خمسة أمور مستفادة من “العفن” خلاصة مذكرات مالك بن نبي
أن تفتن في دينك هذه أعظم مصيبة على أي مسلم، عاش "ابن نبي" في مواجهة المسيحية والاستعمار ومجتمع قابل للاستعمار دون أن يستسلم
add تابِعني remove_red_eye 102,609
“العفن” هو اسم لمذكرات المفكر مالك بن نبي من الجزائر، وهي مذكرات غير التي كتبها بعنوان “شاهد على القرن” حاول مترجم المذكرات من اللغة الفرنسية إلى العربية نور الدين خندودي أن يغير الاسم إلا أنه وجد كما قال: “القارئ سيتبنى تبريرات المؤلف حول العنوان فواقعنا المرير يدل على أننا ارتكسنا إلى الأذنين في العفن”.
يذكر “بن نبي” بأنه ولد في عصر أسماه العفن حيث يختلط فيه الاستعمار والمستعمرون المتحضرون، والقابلية للاستعمار وهم الأهالي. وفي نفس الوقت هنالك مؤشر لنظام جديد إلا أنه لا تقوم له قائمة بسبب ما سبق. ولقد كتب مذكراته للأجيال القادمة ولجيله حتى نعرف بأن ما كتبه لم يكن اختلاقًا. ولقد قسم “بن نبي” حياته لثلاثة مراحل وهي: “طالب- منبوذ هائم على وجهه- كاتب”.
الكتاب يظهر شخصية “ابن نبي” من خلال اعترافاته، ولقد استخرجت خمسة أمور مستفادة من هذه الاعترافات وهي ما يلي:
1- مواجهة التنصّير
كان شابًّا متحمسًا لا يملك إلا سلاح الموهبة الطبيعية في وقت يحتاج إعدادًا تربويًّا يمكنه. وقد عرف بأنه الداعية الإسلامي في الوقت الذي يتنصّر فيه البعض، ومن يتفرنس وهنالك من كتب الكتب ضد الإسلام. وقد كان هنالك رجل اسمه “ماسينيون” يعمل على أن يزين للشباب الدين المسيحي بحلقات دراسية تقدم للطلبة في باريس، إلا أن “بن نبي” كان حاملًا للنزعة الإسلامية التي كانت تعزله هو ومن مثله عن الآخرين فتحافظ عليهم وعلى أخلاقهم.
وقد كان فخورًا بهذا. وكانت هنالك جمعية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا والتي كانت تثير القلق للاستعمار. ومن ناحية دراسية لم يكتف بدراسة الميكانيك والكهرباء في مدرسته بل سجل في دروس أخرى في المعهد الوطني للفنون والمهن ليتعلم الكيمياء الصناعية المخصصة للنسيج. بهذا ملأ “بن نبي” وقته بالعلم النافع وبمهنه تحقق له العمل كما كان يأمل.
2-قوة الكلمة
قدم محاضرات وهو طالب ولقد أثر في الحضور تأثيرًا كبيرًا وكانت محاضراته في باريس للجماعات المثقفة ولقد دعاه “ماسنيون” ولم يلب بسبب أن الدعوة لم تأتيه هو بشكل شخصي بل جاءت بواسطة. وكان “بن نبي” يشكل خطرًا على الشباب النصراني … بالرغم من قلة الحيلة إلا أنه كان يمتلك قوة الكلمة والقدرة على إيصال فكره … وواجه الشاب “بن نبي” وهو في مطلع العشرين من العمر صدمة وخيبة أمل من بعض العلماء فقد كان يتوقع أن يحظى بتشجيع منهم على ما قدمه من توعية لسكان بعض المناطق الواقعة تحت خطر الاستعمار.
كذلك وجد بعض العقد والعيوب لديهم من غيرة وكذب فكانت هزة واجهها بالتغافل حتى لا يغير بعض قناعاته. وهذا أفضل ما تستطيع فعله حيال خيبة الأمل فإذا كان المنهج سليمًا لا يغرك أخطاء البعض ففي كل طريق ستجد الشوك.
3- الإيمان العملي
يذكر بأنه كان مختلفًا عن المتدينين في وقته وحتى في الدين كان تدينه وإيمانه ليس تأمليًّا فقط بل عمليًّا أيضًا، وقد كان ملفتًا بسبب ما يضمنه من محتوى وقدرته البلاغية فهو يجذب من يستمع إليه لحديثه وأفكاره خاصةً وأن العقول التي أمامه تعودت عدم الواقعية وعدم الدقة في حديثها.. ولقد كان سفره لباريس سببًا في أن يكتشف عقله وفكره وكذلك يهذبه.
4- مسافات وفروق
كان يتأمل الفروق بين العالم الإسلامي والعالم الغربي فيشعر بتخلف كبير يشعره بالإهانة وزيادة على ذلك لم يجد من يشاركه هذا الهم، وحتى المجموعات التي تعرف عليها من بلدان العالم العربي المختلفة وهم شباب من “النخبة” المسلمة أيضًا خيبوا آماله بسبب قلة في همتهم. حاول هو أن يفهم العلم الغربي وفي دراسته وجد تواضعًا من معلمه الذي هو بحر من العلوم كما وصفه، ويقول عن نفسه لا يعلم كل شيء فوجد فرقًا آخر بين العلماء في الحاضرتين الإسلامية والغربية وناهيك عن الفرق في مسألة روح العلم أكثر من العلم نفسه في أوروبا والذي أثار انتباه “بن نبي”.
في الوقت الذي كان الشباب العربي يريد الشهادة الجامعية فقط. وحين يخرج يوم السبت بضغط من زوجته التي ترى أهمية الخروج في أكثر من جانب منها النفسي فيرى فروقًا أخرى في المقاهي العربية التي لا يوجد بها سوى النميمة والتفاهات. “مشكلة العلماء آنذاك كانوا على قدر من الجهل يحجبهم عن إدراك الأفكار وعلى قدر من الجبن يمنعهم من تطبيقها”
5- تحديات… تدمر الروح
لم يستطع أن يعمل ليكفي نفسه، وأهله فقد أغلق الاستعمار عليه كل أبواب العمل حتى لو كعامل بسيط. بالإضافة إلى أن الاستعمار يضرب كل عائلتك وحينها يحطمك.. فقد مرضت زوجته ولم يستطع أن يطببها، ولم يستطع أن يوفر لقمة لعيش لعائلته فقد جعلوه في عجز تام. بالإضافة إلى أن “ماسينيون” كان يتتبعه بحيث يمنع توظيفه من دون أن يظهر في الصورة.
وفي النهاية … أصحاب المبادئ عظماء و”بن نبي” كان عظيمًا في فكره ومواقفه هذه مذكراته لعشرين سنة من عمره مضت، وهو يحمل همَّ العالم الإسلامي وينظر في المسافات والفروق بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية.. بقاء فكره – رحمه الله – دلالة على صدقه في إحداث تغيير للعالم الإسلامي.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 102,609
خلاصة مذكرات مالك بن نبي
link https://ziid.net/?p=94362