سليمان الحلبي.. شاب ضحى بحياته لإنقاذ والده
لطالما حلم القائد العسكري الفرنسي "نابليون بونابرت" بتأسيس امبراطورية الشرق ابتدأ من مصر بسبب موقعها الإستراتيجي
add تابِعني remove_red_eye 3,704
سنتحدث عن قصة تضاربت الأقوال بخصوصها، وقعت قبل أكثر من ٢٠٠ عام، بطل قصتنا من حلب، قام بعمل شيء سبّب السخط بين العساكر الفرنسية، وأسهم في تبدل مسار الحملة الفرنسية، فمن هو، وماذا فعل؟
فرار بونابرت بعد فشل حملته في مصر
لطالما حلم القائد العسكري الفرنسي “نابليون بونابرت” بتأسيس إمبراطورية الشرق ابتدأ من مصر بسبب موقعها الإستراتيجي، واستغل ضعف الإمبراطورية العثمانية، لإرسال حملة فرنسية عسكرية عام 1798، إلا أن الحملة تحوّلت إلى كابوس على أرض الواقع، فالحملة الفرنسية لاقت مقاومة شرسة من الداخل الفرنسي تسببت في هزائم متتالية بصفوفها، وحاربها الإنجليز والعثمانيون من جهة أخرى، ففر نابليون بعد حوالي العام من مصر.
وترك زمام الأمور للجنرال “كليبر”، وودّع “نابليون بونابرت” عساكره قبل رحليه بهذه الكلمات: “من بونابرت إلى الجيش، لقد دفعتني الأنباء الواردة من أوروبا أن أقرر الرحيل إلى فرنسا تاركًا قيادة الجيش للجنرال كليبر، يعز عليّ ترك الجنود مع ارتباطي بهم لكنه وضع مؤقت، واعلموا أن الجنرال الذي خلفته يحظى بثقة الحكومة وثقتي”.
كانت مهمة الجنرال كليبر صعبة، فوجب عليه التغلب على الصعوبات المالية والعسكرية التي خلّفها بونابرت بسبب سياساته. وأصبح ذا مكانة عالية عام ١٨٠٠، لا سيما بعد انتصاره الساحق على العثمانيين في معركة “هليوبوليس”، وإخماد انتفاضة القاهرة الثانية. وفرض كليبر غرامات مالية حسّنت الوضع الاقتصادي للحملة الفرنسية، كما شكّل كليبر تحالفًا مع زعيم المماليك “مراد بك”.
بداية تحرك سليمان
وفي هذه الأثناء كان شاب يدعى “سليمان الحلبي” والبالغ من العمر ٢٥ عامًا قد سافر من حلب إلى القدس، لمقابلة أحد الضباط العثمانيين ويدعى “أحمد أغا”، ليشكي له عن حال والده المسجون بسبب الديون التي عليه، ورفض والي حلب رفع المظالم على كاهل والده.
تقول بعض الروايات إن الضابط التركي طلب من سليمان اغتيال “كليبر” مقابل إطلاق سراح والده، وبسبب هذه الرواية يصف البعض سليمان بأنه عميل وقاتل مأجور، بينما يصفه آخرون بأنه بطل قومي ضحى بحياته لمقاومة الاحتلال. وبغض النظر عن اختلاف الروايات، سافر سليمان من القدس إلى مصر مع قافلة صابون ودخان برحلة استغرقت ستة أيام، واتجه مباشرة إلى الأزهر، حيث كان يدرس قبل ثلاثة سنوات.
قام سليمان بإخبار أربعة من اصدقائه المقربين عن مخططه الذي ينوي تنفيذه وسينتهي حتمًا بموت كليبر.
تنفيذ مخطط الاغتيال
في صبيحة ١٤ يونيو لعام ١٨٠٠، كان الجنرال كليبر يتمشى في حديقة أحد الجنرالات برفقة المهندس المعماري “بروتان”، واقترب منهما سليمان الحلبي على هيئة شحاذ، فقام كليبر بمد يده له، ليباغته الحلبي بطعنة في قلبه أردته قتيلًا، وحاول “بروتان” إيقاف الحلبي ليقوم الآخر بطعنه ٦ طعنات ومن ثم وجه لكليبر ٣ طعنات أخرى ليتأكد من موته. فرّ سليمان بعد تنفيذ خطته، واختبأ بحديقة مجاورة إلى أن قبُض عليه بعد الاغتيال بساعة، وتعرف عليه بروتان الجريح.
أثّر خبر موت كليبر سلبًا على الروح المعنوية للجنود الفرنسيس، حيث يقول الضابط جوزيف ماري مواريه في “مذكرات عن حملة مصر” التي نشرها عام 1818: “أيّ غم وأسى أصابنا حينما علمنا بنبأ وفاة كليبر مغتالًا بيد آثمة. ولو أن أبًا عزيزًا علينا هو الذي فقدناه ما كنا بكيناه بالمرارة التي بكينا بها هذا القائد العزيز صديق الجنود. من لنا بخليفة بمثل قدره يكن لنا نفس القدر من الود كهذا القائد الكريم؟ أين نجده؟”.
محاكمة سليمان الحلبي
بعد الانتهاء من مراسم تشييع كليبر، بدأ تنفيذ الحكم في سليمان وأصدقائه الأربعة الذين حاولوا منعه من تنفيذ مخططه، حيث قاموا بقطع رؤوسهم أمام الحلبي، ثم أحرقت يده وأُعدم الحلبي على الخازوق بعد ذلك. ويذكر المؤرخ الفرنسي “هنري لورنس” في دراسته “الحملة الفرنسية على مصر وسوريا” أن الحلبي بقي على قيد الحياة لمدة أربع ساعات إلى أن قام أحد الجنود بإعطائه ماء، ليموت في الحال.
بعد ذلك قام الطبيب “لاريه” من أعضاء المجمع العلمي، للسعي وراء الحصول على جثمان الحلبي، ليضمها إلى مجموعته الخاصة، واستخدام جمجمته للدراسة مع طلابه، لينتهي الأمر بوضعها في متحف الإنسان بقصر “شايو” في باريس.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 3,704
تجربة سليمان الحلبي وصراعه ومصيره المرعب
link https://ziid.net/?p=91852