القفزة الكبرى إلى الأمام.. وانتحار مئات رجال الأعمال
ماو تسي تونغ كان أنانيًّا عديم الضمير، مصابًا بجنون العظمة، ينتابه الحسد، ومتعطشًا للدماء
add تابِعني remove_red_eye 3,704
إن الحضارة ليست عملًا يؤتي ثماره بسهولة، فهو نتيجة عمل متواصل لأجيال متلاحقة، وهناك مجموعة تصرفات قد تهوي بإنجازاتك إلى سابع أرض، وتحيد بك عن الطريق التي رسمتها لنفسك.
إن تجاوز الإنسان الحدود الطبيعية في تعامله مع البشر، يسبب في الخروج عن المعقول، ويجر وراءه مآسي لا تستثني أحدًا من ويلاتها. فالعالم ولا سيما الحضارات تُبنى على قواعد ثابتة منطلقة من قيم كالعدل، والمساواة، وعدم الظلم. وسنتطرق في هذا المقال عن قصة بلد تحول إلى جمهورية، وكان الغرض منها بناء فكر، وحضارة، ولكن حدث العكس تمامًا، فما الذي حدث؟
عام ١٩٤٩ أعلن الزعيم الشيوعي “ماو تسي تونغ” عن قيام جمهورية الصين الشعبية، وذلك بعد أن نجح الشيوعيون في دحر قوات “الكومينتانغ”، التي هرب قادتها المهزومون إلى جزيرة “تايوان”، وأسسوا هناك ما أسموه جمهورية الصين الوطنية، أما بالنسبة للزعيم “ماو” طبق في الصين الشعبية نظام الحكم الاشتراكي الشمولي، أي إن الحكومة ستفرض سيطرتها على كافة الشعب دون استثناء، وستتحكم بكافة جوانب الحياة مثل التعليم، والاقتصاد، والفن، وحتى الأخلاق والقيم.
أعلن “ماو” عن تبني برامج إصلاحية في البلاد من شأنها تحسين الوضع الاقتصادي، والاجتماعي، إلا أن هذه البرامج تسببت في كوارث اقتصادية، خلقت مجاعات راح ضحيتها أكثر من ١٠ ملايين شخص في الفترة المحصورة ما بين عامي ١٩٦١ _١٩٥٩، واعتبرت هذه المجاعة واحدة من أسوأ المجاعات في تاريخ البشرية.
لكن ما الإصلاحات التي قام بها الرئيس ماو، والتي سببت بكل هذه الكوارث؟
برامج “ماو” الإصلاحية
في عام ١٩٥١ انطلقت الحملة الإصلاحية الأولى، وتلتها بعد عام ١٩٥٢ الحملة الإصلاحية الثانية، وكانت أكثر شراسة، حيث توعد ماو من وصفهم بالبرجوازيين، والمتعاطفين مع الرأسمالية بعقوبة قاسية، وجند فيها النظام الصيني حوالي ٢٠ ألف مسؤول و٦ آلاف عامل بهدف التجسس ونقل المعلومات عن هذه الطبقات، وسياسي البلاد عامة، وأعدم ماو العديد من أثرياء الصين، لإثارة الرعب في نفوس البقية.
أما من تبقى منهم فكان مصيره السجن، أو الحرية مقابل تقديم مبالغ مالية طائلة للدولة، حتى فقدوا ثرواتهم ومكانتهم الاجتماعية، مما دفع ما يقارب من ٨٧٦ شخصًا من رجال الأعمال إلى الانتحار بمدينة “شانغهاي” وحدها، بعد خسارتهم لجميع أموالهم لصالح الحكومة الشيوعية.
برنامج الإصلاح “بالقفزة الكبرى إلى الأمام”
وفي العام ١٩٥٨ أطلق ماو البرنامج الاصلاحي المعروف بـ”القفزة الكبرى إلى الأمام”، بهدف تحويل القطاع الزراعي الذي تسير عليه الحكومة إلى قطاع تصنيع، في محاولة لإصلاح الاقتصاد المتدهور، إلا أن النتائج كانت كارثية، مما أثر سلبًا على شعبية الزعيم ماو، والذي حاول تدارك الموضوع عن طريق إطلاق برنامج إصلاحي آخر.
برنامج الإصلاحي “الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى”
أطلق ماو هذا البرنامج عام ١٩٦٦، والذي كان يهدف إلى تطهير البلاد من معارضي الحكم الشيوعي، خاصة الرأسماليين، وملاك الأراضي، الذين شكلوا التهديد الأكبر لسلطته، كما شجع الفلاحين والعمال من فئة الشباب على محاسبة بعض قادة الحزب الشيوعي الذين انقلبوا ضده بسبب منهجه، متهمًا إياهم بتبني القيم البرجوازية وفقدان روح الثورة.
وأغلق المدارس، وشجع الشباب المتطرفين على مهاجمة المثقفين وكبار السن، وعانت الصين بسبب هذه البرامج الاصلاحية من فوضى اقتصادية، اجتماعية، سياسية، استمرت حتى وفاة الزعيم ماو.
الخاتمة
توفي ماو تسي تونغ مؤسس الصين الشعبية في التاسع من سبتمبر عام ١٩٧٦، وتم الإعلان عن موته عبر الراديو، ولم يفصح عن سبب الوفاة. حكم الصين من خلال الحزب الشيوعي من ١٩٤٩ وحتى وفاته. وإلى الآن لا يزال الجدل محتدمًا حول ما إذا كان “ماو تسي تونغ”، هو العامل الأساسي في نهضة الصين، أم كان سببًا في مجاعات اجتاحت الصين مرارًا وتسببت في وفاة الملايين.
أحيطت حياته بسرية تامة، لكن عرف عنه الطغيان وحب الذات، والقسوة، يقول الكاتب “بيدرو ارتورو اغيري” في كتابه “التاريخ العالمي لجنون العظمة”: إن “ماو تسي تونغ” كان أنانيًّا عديم الضمير، مصابًا بجنون العظمة، ينتابه الحسد، ومتعطشًا للدماء.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 3,704
برامج الصين الاصلاحية و كيف سببت المجاعات و الموت
link https://ziid.net/?p=91629