مصطلحات  غريبة.. من يقف وراءها؟

المصطلح هو لفظ يتفق مجموعة من الناس على إطلاقه ليصفوا حدثًا معينًا، أو حقبة ما. بعض المصطلحات تكون واضحة وتبدو عادية، وبعضها الآخر يبدو مضحكًا، ولكنها في واقع الأمر تدل على أحداث دموية سببت في خروج المصطلح إلى العلن. واخترت أن أعرض لكم ثلاثة مصطلحات سياسية، نسمع بها بشكل شبه يومي، ولكن لا نعرف سبب تسميتها.

1. العم سام

بقي هذا المصطلح مشهورًا وارتبط باسم الولايات المتحدة الأمريكية، وانتشر بشكل واسع، فما قصته؟

فى عام ١٨١٢م خاضت أمريكا حربًا مع المملكة المتحدة، بسبب القوانين البريطانية على التجارة الأمريكية، ورغبة أمريكا في توسع أراضيها. و قبل إعلان الحرب بيومين صرحت الحكومة البريطانية عن نيتها إلغاء تلك القوانين، ولكن لعدم وجود اتصال لم تعرف الولايات المتحدة بشأن إلغاء بريطانيا للقوانين المسببة للحرب، فنشبت الحرب و سميت “بحرب الاتصال”.

أثناء هذه الحرب تعرض الجيش الأمريكي لمشكلة لوجستية، وتعثرت خطوط الإمداد، مما تسبب في نقص حاد لتموين الجيش، فتدخل رجل اسمه “صامويل ويلسون” ، وقام بتزويد الجيش ببراميل من اللحم البقري، وكان يختم تلك البراميل ويضع عليها الحرفين US، للدلالة على أن هذه البراميل تابعة لجيش الولايات المتحدة الأمريكية. ومع الوقت حول الجنود الأمريكيون معنى الحرفين في الختم، وأصبحوا يستخدمونها للإشارة إلى” Uncle Sam”، أي: العم سام.

التقطت الصحف المحلية القصة، وقامت بتسويقها، فاكتسبت شهرة وقبولًا واسعًا، باعتبار العم سام لقب لحكومة الولايات المتحدة الأمريكيـة. وقد ظهرت أول صورة له عام ١٨٥٢. وفي عام ١٨٥٤ توفي صامويل عن عمر يناهز ٨٧ عامًا، و دفن في مدينة نيويورك التي تلقب باسم موطن العم سام. في أواخر ١٨٦٠ وبداية ١٨٧٠ قام الرسام الكاريكاتير السياسي بالبدء في رسم صورة العم سام، واستمر في تطويرها. وفي مطلع الستينات صدّق الكونغرس الأمريكي على قرار لجعل العم سام رمزًا من الرموز الوطنية للولايات المتحدة الأمريكية.

ومع الوقت طور الفنان الشهير جيمس مونتجمري الصورة لتصبح بالشكل الحالي الذي نعرفه الآن. وهي كاريكاتير لرجل عجوز ذي شعر طويل يرتدي سترة زرقاء وقبعة تحمل شكل علم أمريكا ويشير بسبابته إلى الأمام وكتب عليها “أريدك من أجل الجيش الأمريكي”، وأصبحت أيقونة تستخدم من قبل الحكومة الأمريكية، لتحفيز الشباب على الالتحاق بالجيش أثناء حرب العالمية الأولى، وبهذا أصبح هذا اللقب يحظى بشعبية واسعة. ويستعمل اليوم بعض الأمريكيين مصطلح العم سام للدلالة على تذمرهم من قرارات أو سياسات معينة بدلًا من إطلاقها مباشرة على الحكومة.

حرب الأفوكادو

في ١٩٩٧ قامت أمريكا برفع الحظر على استيراد الأفوكادو من المكسيك، بعد أن كانت قد منعت استيراده عام ١٩١٤ خوفًا من الآفات الزراعية. نجح المستوردون في أمريكا في تسويق الأفوكادو للمستهلك الأمريكي من خلال صرف ملايين الدولارات على حملات إعلانية لإقناع الناس بأنها صحية وفاخرة. بعد كل هذا التسويق الذي حقق أرباحًا كبيرة للمُصَدر المكسيكي الذي أدى إلى إخراج الكثير من العائلات من الفقر. ولكن هذه الأرباح الكبيرة لفتت انتباه عصابات المخدرات الموجودة هناك. وخاصة في متشويكان المدينة المعروفة بكثرة مافيات المخدرات بل وأخطرها .

فقامت هذه المافيات باغتصاب أراضي زراعة الأفوكادو من أصحابها ، أو تقوم بقطع أشجار مساحات كبيرة و تشغيل أناس بنظام السخرة وتحت تهديد السلاح. أما الطريقة الأخطر هي سرقة المحاصيل عن طريق إيقاف الشاحنات التي تنقل المحاصيل، وقد تفرض الإتاوات على المزارعين من أجل حمايتهم من بقية العصابات. واستمر الوضع على هذا الحال حتى عام ٢٠١٣م، حيث تم خطف ابنة أحد أصحاب المزارع، واغتصابها وقتلها. فقام المزارعون بتكوين مجموعات لحماية أنفسهم ومزارعهم من تلك العصابات. كل ذلك بسبب ثمرة الأفوكادو الخالية حتى من السكر ، لا تصل إلينا إلا بخروجها من المكسيك تحت حماية مشددة للغاية، وبعد حروب دامية.

3. جمهورية الموز

هو مصطلح سياسي ساخر، يطلق على أي دولة غير مستقرة، ويسهل التحكم بها، وإثارة الفتن فيها. بداية ظهوره كان في كتاب صدر العام 1904، تحت عنوان “الملفوف والملوك”، للكاتب الأمريكي أوليفر هنري، واستخدمه الأخير في معرض حديثه عن هندوراس. والكتاب عبارة عن مجموعة قصصية تجري أحداثها في أمريكا الوسطى، وفيها استخدم الكاتب مصطلح “جمهورية الموز” للإشارة إلى هندوراس التي اعتبر أن حكومتها الدكتاتورية سمحت ببناء مستعمرات زراعية شاسعة لزراعة الفاكهة، وخصوصا الموز، على أراضيها مقابل المال.

وتناول الكاتب أحداثًا جرت في القرن التاسع عشر، عندما أراد المزارعون الأمريكان بالتوجه إلى زراعة الموز، و لكن فشلوا بسبب برودة الطقس فقررت الشركات الضخمة الانتقال إلى الهندوراس وزراعة الموز هناك نظرًا لطقسها الحار المناسب لنبات الموز. وبالفعل، قامت تلك الشركات بتشييد الطرقات والموانئ ومد السكك الحديدية مقابل الحصول على الأرض لزراعة الفاكهة التي تحتاج أجواء حارة.

ولم تكتف بذلك، إنما دعمت أيضا انقلابًا ضد حكومة هندوراس، وتنصيب رئيس حليف لها، في أحداث ساهمت في ظهور مصطلح “جمهورية الموز”، أي الدولة التي تتمكن فيها الشركات الأجنبية من توجيه سياساتها، ويكون زعيمها رهين قوى أجنبية تتحكم في قراراته وفي سيادة بلاده.

إليك أيضًا

• أهمية إدارة المصطلحات في تسهيل التعريب والتوطين
• إغتيال قُدسية التعليم.. ماذا تعرف عن تسليع التعليم؟
• كيف تتعلم إستراتيجيات الحياة من الأشياء البسيطة حولك