جميع المشاعر إيجابية وسلبية تأتينا جميعًا، لكن هناك بعض المشاعر تأخذ أكبر من قدرها داخلنا فتسيطر علينا وتجعلنا أسرى لها، مثل مشاعر اللوم والتأنيب والتفكير كثيرًا في الماضي ومحاولة تخيل سيناريوهات مختلفة نتمنى لو أنها حدثت. نظل نتخيل ونلوم أنفسنا على عدم الرد بالشكل المناسب أو نؤنب أنفسنا على عدم التصرف بالشكل الصحيح. وعندما نُركز على شيء يزداد ويكثُر، فيأتينا مزيد من الأفكار والسيناريوهات فنظنها كلها صحيحة إلا تصرفي في ذاك الموقف. فهل سيفيدنا تأنيب الضمير واللوم بشيء حتى إذا كان ما فعلته خطأ وغير لائق؟
درجات مشاعر اللوم والتأنيب
مشاعر اللوم والتأنيب تنتابنا جميعًا بنسب مختلفة، إذا كانت بنسبة طبيعية في موقف كان تصرفك فيه خاطئ ويحتاج إلى مراجعة النفس حتى تتعلم ولا تكرره فهذا مقبول. ويُصنَف رجوعك عن الخطأ والعزم على عدم تكراره؛ بالتوبة التي يعفو الله عمّا سبقها، وعندما تُدرك ذلك تستطيع أن تعفو عن ذاتك أنت أيضًا، ويمكنك تخطي الخطأ وعدم التفكير فيه كثيرًا.
أمّا إذا كانت مشاعر التأنيب مصاحبة لك كل يوم على أكبر وأصغر الأشياء؛ كاللوم على قضاء وقت زائد في شيء ما أو عدم اتمام مهامك اليومية على أكمل وجه أو التفكير الدائم في كل كلمة وتصرف؛ فهذا غير مقبول، وسيتفاقم الأمر حتى تُسيطر عليك مشاعر اللوم والتأنيب ويزداد معها استياؤك وعدم رضاك عن نفسك. وهذا يُصنَف من عمل الشيطان الذي يُريد إلهاءك وتصغير نفسك.
أهم الأسباب النفسية لزيادة مشاعر اللوم والتأنيب
1. الاهتمام المبالغ فيه بالصورة المجتمعية
عندما يكون المجتمع هو المرجع لتصرفاتي والحَكم على أخطائي فلن أكون أبدًا على حق، فإرضاء الجميع غاية لا تُدرك.
2. السعي للمثالية ورفض الخطأ
كلنا نُخطئ، هكذا طبيعة البشر؛ نُخطئ.. نتعلم.. نتطور. فإذا رفضنا الخطأ ووضعنا أنفسنا في قالب من المثالية سنفقد حقيقتنا ونكون أشبه بممثل يؤدي دورًا محفوظًا، وسنجلد أنفسنا على أصغر الأخطاء.
3. استمداد القيمة الذاتية من المواقف وآراء الناس
القيمة الحقيقية للبشر مستمدة من تكريم الله لنا، وليس من تصرفاتي أو إنجازاتي أو محبة الناس لي. تذكر ذلك حتى لا تقع في فخ التأنيب بسبب فقدان الشعور بالقيمة المُستمدة زيفًا من رأي الناس.
4. الاهتمام بالنتيجة النهائية أكثر من التعلم من السعي
عندما نهتم بالنتيجة فقط نعيش في ضغط وتوتر ولوم على أقل خطأ، وعندما نهتم بالخطوات الصغيرة التي نأخذها نستمتع، وتكون النتيجة أروع مما نتخيل لإننا نتعلم في الطريق ما لم ندركه بخيالنا في البداية.
أبرز آثار اللوم المستمر على النفس
- عدم الثقة بالنفس والشعور بالنقص.
- الحزن والقلق.
- الخوف والعزلة.
- عرقلة الحياة.
- الغضب من الذات.
- الأرق.
- الاكتئاب.
- الإيذاء الجسدي.
- الإصابة بالوساوس القهرية.
- القولون العصبي، الصداع المزمن.
كيف نتخلص من الشعور بالذنب واللوم والتأنيب؟
أنت مسؤول عن مشاعرك
أنت القائد وليست المشاعر، فلا تجعلها هي تقودك. عندما تنتبه أنك تلوم نفسك اسأل هل ما ألوم نفسي عليه يستحق أن أفكر فيه، هل هو بالشيء الكبير لهذه الدرجة؟ وإذا كانت الإجابة نعم فاعطي مشاعرك حقها في الاستماع، اهدأ واسرد الموقف من البداية وتعلم مما أخطأت وسامح نفسك ثم عاهدها أن تتصرف بطريقة أفضل المرة القادمة. أمّا إذا كانت الإجابة لا.. مشاعر اللوم بسبب موقف تافه، فقل لعقلك بوعي أن الموقف لا يستحق، لا داعي للوم.
انشغل بنشاطات جديدة
الفراغ قاتل، كلنا نعلم هذا الأمر. عندما لا نشغل وقتنا بشيء ذا قيمة، يبحث عقلنا عن أي شيء ليُفكر فيه، فلا تُعطيه تلك الفرصة.
تحدث مع صديق مقرب
مشاعر اللوم والإحساس بالذنب هي في النهاية مشاعر تحتاج إلى تفريغ فلا تُقاومها أو تكبتها، فقط تحدث مع صديق مقرب عمّا تشعر به، ولكن احذر من أن تقع في فخ الشكوى الدائمة وجلد الذات، فضفض وفقط.
ابتعد عمن يلومك أكثر
يحدث أحيانًا أن تتصالح مع خطئك لكن من حولك لا ينسون، يُذكرونك به مهما مر عليه من وقت، فتعود لتشعر بالذنب مرة أخرى، وتظل في دائرة اللوم. فلِمَ كل هذا؟ اعتذر وابتعد وحسب.
سامح من جعلك تلوم نفسك
ما دمت اعتذرت إذا أخطأت، وسامحت نفسك، سامح من جعلك تلوم نفسك أيضًا. نعم يمكنك الابتعاد، لكن لا تنس مسامحته لإن مشاعر الغضب ستؤثر عليك أنت وليس هو.
أحط نفسك بصُحبة تُشجعك
كلنا نفرح بالكلمة المُشجعة ونشعر بأننا يمكننا أن نفعل أي شيء بعدها. ولهذا عليك إيجاد الصُحبة التي ترى أفضل ما فيك، ولا مشكلة في أن تطلب التشجيع والدعم من المُقربين.
استعن بمعالج نفسي
إذا شعرت أن مشاعر اللوم والتأنيب تأخذ أكبر من حجمها وأصبحت تسيطر على تفكيرك وأغلب يومك؛ فلا تتردد في طلب المساعدة من معالج نفسي، سيكشف لك عن السبب وراء تفكيرك بهذه الطريقة، ويُعلّمك كيف تتوقف وتستبدل تلك المشاعر بمشاعر إيجابية سوية.
إليك أيضًا
كل ما تريد معرفته للتخلص من مشكلة لوم المشاعر
link https://ziid.net/?p=87730