لماذا يردد المصريون المثل الشعبي (حكم قراقوش)
بعد وفاة صلاح الدين ظل قراقوش مع ابنه العزيز يدير شئون البلاد، وينوب عن إذا سافر خارج البلاد، وظل وفيًّا له كما كان وفيًّا لأبيه
بعد وفاة صلاح الدين ظل قراقوش مع ابنه العزيز يدير شئون البلاد، وينوب عن إذا سافر خارج البلاد، وظل وفيًّا له كما كان وفيًّا لأبيه
add تابِعني remove_red_eye 20,905
دائمًا ما يردد المصريون المثل الشعبي (حكم قراقوش)، وخاصة عندما يريد أحد أن يضرب المثل في الظلم والقسوة في الحكم، ولكن من أين جاء هذا المثل؟
يقال إنه كان هناك وزير في مصر يدعى قراقوش، أشيع عنه أنه كان وزيرًا ظالمًا، كان يحكم على الناس أحكامًا جائرة، بل وأحكامًا تتصف بالجنون، لذلك شاع هذا المثل عند المصرين، وكانت مناسبته عندما يرى أحدًا يحكم على أحد حكمًا ظالمًا، فيقول من ليس بيده حيله (حكم قراقوش)، ولكن من هو قراقوش، هل كان حقًّا قراقوش طاغية ظالم يضرب به المثل في البغي والظلم والإجحاف والقسوة في الأحكام؟ هذا ما سنعرفه في السطور التالية:
هو الوزير العادل بهاء الدين قراقوش. وقراقوش تعني في التركية طائر العقاب، وزير صلاح الدين الأيوبي، كان من مماليك “أسد الدين شيركوه”، عم صلاح الدين الأيوبي، وقد أسلم على يده فأسماه “بهاء الدين”، وأعتقه، وأصبح من أمرائه، ثم أصبح فيما بعد من كبار قادة جيشه.
وبعد وفاة أسد الدين شيركوه انتقل بهاء الدين قراقوش إلى خدمه صلاح الدين الأيوبي، ولما رأي صلاح الدين فطنه وذكاء بهاء الدين قربه منه حتى أصبح من كبار وزرائه وأمرائه، بل كان قراقوش واحدًا من رجال صلاح الدين المقربين الذين اعتمد عليهم بشكل كبير في تثبيت دعائم دولته، وهؤلاء الثلاثة هم: “الفقيه عيسى الهكاري، والقاضي الفاضل، وبهاء الدين قراقوش” غير أن قراقوش قد فاق الجميع بذكائه، وحنكته وإخلاصه، وعدله، وإحسانه، حتى صار من خيرة وزراء عصره.
بعد وفاة صلاح الدين ظل قراقوش مع ابنه العزيز يدير معه شئون البلاد، وينوب عنه إذا سافر خارج البلاد، وظل وفيًّا له كما كان وفيًّا لأبيه من قبله، وقد قام بعض أمراء الأسدية بالانقلاب على العزيز، ولكن قراقوش ظل بجانبه إلى أن تم القضاء على هذا التمرد، وعودة العزيز على عرش مصر، كما كان قراقوش وصيًّا على المنصور لأنه كان صغيرًا، يبلغ من العمر تسعة أعوام، لذلك كان يقوم هو بكل أمور الحكم والسلطنة على أتم وجه إلى أن أعفاه منها الملك العادل، أخو صلاح الدين، فلزم بيته إلى أن توفاه الله عام 597هجريًا.
كأن هناك شخص يدعى ابن مماتي، كان معاصرًا لبهاء الدين قراقوش، وكان دائمًا على خلاف معه، وكان ابن مماتي هذا كاتبًا فقرر تأليف كتاب يذكر فيه عيوب ومساوئ بهاء الدين قراقوش من أجل التشهير به، أسماه: “الفاشوش في أحكام قراقوش” وكان هذا الكتاب هو السبب في تشويه سيرة الوزير العادل قراقوش، فبدل من أن يعرف الناس سيرة قراقوش على أنه وزير عادل لملك عظيم استرد بيت المقدس من يد الصليبين، عرف على أنه رجل أحمق، مغفل.
ولكن هل يعقل أن صلاح الدين الأيوبي الذي يعد من أعظم ملوك الدنيا يعين رجلًا بالأوصاف التي جاءت في كتاب بن مماتي وزيرًا له؟ وهل يجدر بملك وزيره طاغية أحمق أن يحقق مثل ما حقق من انتصارات للعالم الإسلامي، وأن ينهي الحكم الفاطمي في مصر، وأن يرسي دعائم دولة قوية قادت مصر والشام في محاربة الصليبين؟
لا بدَّ لاي إنسان عاقل أن يفند كل ما جاء في كتاب ابن مماتي وتناقله الناس عن الوزير العادل قراقوش، ويعلم كذب وافتراء ابن مماتي عليه، بسبب كرهه له.
1. أن فلاحًا مصريًّا كان يركب سفينة هو وزوجته –التي كانت حاملًا في الشهر السابع–، فضرب أحد الجنود زوجته فأجهضها، فجاء الفلاح يشتكي إلى الوزير قراقوش هذا الجندي، فكان حكم قراقوش أن يأخذ هذا الجندي زوجة الفلاح ويرعاها لمدة سبعة أشهر ثم يعدها إلى الفلاح وهي حامل مرة أخرى، فأخذ الفلاح زوجته وهرب.
2. كان هناك رجل اقترض بعض الأموال من أحد التجار ولم يعدها له، فذهب التاجر يشتكي لقراقوش، فسأل قراقوش الرجل لماذا لا تسدد دينك؟ قال إنه دائمًا ما يبحث عن التاجر ليسدد له دينه فلا يجده، فحكم قراقوش بحبس التاجر من أجل أن يجده الرجل عندما يرد أن يسدد له دينه.
بالله هل مثل هذه القصص تصدق، وهل هناك وزير مسلم عاقل من الممكن أن يطلق هذه الأحكام السفيهة، وهل لم يكن هناك رقابة من الملوك على القضاء، ونحن نعلم أصلًا أنه كان هناك وظيفة في الدولة الإسلامية تراقب القضاة، وتراقب أحكامهم، والتزامهم بالعدل في هذه الحكام وهي وظيفة المحتسب، وهل يعقل أن دولة وزيرها مجنون إلى هذا الحد أن تصل لما وصلت له مصر من قوة في عهد صلاح الدين؟
إن مثل هذه القصص والحكايات قد لا يصدقها حتى طفل صغير، ولكن في النهاية نقول إن قراقوش لم يكن الشخصية التاريخية التي شوهت سيرتها.
add تابِعني remove_red_eye 20,905
الإبلاغ عن مشكلة جميع الحقوق محفوظة لزد 2014 - 2024 ©
أهلاً ومهلاً!
10 مقالات ستكون كافية لإدهاشك، وبعدها ستحتاج للتسجيل للاستمتاع بتجربة فريدة مع زد مجاناً!
المنزل والأسرة
المال والأعمال
الصحة واللياقة
العلوم والتعليم
الفنون والترفيه
أعمال الإنترنت
السفر والسياحة
الحاسوب والاتصالات
مملكة المطبخ
التسوق والمتاجر
العمل الخيري
الموضة والأزياء
التفضيل
لا تكن مجرد قارئ! close
كن قارئ زد واحصل على محتوى مخصص لك ولاهتماماتك عبر التسجيل مجاناً.
هل كان حقاً قراقوش طاغية ظالماً يضرب به المثل في البغي والظلم والإجحاف والقسوة في الأحكام؟؟
link https://ziid.net/?p=91962