مملكة سبأ.. من البداية إلى الانهيار
عرفت مملكة سبأ في المصادر القديمة - العربية - والبيزنطية - والعبرية - واليونانية، كما ذكرت في الكتب المقدسة.
add تابِعني remove_red_eye 20,905
تعد مملكة سبأ من الممالك التي قامت في بلاد اليمن، بل وكانت مملكة سبأ أعظم مملكة قامت في بلاد اليمن، حتى أنها المملكة الوحيدة التي ارتبط اسم اليمن باسمها، فكان يطلق على أهل اليمن السبئيون، وقد ذكرت مملكة سبأ في القرآن في موضعين، بل نجد سورة كاملة في القرآن الكريم عرفت باسم سورة سبأ، جاء فيها: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ”) كما نجد إشارة أخرى في القرآن الكريم لمملكة سبأ، حينما جاء الهدهد لنبي الله سليمان يخبره عن المملكة التي تعبد الشمس من دون الله، وكانت تحكهم امرأة، فقال تعالي : (إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَىْءٍۢ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) .(النمل – 23).
التاريخ
عرفت مملكة سبأ في المصادر القديمة – العربية – والبيزنطية – والعبرية – واليونانية، فقد ذكرت في كل هذه المصادر على أنها مملكة على قدر كبير من الحضارة والثراء، وأن أهلها يعيشون في رغد من العيش، وكانت سبأ محط أنظار جميع بلدان البحر المتوسط؛ لأنها اشتهرت بالبضائع ذات الأهمية الكبيرة في ذلك الوقت من التوابل، والبخور، والعطور، والتي كانت أغلى وأهم سلع في العالم في ذلك الوقت.
بدأت هذه المملكة في الظهور منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وفي نهاية القرن الثالث الميلادي أصبحت سبأ هي القوة الوحيدة التي تسيطر على معظم مناطق جنوب غرب شبه الجزيرة العربية.
الحضارة
سد مأرب
لقد اشتهرت مأرب عاصمة مملكة سبأ بتفوقها في مجال الزراعة، ومجال الهندسة المعمارية؛ فكانوا يقيمون السدود، والحواجز المائية -التي تعهد أهم عوامل الرخاء الاقتصادي-، فشيدوا العديد من السدود، ولكن كان أعظم سد أقيم في مأرب هو سد مأرب؛ فكان سد مأرب من أعظم مظاهر الحضارة لمملكة سبأ، كما كان من أقدم السدود التي تم بناءها في العالم القديم، حيث يعود تاريخه للقرن الثامن ق.م.
فقد أمر ببنائه الجد الأكبر سبأ، لكنه لم يكتمل في عهده، وقام أبناؤه باستكمال بناء السد من بعده، وكان يبلغ طول السد حوالي 550م، وكان يروي ما يقارب من أربعة آلاف فدان، فنتج عن ذلك أن زهرت الزروع والبساتين في جميع بلدان المملكة، فكان لسبأ جنتان عظيمتان، كانتا مليئتان بالزوع والثمار بمختلف بأشكالها، وألوانها، لدرجة أنه كان يقال أن من يسير بين الجنتين وعلى رأسه وعاء ليقطف فيه الثمار، كان هذا الوعاء يمتلئ وحده بسبب تساقط الثمار، دون أي مجهود من الشخص ليجمع الثمار. وكانت هذه الجنات، وهذا السد من أعظم مظاهر الحضارة في مملكة سبأ.
فكان المعماري (يثعمر بين بن سمهعلي ينوف)، هو أول من شيد هذا السد، لكن في الفترة من 780 إلى 750 قبل الميلاد، حدثت إصلاحات في هذا السد علي يد المعماري (يدع إل بيين). ولا تزال بقايا هذا السد موجودة حتى وقتنا الحالي، بالقرب من مدينة مأرب القديمة.
الطرق التجارية
كان يمر خلال مملكة سبأ أهم الطرق التجارية القديمة، وهو طريق التوابل إلى الهند، وكانت تمر من هذا الطريق أهم وأغلى البضائع من اللبان العربي، والمر، والتوابل، فكان هذا الطريق يدر أرباحًا كبيرة، وقد تمكن السبئيون من السيطرة الكاملة على هذا الطريق، فأصبحت بلادهم من أهم المراكز التجارية في العالم، ومن أغنى بلدان العالم القديم، ونتيجة الثراء الذي حققه السبئيون توجه اهتمامهم بالنواحي المعمارية، فتفوقوا في هذا المجال بشكل ملحوظ، حتى أصبحت بلادهم أغنى بلد في العالم العربي القديم.
العبادة
كان السبئيون يعبدون الشمس والقمر والكوكب، وأكد لنا القرآن الكريم ذلك، حيث أنكر الهدهد على أهل هذه المملكة سجودهم للشمس من دون الله، كما عبد أهل مملكة سبأ الأصنام أيضًا من دون الله، ولكن بعد ذلك آمن أهل سبأ بالله تعالي، وعبدوا الله الواحد القهار، وقد مدح الله تعالى إيمان أهل سبأ في القرآن فقال عنهم أنهم بلدة طيبة، أي مؤمنة. ولكن أهل سبأ قد تبدل إيمانهم مرة أخري، وأعرضوا عن عبادة الله، ولم يشكروا نعمة الله التي امتنن بها عليهم، فسلط الله عليهم سيل العرم الذي أغرق المملكة، وزروعها، وثمارها، بل وأغرق البشر.
انهيار مملكة سبأ وتشتت أهلها
أمام السيل المنجرف على المملكة، لم يستطيع السد الصمود، فانهار السد، فغرقت البلاد، ودمرت الجنات والبساتين التي اشتهرت بها سبأ، بل لم يسلم البشر، فغرق منهم من غرق، واضطر الباقون وهم الكثرة إلى الهرب والتفرق في بلدان شبه الجزيرة العربية، ويقال إن الأوس والخزرج الذين كانوا يعيشون في المدينة المنورة وبايعوا الرسول في بيعة العقبة الأولى والثانية وعرفوا بالأنصار، هم من أهل مملكة سبأ الذين هربوا من اليمن بعد انهيار سد مأرب بسبب سيل العرم، فتوجهوا إلى يثرب، واستقروا بها. وقد قامت في تلك البلاد بعدُ على أثر مملكة سبأ تعرف باسم الدولة الحميرية.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 20,905
كل ما تحتاج معرفته عن تاريخ مملكة سبأ
link https://ziid.net/?p=93665