إلى متى من المفترض أن يستمر الحزن؟

يتأثر الجميع عند فقد أحد أفراد الأسرة ويصاحبهم الحزن لفترة ولكنها لا تدوم طويلا في العادة، إلا أنه قد يعاني البعض من حزن شديد، يسميه الخبراء باضطراب الحزن طويل المدى، والذي قد يسبب تأثيرًا عميقًا على الصحة النفسية للشخص المكلوم.

يقول الطبيب النفسي وخبير الفجيعة كولين مورلي باركس: مبدئيًّا فإن دراسة الحزن هي دراسة عن الحب والتعلق الذي تقوم عليه حياة البشر. لا يختفي هذا الحب لأولئك المقربين منا عندما يموتون ولكن معظم الحالات تتعلم التكيف، والحزن الشديد الذي يشعرون به في بداية الصدمة يتضاءل بمرور الوقت، ومع ذلك فإن هناك مجموعة من الأشخاص يستمر صراعهم للتغلب على صدمة وفاة أحد الأحباء لفترة طويلة ويؤثر على حياتهم اليومية على المدى الطويل، لأنهم يعانون من حالة تسمى باضطراب الحزن المعقد أو اضطراب الحزن طويل المدى. prolonged grief disorder

كشفت كلوديا هربرت طبيبة نفسية: أنه لا يوجد جدول زمني محدد لنقول إن هذا حزن طويل المدى لنتعامل معه لأن الحزن عملية فردية تمامًا. ومع ذلك كان هناك دائمًا اعترافٌ بأنه بالنسبة للوفيات القاسية جدًّا أو غير المتوقعة أو المبكرة، يمكن أن يكون هناك غالبًا رد فعل بحزن مؤلم يستمر لفترة أطول ومؤثر بشكل أعمق.

مؤخرًا وبعد الكثير من الأبحاث تم إدراج هذا الاضطراب في التصنيف الدولي للأمراض الذي نشر هذا العام ومع ذلك تبقى العديد من الأسئلة حول هذا الاضطراب من حيث تشخيصه وعلاجه.

ما الطبيعي عندما يتعلق الأمر بالحزن؟

تم تقديم نموذج كوبلر روس لأول مرة عام ١٩٦٩ من قبل الطبيبة اليزابيث كوبلر روس واقترح أن يمر الناس بخمس مراحل من الحزن بعد وفاة أحد أفراد أسرته وهم: الانكار، والغضب، والمساومة، والاكتئاب والقبول. على الرغم من أنه كان نموذجًا مفيدًا في فهم الاضطراب العاطفي المعقد المصاحب للحزن، فإن الأشخاص المختلفين يحزنون بشكل مختلف.

الفجيعة حالة معقدة، فلا يمكنك مقارنة امرأة فقدت طفلًا برجل مسن فقد زوجته أو أبوين فقدا ابنهما في حادث، من الواضح أن كل هؤلاء الأشخاص سيكون لديهم ردود أفعال مختلفة، كما أن السياق الاجتماعي الذي يتواجدون فيه يلعب دورًا.

كما يقول موراي باركس: النقطة المهمة هي أنه لا يوجد شيء عادي عندما يتعلق الأمر بالحزن، وطول عملية الحزن، كل شخص يعالجها بطريقته الخاصة، اعتمادًا على مجموعة من العوامل، بدءًا من ظروف الوفاة إلى الذي يتلقونه من دعم. فالحزن لفترات طويلة يؤدي إلى ضعف كبير في أداء الناس وعلاقاتهم لفترة طويلة من الزمن بدلًا من التكيف تدريجيًّا بمرور الوقت، بل إن أعراض الحزن الحاد تظل قائمة.

يختلف اضطراب الحزن طويل المدى أو المعقد عن باقي الاضرابات النفسية كالاكتئاب أو اضراب ما بعد الصدمة على الرغم من تداخل بعض الأعراض، هناك أعراض أساسية مختلفة مثل الشوق والانشغال بالشخص الذي مات هذا يكون موجود في اضطراب الحزن المعقد ولا تراه في الاكتئاب، كما يرتبط شعور الحزن بالخسارة بينما في الاكتئاب لا يرتبط بسبب معين. تقول كاثرين شير استاذة الطب النفسي في جامعة كولومبيا التي أجرت أبحاثا مكثفة عن الحزن: إن الشخص يرى نفسه والعالم من حوله في غاية السوء.

تشخيص الحزن الحاد طويل المدى

قد تُزيد بعض العوامل من احتمالية الإصابة باضطراب الحزن طويل المدى، تشمل ما إذا كان الشخص المكلوم لديه تاريخ سابق من الاكتئاب والقلق ولكن في كثير من الحالات فإن طبيعة العلاقة مع المتوفى أمر بالغ الأهمية. يزداد احتمال حدوث اضطراب الحزن طويل المدى بعد فقدان قريب من الدرجة الأولى وخاصة الزوج أو الطفل، وتتعلق عوامل الخطر الأخرى بكيفية وفاة الشخص، والموت العنيف المفاجئ، خاصة إذا كان شابًّا صغيرًا يكون الخطر أكبر.

علاج الحزن طويل المدى

حقق الباحثون في آثار كل من الأدوية والعلاج النفسي عندما يتعلق الأمر بمعالجة الحزن طويل المدى أشارت بعض الدراسات إلى أن مضادات الاكتئاب قد تساعد، ولكن وجدت تجارب أخرى أحدث أن الدواء تأثيره ضئيل جدًّا. فقد ثبت أن العلاج الجماعي يكون فعَّالًا للأشخاص الذين يعانون من الحزن طويل المدى وذلك مع مستشاري الحزن ذوي الخبرة ويتضمن ذلك العلاج السلوكي المعرفي، بحيث تحتوي المجموعات على أشخاص يعانون من نفس الفجيعة.

كيفية التعامل مع الحزن طويل المدى

اعتمد على شبكة الدعم الخاصة بك

غالبًا ما يكون الاعتماد على الأصدقاء والعائلة بعد الخسارة أمرًا محوريًّا للأشخاص الثكلى، من المهم أن تدرك أن الاشخاص المقربين منك يمكنهم تقديم دعم فريد، إنهم يعرفونك جيدًا، ويمكنهم إطلاق ناقوس الخطر إذا شعروا أنك قد تحتاج إلى علاج للحزن. يقول هربرت: إذا بدأت، كصديق أو أحد أفراد العائلة في ملاحظة أن الشخص قد تغير بالفعل منذ الخسارة فسيكون من المفيد تشجيعه على طلب الدعم، وكذلك الاستماع إلى الشخص دون تقديم النصيحة بشكل عام.

لا تخف من طلب المساعدة المتخصصة

في بعض الأحيان حتى أقاربك المقربين لا يستطيعون مساعدتك بالكامل، ما قد يساعدك هو التحدث إلى مستشار الحزن لإجراء نقاشات حول الاضطرابات المعقدة للعواطف التي تنشأ بعد الخسارة على الرغم من أن اتخاذ هذه الخطوة غالبا ما يكون صعبًا، يشعر الاشخاص المكلومين غالبًا أن الآخرين قد يكونون في حاجة أكثر إلى المساعدة فيترددون في طلبها، أو يكون هناك شعور بالخجل مرتبط بعدم شعورهم بالتحسن في وقت قريب، لأن الآخرين غالبًا ما يستخفون بآثار الفجيعة الشديدة،  يوصي هربرت أنه يجب على الأشخاص الذين يتعرضون للفقد أن يقاوموا ولا ينبغي أن يخجلوا من طلب العلاج.

إليك أيضًا

• أفضل 10 طرق للتغلب على الخسارة والحزن
• فُرْقَاه عِيد: هل كل رجل يتزوج الثانية يستحق الحزن؟
• ما الفرق بين الاكتئاب المرضي والحزن العابر؟