دموع الرجال المنسية … من حق الرجل أن يبكي
دموع الرجل ليست سبة، ولا يمكن أن تكون ضعفًا، أو تشبهًا. دموع الرجل تخرج لأنه إنسان لديه مشاعر ويحتاج أن يعبر عنها
add تابِعني remove_red_eye 37,309
دموع الرجال حقوق منسية قد يبدو عنوانًا غير مألوف، الغريب هو تنازل كثير من الرجال عن هذا الحق بل ويروه سببًا يدعو للشعور بالخجل من أنفسهم، ولكن الحقيقة أن هذا غير واقعي وسوف تتأكد من ذلك بنفسك، عندما تعرف أن هذا الحق هو حق التعبير عن مشاعره الإنسانية المختلفة، ولكن تصيفها من المجتمع لمشاعر مقبولة وأخرى منفور منها كالخوف والضعف والتعبير عنها بالبكاء ما، سوف أناقشه معكم سريعًا.
سبب منع الرجل من البكاء
عندما قررت مناقشة الأمر طرح السؤال نفسه من حرم الرجال من هذا الحق؟ هل كان رجلًا أم امرأة، تذكر الجملة المصرية الشهيرة في تربية الأطفال الذكور «الراجل ميعيطش»، وسألت أهلي وأصحابي سؤالًا يقول: يا تُرى أول من قال جملة الرجل لا يبكي كان رجلًا أم امرأة؟ كان هدف السؤال توسيع المدارك وليس للإجابة، وجدت من قال بالطبع كان رجلًا لأنه يرى أن البكاء علامة على الضعف.
وهذا لا يصف الرجال الأقوياء، وآخرون قالوا إنها سيدة متزوجة من رجل شديد لا يعبر عن مشاعره، قالتها لابنها الصغير عندما بكى، وخمنت أنا ربما قالتها سيدة كثيرة البكاء في لحظة ضعفها كانت تريد الشعور بالأمان ووجدت زوجها يبكي وقالت الرجال لا يبكون حينما تبكي النساء بل يبحثون عن حلول لتهدئتها، وتناقل الرجل جملة زوجته وأُسيء فهمها وشوهت واختزلت إلى أن أصبحت «الرجال لا يبكون»، هذا التضارب يوضح أن مفهوم الرجل لا يبكي متوارث دون التأكد من مدى صحتها ومصداقية مرجعيتها.
الرجال «لا يبكون» لمصلحة من؟
فضولي في علم النفس عرفني أن صحة الفرد النفسية من ضمن عواملها هو حسن التعامل مع المشاعر المختلفة، لخلق التوازن النفسي، ولكن ماذا يحدث إذا قرر مجتمع أن يكبت جنبًا من تلك المشاعر؟
ويضع لها عنوانًا منفرًا وتصبح من المحرمات على الرجال فقط، ويوافق على هذا رجال ونساء ويدعم استمراره، فيصبح الشعور بالضعف عكس الرجولة، والشعور بالخوف عكس شيم الرجال التي أساسها القوة، وعلى نفس المنوال كل أنواع المشاعر السلبية التي تترجم على صورة ضعف، التي كان بطبيعة الحال يعتبر البكاء وسيلة من سبل التعبير عنها، في البداية يمكن قول أن من مصلحة الرجال عدم البكاء للحفاظ على مظهرهم القوي، وبالمراقبة تجد رفض النساء لرؤية الرجل الذي يعتبر بالنسبة لها مصدرًا للأمان، والقوة سبب هام في استمرار تلك الفكرة، ودعم استمرار الرجال في عدم البكاء.
عند تأمل الصورة المجتمعية الخاطئة عن تفسير المشاعر، تجد أن قوة الرجال تعني عدم الضعف، والضعف يعني البكاء لذلك تكون صفة غير محمودة، ومع الوقت أصبح عرفًا متوارثًا للذكور من جهة الذكور والإناث، هذا التشوه يعني الفهم الخاطئ لمعنى البكاء، الذي ينتج عن مشاعر قد تكون مختلطة فيصبح البكاء مخرجًا سريعًا لهرمونات التوتر.
بالبحث حول هذا الموضوع ووجدت إجماعًا من الرجال يرى أن البكاء علامة على الضعف تضيع مظهره القوي، وكثيرًا ما يشعرون في حاجتهم للبكاء في المواقف المؤلمة، ومن المشكلات والضغوطات ولكن يحاولون الحفاظ عليها داخلهم، ويبكون وحدهم، ويكون البكاء في العلن أمرًا نادر الحدوث لا يحدث سوى في المواقف الصادمة كموت الأحبة من الأهل.
سوء فهم مشاعرنا الإنسانية سبب الظاهرة
صنفت المشاعر الأساسية لمشاعر إيجابية ومشاعر سلبية وهي أساس تركيبتنا النفسية الإنسانية المتوازنة، والمشاعر السلبية كالقلق والإحباط واليأس، الخوف والحزن والغضب، يمكن للبكاء أن يكون وسيلة لتفريغ تلك المشاعر أو بالتعبير عنها بالتحدث أو الاعتراف بتلك المشاعر وعيشها وعدم مقاومتها فترحل في سلام. والبكاء ما هو إلا استجابة لحاجة الجسم لتفرغ الشحنة العاطفية، التي بمجرد أن تخرج يسهل تخطي تلك المشاعر ويسهل تخفيف التوتر والضغط، وكذلك التعبير عن الخوف والضعف وطلب المساندة ممن حوله، الحقيقة التي عتمت وشوهت أن التعبير عن المشاعر لا يمنع قوة الإنسان أو يقللها، بل يجعله إنسانًا يعبر عن إنسانيته وغير ذلك ما هو إلا تشويه.
أثر حرمان الرجل من البكاء والتعبير عن مشاعره
الغضب
مع سحب اختيار البكاء والتعبير عن مشاعر والقلق والخوف من الرجل، جعل تلك المشاعر تبحث عن مخارج أخرى من أشهرها الغضب، فوجدنا رجلًا غاضبًا لضغوطات العمل، غاضبًا عندما يقلق، غاضبًا عندما يحزن، غاضبًا عندما يخاف، رجال تسمي قلة العاطفة أنها شخصية عملية.
مشاكل نفسية وعضوية
إن كبت المشاعر السلبية يضر بالصحة النفسية مع الوقت، وكذلك الصحة الجسدية التي تصل بأضرار كمرض القلب، ومجرد البحث عن أثر كبت المشاعر السلبية على الجسد كالحزن سوف ترى بنفسك كم الأضرار التي قد تصل للموت.
خلل الجانب العاطفي وشكوى النساء
ومن ضمن النتائج التي يجدها بعض الرجال الشعور بالضجيج الذي يحدث في العالم الداخلي مع تراكم تجاهل مشاعره التي يراها سلبية، يحدث خلل كبير في الجانب العاطفي والتوازن النفسي عند هؤلاء الرجال، والذي بطبيعة الحال أثر على علاقة الرجال بالنساء في الدوائر القريبة التي لا بد للرجل فيها أن يظهر عاطفته.
فصارت النساء تشكو من قلة العاطفة، وكثرة الغضب الموجه لها من محارمها، بداية بالأب وصولًا بالزوج، ولكنها في نفس الوقت لن تقبل بسهولة أن تجد هذا الزوج يعبر عن مشاعره ويبكي، لأنها بُرمجت على تلك الصورة الجافة للرجال، ولكن في نفس الوقت تجد أن من ضمن شروطها في زوجها المستقبلي أن يكون حنونًا ويصب عليها الحب صبًّا، بالطبع يوجد رجال حانية وقليلة البكاء، يبتسم في وجه الجميع ويمنحهم مشاعر طيبة أما الألم والضعف فله وحده دون أن يفصح عنه.
في النهاية المشاعر حق وتقبل هذا من الطرفين وتبديل الصورة المتوارثة عن دموع الرجل تحتاج جهد ولكنها تستحق، فالتوازن النفسي الذي سوف يزيد سوف يجني ثماره الطيبة الرجال والنساء والأسرة، وهذا تعلمته من كتب علم النفس مثل كتاب الدكتور محمد طه، وكتاب السماح بالرحيل وغيرهم، وأرشح كتابًا عن المشاعر الإنسانية للرجل اسمه “ذكر شرقي منقرض” للدكتور محمد طه، وما ذكرته يعتبر عناوين مختصرة حول الموضوع، فابحث في الأمر وسوف تقتنع بنفسك.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 37,309
مقال مثير حول دموع الرجل ولماذا يحرم المجتمع الرجل من هذا الحق؟
link https://ziid.net/?p=95488