كيف يؤثر المراهقون على سعادة أمهاتهم؟
تنخفض سعادة العديد من الأمهات بأبنائهن الكبار. والسؤال: كيف تضمن أن تسعد والدتك بك كابن قدر سعادتها بعطائها كأمّ؟
add تابِعني remove_red_eye 91,100
“أنت.. مزعج ولا تطاق، وأشعر أن العيش معك غدا أصعبَ. لا أحد يستطيع أن يحتمل سخريتك، التي تُظهر -بالمناسبة- الكثير من نقاط ضعفك. لو كنت شخصًا آخر، لأصبحت مثيرًا للسخرية فحسب، ولكنك بما أنت عليه، شخصٌ مزعج للغاية” هذا ما كتبته جوانا شوبنهاور في رسالتها لابنها آرثر شوبنهاور حين كان في 19 من عمره.
الرسالة التي يبلغ عمرها قرنين من الزمان مدهشة لا لمزجها بين فن الإلقاء القديم والسخرية المنقرضة، ولكن أيضًا لأنها تنقض أحد الفرضيات الإنسانية الجوهرية حول شعور الأمهات تجاه أطفالهن. إذ من المفترض أن تجلب الأمومة سعادة لا مثيل لها. فالإنجيل، على سبيل المثال، مليء بقصص نساء -سارة وهانا وإليزابيث- ممن انقلبت موازين مشاعرهن من حزن لفرح عندما وهبهن الله سبحانه طفلًا.
العلاقة بين السعادة والأمومة أكثر تعقيدًا
في الحياة الواقعية، تربية الأطفال الصغار بعيدة كل البعد عن النعيم المطلق. وعامًا بعد عام، وجدت الاستطلاعات اللاتي سألن الأمهات عن أكثر ما يرغبن فيه في عيد الأم أن إجابتهن الأولى هي قضاء بعض الوقت بمفردهنّ. وكلما كبر الأطفال، بدا أن مشاعر الأمهات المختلطة تزداد فوضى. إذ تشير الأبحاث إلى أن الكثير من الأمهات، وعلاوة عن عدم صدقهن مثل جوانا، يشعرن ببعض الاستياء تجاه أبنائهن المراهقين، خاصة عندما يشعرن بكون العلاقة أحادية الجانب فحسب. لحسن الحظ، تقدم العلوم الاجتماعية أيضًا أدلة على كيف يمكن للمراهقين تصحيح الأمور وجعل أمهاتهم أكثر سعادة.
يُحدد مستوى السعادة مبكرًا في مرحلة الأمومة، اعتمادًا على مقدار المساعدة التي تحصل عليها الأم. وجد الباحثون أنه حتى مع تحسّن الظروف الاجتماعية والاقتصادية، فإن الأمهات المُطلقات يَكُنَّ -عمومًا- أقل سعادة من الأمهات المتزوجات، وهذا ليس مفاجئًا نظرًا للضغوط المالية والوقت التي تواجهها الفئة الأولى. بالطبع، كل هذا يعتمد على جودة العلاقة الزوجية. إذ يؤثر وجود زوج داعم على صحة الأم ومزاجها ورضاها وغير ذلك إلى حدٍّ كبير.
عدد الأطفال مهم أيضًا. باستخدام المسح الاجتماعي العام 2018 الذي تم جمعه من قبل NORC في جامعة شيكاغو، ربط (آرثر بروكس – Arthur Brooks)، أستاذ علم النفس التطبيقي في هارفرد، إحصائيًا بين عدد الأمهات اللواتي عبرّن عن سعادتهن وعدد أطفالهن، ووجد أن مستوى السعادة يزداد مع الأطفال الثلاث الأوائل، لينحدر مع الطفل الرابع. [على وجه الدقة، تحدث نقطة السعادة المثلى عند 3.14 طفل، لكن الحصول على (0.14 طفل) أمر صعب بعض الشيء!].
إن جوانب الأمومة التي تقل فيها السعادة واضحة ومحددة، من البكاء في السوبر ماركت إلى المكالمات من مكتب ناظر المدرسة. إن فوائد الرفاهية أكثر انتشارًا، وتتمحور حول الشعور بالهدف والمعنى. كما يلخص فريق من العلماء الدليل، “بالمقارنة مع غير الآباء، فإن الآباء الذين لديهم أطفال في المنزل لديهم مستويات منخفضة من الرفاهية العاطفية.. وإحساس أعلى بمعنى الحياة”
منطقيًّا، يجب أن ترتفع سعادة الأم مع نمو أطفالها، لأن ضغوط التربية تنخفض، في حين يظل الشعور بالمعنى الذي يجلبه المراهقون لأمهاتهم مرتفعًا
العكس هو الصحيح
في عام 2016، بحث ثلاثة علماء اجتماع عن الرضا في حياة النساء اللائي لديهن أطفال واللواتي لم يُنجبن. ووجدوا أنه خلال سنوات الإنجاب، كانت الأمهات والحوامل أسعد من غيرهن. ومع ذلك، بحلول سن الأربعين وما بعده، كانت مستويات الرضا عن الحياة لدى الأمهات عمومًا أقل قليلاً من نظيراتهنّ اللواتي لم يُنجبن.
وجد الباحثون الذين يدرسون الأمهات أيضًا أن ما يقرب من 54% قالوا إن علاقتهم بأبنائهم المراهقين كانت “حميمة ولكنها صارمة أيضًا”، وأن لديهنّ “مشاعر مختلطة” حول العلاقة، أو بعض العبارات المتناقضة الأخرى. كان أقوى مؤشر على الازدواجية تجاه المراهق هو ما إذا كانت والدتهما واصلت دعمهما ماليًّا. وكان أكبر متنبئ بالتوتر الشخصي بين الطفل البالغ والأم هو إجابتها بالإيجاب على سؤال “هل تشعر أنك تعطي أكثر مما تأخذ في هذه العلاقة؟”
الخبر السار أن البحث يقترح طرقًا لجعل والدتك أكثر سعادة من خلال التأكد من أنها تحصل على أكبر قدر ممكن من العلاقة:
خفف من الاعتماد على أهلك
على المستوى الأكثر وضوحًا، يمكن للمراهقين تقليل استياء أمهاتهم وتوترهنّ عن طريق تقليل اعتمادهم المالي، والذي وجد مرارًا أنه مصدر مهم للنزاع الأسري. يقدر بعض الباحثين أن المراهقين أكثر عرضة بأربعة أضعاف لتلقي الدعم المالي من والديهم والعكس صحيح. في كثير من الحالات، يكون الاستقلال ببساطة غير ممكن، لا سيما بالنظر إلى أسواق العمل غير المستقرة والتكاليف المعيشية المرتفعة. إذا لم يكن أي شيء آخر ممكنًا، فابدأ بخطوة صغيرة، مثل إخراج فاتورة هاتفك المحمول من الخطة العائلية. على أقل تقدير، لا تدع الدعم المالي لوالدتك يمرّ دون اعتراف.
اسأل عن يومها
العلاقات من جانب واحد لا تتعلق فقط بالمال والتخطيط للأحداث. من أجل سعادة والدتك، يجب أن يكون الدعم العاطفي أيضًا طريقًا مزدوجًا. هذه الحقيقة بعيدة المنال بشكل خاص بالنسبة للعائلات التي تجد نفسها عالقة في الأدوار التي أنشأتها عندما كان أطفالها صغارًا وعاجزين نسبيًّا. تبدو أمي إلى حد ما مثل ماكينة الصراف الآلي للحب والمساعدة عندما نكون صغارًا، ولكن يجب أن تتطور العلاقة الناضجة إلى ما بعد ذلك. تتمثل إحدى طرق البدء في تطوير المعاملة بالمثل في الاستماع أكثر إلى والدتك، بالطريقة التي تفعلها مع صديق.
في المرة القادمة التي تتصل فيها بوالدتك -ولتكن اليوم- اسألها عن شيء ما يحدث في حياتها لا دور لك فيه إطلاقًا ولكنك تعلم أنه مهم بالنسبة لها. اسأل عن التفاصيل، واستمع، ثم اعرض أفكارك. قد يبدو الأمر غريبًا في البداية لكليكما، لكنكما ستعتادان عليه، وستحبه والدتك.
في الختام
نشأ (آرثر شوبنهاور) ليصبح أحد أعظم المفكرين في القرن التاسع عشر، لكنه لم يكتشف أبدًا كيفية إسعاد والدته. كتبت له جوانا بعد مشادة سيئة للغاية في عام 1813: “الباب الذي أغلقته بشدة أمس، بعد أن تصرفت بشكل غير لائق للغاية تجاه والدتك، مغلق إلى الأبد بيني وبينك”
هذا النوع من الانقسام نادر إلى حد كبير، يُزعم أن كلًّا من آرثر وجونا كانا عمليين. حتى لو كنت، مثل آرثر، مستغلًا أنانيًّا مزعجًا، فمن غير المرجح أن تقاطعك والدتك تمامًا. لكن لماذا تختبر احتمالًا كهذا؟! يمكنك بالتأكيد تحسين علاقتك وسعادتها من خلال اتباع النصائح أعلاه: لا تأخذ وجودها كأمر مسلَّم به، وتعامل معها بالحب اليقظ الذي تستحقه.
لمزيد حول الأمومة، ننصحك بقراءة المقالات التالية:
add تابِعني remove_red_eye 91,100
هل سألت نفسك كيف يمكنك أن تسعد والدتك؟ إن لم تكن تعلم الإجابة أتطلع على هذا المقال
link https://ziid.net/?p=86572