[سلسلة] من تجربتي الذاتية: كيف تنشئ طفلًا ذكيًّا ذي شخصية قوية بــ 5 خطوات فقط
الأطفال هم الكنز الحقيقي على الأرض؛ وتنشئتهم جيدًا هي أفضل طريقة للحفاظ على هذا الكنز.
add تابِعني remove_red_eye 29,562
- كيف تأثرت طفولتي بسلوك جدتي وأبي
- 1-جلسة قبل الإفطار في رمضان
- 2-جلسات جدتي أسفل عريشة العنب
- خطوات تنشئة الطفل كي يصبح أكثر ذكاء ويحظى بشخصية قوية وساحرة
- 1- أبدئي بتربية الطفل منذ شهور الحمل الأولى
- 2- اهتم بعقلية الطفل بنفس قدر اهتمامك بمظهره الخارجي
- 3- أسس الطفل جيدا قبل أن تقحمه في أمور الحياة
- 4- اترك الطفل يتصرف وفقاً لهويته الخاصة
- 5- استمع للطفل وأعطيه أهميه
- إليك المزيد عن التربية
أعلم أنكم ستتعجبون من كلامي، لكن وبالرغم من كوني أُمًّا روحية لكثير من الأطفال إلا أني لازلت “سنجل“، لكني تعاملت مع الأطفال أكثر من تعاملي مع أيّ فئة أخرى في المجتمع، علاقتي بالأطفال تكاد تكون أفضل من علاقتي بأخواتي، حتى أغلب أقاربي وأصدقائي يعلمون أن وجود أطفالهم في الجلسة يحول دون وجودي معهم ومشاركتهم أطراف الحديث؛ بالنسبة لي مجالسة الأطفال والدخول لعالمهم أمتع بكثير من نقاشاتنا حول العمل والعلاقات وأحداث الحياة.. وغيرها من الأحاديث المملة، أتعجب كثيرًا من الآباء والأمهات الذين يضيّعون على أنفسهم لحظات تنقية النفس التي يمنحهم إياها أطفالهم، ربما سيقولون: إن الحياة مزدحمة بما يكفي، ويكفي أن نجتمع سويًا على طاولة الطعام، إلا أن أغلب الأسر مع الأسف لا يحظون حتى بتلك الفرصة.
كيف تأثرت طفولتي بسلوك جدتي وأبي
1-جلسة قبل الإفطار في رمضان
هذه العادة من أجمل ذكريات طفولتي، أتذكر وقتها أني كنت في المرحلة الابتدائية، بيتنا كان ولا يزال “بيت عيلة” مكونًا من (5) طوابق، وكنا معتادين على تناول الإفطار والسحور مع جدتي (والدة أمي) في الدور الأول؛ لكن أبي قبل الإفطار بساعة كان يجلس معنا على سجادة الصلاة، كان ثلاثتنا (أنا، وأخي، وأختي) نجلس أمامه كالكتاكيت أو صغار البط نستمع له بشغف، كان يحدثنا عن الحلال والحرام والصراط المستقيم، وعن بدء الخليقة، و ميزان الحسنات والسيئات، …إلخ، كل تلك الجلسات أسست في نفوسنا القواعد الفقهية الأساسية، وأثرت في شخصيتنا لدرجة أني أصبحت أفعل مثله، فعندما تسألني الآن أشرقت أو أسيل -بنات أختي- عن سيدنا موسى مثلًا أبدأ لها القصة منذ خلافة سيدنا آدم وخروجه من الجنة.
2-جلسات جدتي أسفل عريشة العنب
على الرغم من تعلقي الشديد بأمي إلا أني لا أستطيع أن أقول عكس ما أشعر؛ فحينما يشيد أحد بأخلاقي وتربيتي لا أنسب الفضل لأمي أبدًا؛ فأنا دائمًا ما أنسب الفضل لأهله، وعلى الرغم من تربية أمي لي ومعاناتها معي منذ الطفولة وحتى الآن إلا أني تلقيت الحب والرعاية والتربية من جدتي (والدة أمي) في سنواتي العشر الأولي، ولا أخفي عنكم سرًا، أنا وبدون مبالغة أشعر بالتميز لأني أخذت تعاليم جدتي، وسواء شئنا أم أبينا علينا أن نقرّ ونعترف بأن الأجداد قادرون على تربية الأطفال أكثر من الأبوين.
لأن من وجهة نظري الأجيال الجديدة لا تصلح لتربية الأطفال بالمقارنة مع الأجيال الأقدم، أنا هنا لا أشكك في معايير والدتي وطرقها في التربية؛ لكن تخيلوا أن معاييري أخذتها من جدتي، آلا يعني ذلك أني تعلمت ما تعلمته أمي بالفعل؟؟ ولهذا السبب لم تشعر والدتي بوطأة غياب جدتي؛ لأني-من وجهة نظر أمي-عوضتها معنويًا وبدأت أستمع لشكواها وأساندها، وكأن القدر جعلني نسخة مصغرة من جدتي لمواساة أمي بعد رحيل والدتها.
السطور السابقة كانت عن تأثير الآباء والأجداد على نمط حياة الطفل، وكيف تؤثر فترة الطفولة على حياة الطفل مدى الحياة، والآن سنتحدث بشكلٍ عملي.
خطوات تنشئة الطفل كي يصبح أكثر ذكاء ويحظى بشخصية قوية وساحرة
1- أبدئي بتربية الطفل منذ شهور الحمل الأولى
لا أتخيل أبدًا عشوائية الأمهات أثناء شهور الحمل، أغلبهن مع الأسف يتغاضون عن النظام الغذائي السليم، و(75%) منهن بل ربما النسبة أكبر بكثير لا يهتمون بصحتهم النفسية، وأغلب وقتهن يضيعونه في الجدل مع أزواجهن أو في ضغوط العمل.. إلخ، في حين أن الطفل وفقًا للدراسات الحديثة يبدأ في الاستماع لكل الأصوات المحيطة به ويميزها، لن أطلب منكم أن تُسمعوا الطفل الموسيقى الهادئة أو محادثات الإنجليزية، مع العلم أن الأطفال يحفظون كل شيء يسمعونه قبل ولادتهم؛ أنا عن نفسي حفظت سورة الفجر كاملة لأن والدتي كانت تسمعها دائما أثناء فترة حملها بي.
لذلك نصيحتي الأولي لكل الأمهات هي أن تبدأ في التعامل مع طفلها من شهور الحمل الأولي؛ وكأنه بين ذراعيها، صدقوني الأطفال ليسوا فقط يشعرون بحالة الأم النفسية؛ لكنهم يفهمون أيضًا القصص التي تقصها الأمهات على مسامعهم.
2- اهتم بعقلية الطفل بنفس قدر اهتمامك بمظهره الخارجي
لا توجد أم حتى الآن فاجأتني بمعاملة طفلها على أساس تطوير مهاراته العقلية عوضًا عن الاهتمام بتصميم الملابس وتسريحة الشعر.. إلخ، لا أطلب منكم ألا تهتموا بطفلكم وبنظافته وملبسه؛ لكني أستاء حينما أجد أختي مثلًا وباقي الأمهات التي أعرفهن يعاملن أطفالهن وكأنهم دمية باربي، ولا يكترثون حتى لنوعية هواياتهم وطريقة تفكيرهم، أنا لا أسعى لتربية طفل كأينشتاين أو توماس أديسون، كل ما أريده هو طفل متوازن، طفل ينمو بصحة جيدة عقليًّا وجسديًّا وروحيًّا، طفل أستطيع أن أعرف نقاط قوته وضعفه بسهولة.
3- أسس الطفل جيدا قبل أن تقحمه في أمور الحياة
لنفترض أن الطفل واجه الحياة لأول مرة في اللحظة التي دخل فيها الروضة، أو مرحلة “الكي جي”، هنا يجب أن نتابع سلوكيات الطفل عن كثب، فمخالطته للمجتمع لا يجب أن تتعارض أبدًا مع الشخصية التي أنشأتها الأم منذ شهور الحمل الأولى؛ لهذا يجب أن تنتبه الأم لتلك الفترة جيدًا، وإذا استطاعت أن تقابل أقران طفلها قبل دخوله الروضة فهذا سيكون أفضل بكثير، أنا هنا لا أبالغ في حماية طفلي؛ لكني أسعي جاهدة للحفاظ على الأساس الذي وضعته لشخصية الطفل، ربما سأظل أراقب سلوكيات ابني وأقرانه حتى المرحلة الابتدائية؛ لكن كلما كانت البداية صحيحة كلما كانت تنشئة الطفل أسهل فيما بعد، وهنا لا بد أن نتذكر مقولة التعليم في الصغر كالنقش على الحجر.
4- اترك الطفل يتصرف وفقاً لهويته الخاصة
قد يعتقد البعض أن سطوري السابقة تعني السيطرة على حياة الطفل من أجل مصلحته، هذا أكبر خطأ قد يفعله الآباء والأمهات على الإطلاق؛ فالطفل لا يحتاج سوى التفريق بين ما هو خطأ وما هو صواب، خلاف ذلك لا داعي لوضع الطفل في قالب معين؛ فلا نقول له استمع لي أنا أريدك ذكيًّا وقويًّا وشجاعا ومغامرًا.. إلخ، وبالطبع لا يجب أن نقارنه بأي طفل آخر فهذا من شأنه أن يجعل الطفل يصاب بخيبة أمل من أبويه، ويعتقد أنهم لا يحبونه، وربما يفقد الثقة في نفسه، ولهذا السبب نجد أن أغلب الأطفال دائمًا ما يشاغبون، ويتشاجرون مع غيرهم خاصة مع مَنْ نقارنهم به، فقط من أجل جذب انتباه والديه؛ فتصرفاته تلك ما هي إلا رسالة منه لوالديه، وكأنه يقول “أنا هنا أنا موجود ألا تروني؟”
5- استمع للطفل وأعطيه أهميه
في طفولتي طلبت جدتي (والدة أبي) من والداي أن يسحبوا ورقي من المدرسة بدلًا من مشقتهم معي ذهابًا وإيابًا يوميًّا من وإلي المدرسة، أتذكر وقتها أني كنت طفلة مهمشة لا يسألني أحد عن أحلامي وخططي للمستقبل، هم فقط يسألونني عن حالتي الصحية، اقرأوا مقالتي السابقة (كيف حققت المستحيل 3 مرات علي التوالي) لتعرفوا القصة الكاملة، ولأني استأت كثيرا من تلك المعاملة قررت أن أثبت للجميع أن حالتي الصحية ليست عائقًا أمام دراستي ومستقبلي، فغامرت وتعبت وذهبت للامتحانات وأنا أموت حرفيًّا؛ لكني لم أستسلم حتى حققت هدفي.
تلك كانت قصتي ولحسن الحظ الأمور انقلبت لصالحي؛ لكن تخيّلوا ماذا لو قرر الطفل أن يتعامل بلا مبالاة، أو ماذا لو ارتكب الأخطاء على مدار حياته فقط ليعاند مع والديه ومن استحقروه وهو طفل؟
أتمنى لو بإمكاني كتابة أكثر من مقالة عن هذا الموضوع، أعرف أن أغلبكم مقتنع بمقولة “فاقد الشيء لا يعطيه”، وبما أني لم أختبر الأمومة من قبل فمن المؤكد أنكم لن تعترفوا بكلامي؛ لكن بالنسبة للأطفال الأمومةُ لا تعني الحمل والولادة والملابس الجديدة والطعام الجيد ومشاهدة الكرتون وحضور المدرسة؛ فكل ما نعرفه عن الأمومة لا يعنيهم في شيء هم فقط في أمس الحاجة لمن يفهمهم ويتواصل معهم بلغتهم؛ لأن الأطفال ببساطة هم بَشَر مثلنا لديهم أفكارهم الخاصة وشخصياتهم المستقلة وعالمهم الخاص، وهنيئًا لكل من سَمحوا له بالدخول لهذا العالم، عن نفسي لم أكتشف عالمًا مسحورًا بعد الكتابة سوى عالم الأطفال.
إليك المزيد عن التربية
add تابِعني remove_red_eye 29,562
مقال هام لكل أب وأم عن دورهم المحوري في تربية الأطفال
link https://ziid.net/?p=69030