتخصصون في ممارسة التمارين الرياضية ما يعرفه الكثير منا بالفعل: الاستماع إلى الأغاني ذات الإيقاعات العالية يدفعنا إلى الركض بشكل أسرع، وكلما تحركنا بسرعة أكبر، فضّلنا الموسيقى سريعة الإيقاع. وبالمثل، عندما يسمع السائقون موسيقى ذات رتمٍ سريع وبصوت عالٍ، فإنهم -بشكلٍ لا واعي- يضغطون دواسة الوقود أكثر.
يؤدي المشي (بطريقتنا المعتادة) إلى خلق حلقة بين إيقاع أجسادنا وحالتنا العقلية، الشيء الذي لا يمكننا اختباره بنفس السهولة عندما نمارس رياضة الجري أو قيادة السيارات أو ركوب الدراجات أو أثناء أي نوع آخر من الحركة. فعندما نتنّزه، تتوائم وتيرة خطواتنا -بشكل طبيعي- مع مزاجنا و مع ما يمكن أن نسميّه (وتيرة خطابنا الداخلي). في الوقت نفسه، يمكننا تغيير وتيرة أفكارنا من خلال المشي بتسريع خطواتنا أو إبطائها.
نظرًا لأنه لا يتعين علينا تكريس وعينا لعملية المشي، فإن انتباهنا يتجوّل بحريّة لغمر العالم حولنا بمجموعة صور من عقلنا. تلك بالضبط الحالة الذهنية التي ربطتها الدراسات بالأفكار المبتكرة و(ومضات الإلهام).
في وقت سابق من هذا العام، نشرت ماريلي أوبيزو “Marily Oppezzo” ودانييل شوارتز “Daniel Schwartz” من جامعة ستانفورد ما يُرجّح أن تكون أولى مجموعة من الدراسات التي تقيس الطريقة التي يتحكم بها المشي بالإبداع. ومن الطريف أن الفكرة جاءتهم أثناء جولة! تقول أوبيزو عن د. شوارتز: “اعتاد المشرف على رسالتي للدكتوراه “د. دانييل شوارتز” أن يتمشى مع طلابه للعصف الذهني، وفي أحد الأيام، خطرت لنا الفكرة!“.
المشي يولّد الإبداع
في سلسلة من أربع تجارب، طلب أوبيزو وشوارتز من طلاب الجامعات (البالغ عددهم 176 متطوع) إكمال اختبارات مختلفة للتفكير الإبداعي أثناء الجلوس أو المشي على جهاز المشي أو التجوّل في حرم جامعة ستانفورد. في أحد تلك الاختبارات، على سبيل المثال، كان على المتطوعين التوصل إلى استخدامات “غير تقليدية” للأشياء اليومية(مثل زر أو إطار سيارة). وكانت النتيجة: في المتوسط، فكر الطلاب (بينما كانوا يتمشّون) بما بين 4-6 استخدامات جديدة مقارنةً بحين كانوا جالسين.
لكنه قد يُجهض جوانب أخرى!
لا تجري الرياح دومًا بما تشتهيه السفن، فالمشي -رغم تأثيره الواضح على توليد الإبداع- أدى إلى سوء أداء الناس في نوع مختلف من الاختبارات، حيث كان على الطلاب العثور على كلمة واحدة تجمع مجموعة من ثلاثة، على سبيل المثال: ما الذي يجمع كلًا من الريف والكريمة والكعك؟ والإجابة: “الجبن”. فسّرت أوبيزو ذلك بأننا (حين نترك عقلنا عرضة للتفكير العشوائي، فسيأتي المشي بنتائج عكسية عمّا لو وجهنا تفكيرنا نحو قضية محددة)، حيث قالت: “إذا كنت تبحث عن إجابة محددة على أحد الأسئلة، فربما لا ترغب في ظهور كل هذه الأفكار المختلفة.”
للمكان تأثيره أيضًا!
في دراسة أجراها مارك بيرمان “Marc Berman” من جامعة ساوث كارولينا، قدّم طلاب تمشّوا ضمن (مشتل – Arboretum) أداءً أفضل في اختبار الذاكرة من الطلاب الذين ساروا في شوارع المدينة. تشير مجموعة متفرقة من الدراسات إلى أنه يمكن لقضاء الوقت في المساحات الخضراء والبيئات الطبيعية (الحدائق والغابات) أن ينشط الموارد العقلية التي تُستنزف في البيئات الاصطناعية.
يؤكد علماء النفس أن التركيز مورد محدود يُستنزف باستمرار طوال اليوم. فالتقاطعات المزدحمة -المليئة بالمارة والسيارات واللوحات الإعلانية- تجذب انتباهنا. على النقيض من ذلك ، فإن المشي على ضفاف بركة في الحديقة يسمح لعقولنا بالانجراف من تجربة حسية إلى أخرى، من الماء المتماوج إلى الأعشاب.
خلاصة القول
ربما تكشف العلاقة الأكثر عمقًا بين المشي/التفكير/الكتابة عن نفسها في نهاية نزهتنا والعودة إلى المنضدة. هناك، يتضح أن الكتابة والمشي متشابهين للغاية: فعندما نختار طريقًا عبر مدينة أو غابة، يجب على دماغنا مسح البيئة المحيطة، وبناء خريطة ذهنية للعالم، والاستقرار على طريق لنسير فيه، ثم ترجمة تلك الخطة إلى سلسلة من الخطوات. وبالمثل، فإن الكتابة تجبر الدماغ على مراجعة المشهد الخاص به، ورسم مسار من خلال تلك التضاريس العقلية، وتدوين الأفكار. بعبارة أخرى: المشي ينظم العالم من حولنا. في حين تنّظم الكتابة أفكارنا.
add تابِعني remove_red_eye 91,100
ما الذي يميّز المشي عن باقي النشاطات فيما يتعلق بالقدرة على الابداع؟
link https://ziid.net/?p=45034