ماذا تفعل الفتاة إن لم تكن تريد الزواج؟
حينما أرادت الفتيات أن يصرخن في وجه العالم كفى عبثًا، وكفانا المزيد من الضغوطات. الزواج ليس مشروعًا لوقت محدد، بل مشروع عمر
add تابِعني remove_red_eye 61,969
الزواج، تلك الخطوة الكبرى التي يحلم بها الجميع، فتيان وفتيات، آباء وأمهات، إنه تلك الخطوة التي نَعُدّ لها إعداداتنا الكبرى، وأفراحنا المهولة، حتى اننا في بلدي -مصر- نقيم احتفالًا منفصلًا لكل مناسبة تسبق الزفاف، فتجد “فرح الشَّبْكَة” احتفال “كَتْب الكِتَاب”، حفل “الحِنَّاء”، حتى نصل أخيرًا لحفل “الزفاف”، إن الأمر يشبه كرنفالًا معقودًا منذ أن يتقدم الخاطب بطلب يد خطيبته، وحتى وصولهما إلى منزلهما في السيارة المزينة بالزهور، والمشاعر تختلط ما بين دموع وضحكات.
في الطفولة تضع البنت على رأسها أيّ شالٍ وتُدْلِيه، كشَكْلِ طرحة العَرُوس. حينما يهنئون والد صبي على أي شيء يخصه يقولون:”عقبال ما تشوفه عريس” ربما سبب تلك الحفاوة، هو أننا مسلمون وأن الزواج هو الشكل الوحيد للعلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة، وربما لأننا عرب نراعى الحرمات، ونحب أن تتصف خطواتنا بالاعتدال على طول الخط، وربما لأنه يوم الزواج تزيد الأسرة-تلك التي تمثل خلية بناء المجتمع- فردًا، أو للراحة والاطمئنان الذي يشعر به الآباء والأمهات حينما تخرج الصغار من عالمهم الصغير إلى عوالم أخرى، فتنزاح بذلك مسئوليتهم تجاه أبنائهم، فيشعرون بالراحة أخيرًا ويتفرغون لأشياء أخرى.
هل تعرف معنى أن تتزوج؟
حسنًا، لأقص عليكم حكاية حقيقية، لا بل ألف حكاية حقيقية، تتعدد صورها، تتغير أشكالها لكن في العُمق تبقى قصة مؤلمة، وهي تلك الفتاة الغضَّة الجميلة، الناجحة في حياتها الدراسية أو المهنية، أو حتى التي لا تفعل شيئا في حياتها، لكنها سعيدة، يأتي الخاطب يدق الباب، تتزوج البنت فقط لأنه عريس جيد، لديه مسكن، لديه وظيفة، ثم تنتهى أيام السعادات الأولى ليتحول الوضع إلى جحيم، اثنان لا يعرفان معنى الزواج أصلًا، لا يدركان كيف تحولت حياتهما إلى جحيم لا يطاق هكذا، لقد تزوج كل واحد منهما الآخر وهو لا يعرف أن عليه أن يتقبّل الآخر، لأنه قد اختاره من البداية، فتبدأ الصراعات، بين مَنْ يُغيِّر مَنْ، ومَنْ ينتصر على الآخر، فيصبح البيت حلقة دِيَكة متنافرة.
أو ذلك الفتى يتزوج امرأة لتؤنس وحدته، وتطهو له، وتنجب له، وهي تتزوجه من أجل أن تنتقل من وصية والدٍ ينفق عليها إلى وصية زوج ينفق عليها، فقط يتزوجون لأن العالم كله يتزوج، لأن الطبيعي أن العالم يتزوج، إنه مرحلة، مثل الإعدادي والثانوي والجامعة والعمل، إنه دور اجتماعي لا يفهمه إلا القليل.
إن معنى الزواج هو (أن تتقبل شريكك الذي اخترته، وأن تسمعه وتشاركه، وأن تحتويه، وألا تجرحه ولا تؤذيه، وأن تتفهم انكساراته، فلا تتأفف منه حينما يمرض، ولا تهجره حينما يفشل) الزواج هو أن تتحقق المودة والسكن والرحمة.
كما أن أسس واختيار الأزواج تتغير بتغير أولويات الزمن، فالزمن الماضي الذي كان يكفي فيه أن يمتلك الرجل عملا، والمرأة تمتلك مهارة الطبخ، يتغير بالكلية عن هذا الزمن، فإننا في عصر التكنولوجيا والتغيير، بل عصر بروز المتاعب النفسية، والعقبات الحياتية التي لا تنتهي، أصبح لزامًا ألا تبحث عن الوجه الجميل في المرأة فقط بل عن استيعابها، وتفاهمها، ورجاحة عقلها، وأصبح لزامًا على المرأة أن تفعل نفس الشيء، لذا وجب علينا أن نتعلم هذه الأشياء، حتى نجد من يشبهنا.
- الحب لا يكفي! هناك أمور أهم إن كنت تفكر في الزواج
- تأخر الزواج في الوطن العربي: الأسباب والحلول
- 7 كذبات عن الزواج تعرفوا عليها
- الزواج الفاشل والزواج السعيد يفصل بينهما اختيارك
مذكرات فتاة لا تريد الزواج
منذ أن أصبح الزواج مكملا لمرحلةٍ ما، فقد أصبح لزامًا على الفتاة حينما تتخرج أن تقبل بالزوج الذي يطرق بابها، حتى لا تكبر، وتشيخ قبل أن تتزوج، وقد أصبح الزواج يمثل ما يشبه الحبل الذي يلتف حول العنق ليخنقنا، لم يعد ذلك الإجبار من الزمن الماضي موجودًا بصورته الأولى، لقد كبر وتوحش، وأصبح يمثل تهديدًا أكبر.
ففي الأزمنة الماضية كانت الأسرة من تجبر الفتاة على الزواج من أحدهم، الذي يرونه مناسبًا، بينما الآن تعددت الصور، فمن حديث الجيران والأقارب، إلى خوف نظرات الصديقات اللائي تزوجن لصديقتهن التي لم تتزوج بَعْدُ، إلى الابتزاز العاطفي المتمثل في محاولات الأهل المستميتة لجعل ابنتهم تتزوج، بدءًا من “نريد أن نطمئن عليك”، “نريد أن نراك في بيتك”، إلى “أشعر بدنُوّ الأجل وأحتاج أن أموت وأنا مطمئن” على الرغم من أن الزواج لا يُعدّ ضمانة لأي شيء، بل ربما تتزوج المرأة برجل سيئ الخلق، لا يحترمها وأهلها، بين هذا وذاك تتعدد صور الضغط.
قالت الصديقة: (إنني أشعر أنني محاصرة، أمي تريد أن تراني عروسًا، الأقارب يشيعون أنني في علاقة حب، الجيران يتلصصون عَلَيّ، الإعلام يحاصرني بقصص الحب في المسلسلات والأفلام، العالم المتسارع يحاصرني ويذكرني بالوحدة، وحينما يأتي رجل لخطبتي وأرفضه لأنه غير مناسب أسمع الاتهامات من كل الاتجاهات، أهناك من يريد أن يبقى أعزبًا؟). فالفتاة محاصرة دائمًا، في بعض الأحيان ترضخ وتتزوج ثم بعد قليل من الوقت تعود مطلقة، لأنهما لا يناسبان بعضهما، انه اندفاع الزواج الأحمق، لأن الجميع يتزوجون. وربما يسقطون في حب أطراف يؤذونهم، لأنهم يريدون أن يختاروا من يتزوجون.
كل مناسب جيد، لكن ليس كل جيد مناسبًا
(عروس كاملة) (الرجل لا يعيبه شيء) مؤكد أنك سمعت إحدى العبارات، من رجل أو امرأة، قيلت لك أو قيلت أمامك، وهذه الجمل هي أكثر الجمل أذًى على الإطلاق، فهي تُرَوِّجُ أن كل رجل جاهز بمتطلبات الزواج من مطالب مادية، مناسب للزواج بأي فتاة، وذلك هو الخلط الذي يؤدي للأذى.
فمعنى أن رجلًا جيدًا، أو امرأة جيدة لا يعني بالضرورة أنها مناسبان لبعضهما، ذلك لأن البشر يختلفون فيما بينهم، يختلفون من حيث احتياجاتهم، ومن حيث ما يريدون، فقد تكون هناك امرأة لا تريد الزواج إلا برجل طموح لأنها طموحة، فيضايقها الرجل المستقر الهادئ صاحب الطموح المحدود، يشعرها دائمًا بالضيق والغضب، بينما إذا تزوج الرجل ذو الطموح العارم امرأة لا تحب المغامرات بل تحب الاستقرار، قد يشعر معها بالتعب والألم وعدم الراحة مما يؤدي إلى انفصالهما، وعلى كل الصفات والأمور فقِس، فالأفضل دائمًا هو اختيار من يشاركك وجهة النظر، لأنه سيعينك ويقويك ولن يسخر منك، بل ستدفعان بعضكما إلى الأمام.
يقول “أنطوان ري سانت اكسوبيري” (الحب ليس أن ينظر أحدنا إلى الآخر، بل أن ننظر معا في الاتجاه نفسه) وهو الضبط ما يجب أن يقوم عليه الزواج.
add تابِعني remove_red_eye 61,969
مقال يتناول فكرة الزواج وكيف يمكن أن تتحول إلى ضغط مجتمعي سلبي
link https://ziid.net/?p=58144