للفوز أوجه عدة كما يقرر ستيفان زفايغ في “لاعب الشطرنج”
تضعك الرواية حول أسئلة وجودية كثيرة، من الفائز؟ وما معنى الفوز؟ وهل للفوز أوجه عدة تتحدد وتختلف تبعًا لمعتقدات المرء نفسه.
add تابِعني remove_red_eye 4,323
“من الفائز في النهاية؟” سيكون ذلك السؤال الذي تسأله لنفسك عندما تغلق الصفحة الأخيرة من رواية لاعب الشطرنج لـ “ستيفان زفايغ”، الرواية القصيرة التي تعدت بالكاد المائة ورقة والتي يمكن بسهولة أن تقرأها في جلسة واحدة، ما إن تبدأ بها إلا وتأخذك لهفة حقيقية لمعرفة تفاصيلها، الرواية التي تدور أحداثها على متن سفينة لن تتذكر بعد الانتهاء من القراءة إلى أين كانت تتجه؟
تبدأ أحداث الرواية عندما يأتي أحد أصدقاء الراوي ليودعه لأنه مسافر خارج البلاد، وينبهه لوجود بطل العالم في الشطرنج معه على نفس السفينة، الراوي الذي يستفزه وجود تلك الأنواع من البشر الاستثنائيين ويحاول فك طلاسمهم، تزداد تلك الرغبة في داخله عندما يروي له صديقه في عجالة قبل إبحار السفينة قصة ذلك البطل.
” تشينتوفيتش” ابن الرجل الفقير صاحب المركب التي تغرق، فيأخذه القس في بلدته الفقيرة ليتولى أموره في حين يساعده في الأعمال المنزلية، ولد فقيرًا لديه قصور واضح في الإدراك، ولد لديه من البلاهة ما يجعله لا يفعل شيئًا مطلقًا، أي شيء من تلقاء نفسه. النشاط الأكبر الذي يقوم به خارج حدود الأنشطة المنزلية هو جلوسه كل ليلة ليراقب القس وصديقه وهما يلعبان الشطرنج، يجلس لساعات متواصلة يراقب الشطرنج دون أن يحرك عينيه عن تلك الرقعة مطلقًا، يذهب القس ذات ليلة لمريضة فيعرض عليه الصديق أن يُكمل دور الشطرنج معه ليتفاجأ الصديق بالقدرات غير العادية لشخص تبدو عليه البلاهة.
ينطلق نبأ القدرات الخارقة لخادم القس في أنحاء البلاد، ليطلب شخص من أشهر محترفي اللعبة في البلاد تبني موهبته، لينطلق بعدها كالحصان الرابح ليفوز في بطولة العالم ويصبح بطلًا عالميًّا في عمر صغير معروف عنه أنه لا يقهر. بطل عالمي لا نشاط له في الحياة سوا النظر إلى تلك الرقعة التي يلعب عليها، لاعب يعرف من أين تؤكل الكتف، فلا يضيع وقت ويعرف أن لعبه للشطرنج هو مصدر دخله الوحيد فلا يلعب إلا بمقابل مادي حتى وإن لم يكن بمسابقة.
عندما يستمع الراوي قصة البطل العالمي تأخذه الحيرة ويحركه الشغف لمحاولة التقرب منه ولكن محاولاته تقابل برفض قاطع من البطل، يفكر بطريقة يستفزه بها ويقرر أن يكون ذلك عن طريق رجل الأعمال الغني الذي يقرر أن يلاعب البطل العالمي بمقابل مادي كبير. تسير الأمور كما هو متوقع ويفوز البطل العالمي بسهولة شديدة، حتى إنهم يقررون تكوين فريق كامل يلعبون ضده، فيفوز أيضًا في أدوار متتالية بكل سهولة.
تسير الأمور على النحو المتوقع إلى أن يظهر الدكتور “ب” الذي يتدخل دون طلب من أحد ويساعد الفريق ضد البطل العالمي ليهدد البطل ويضعه في مأزق حقيقي وسط دهشة الجميع، الأمر الذي يجعل نازلي السفينة يطلبون بأن يلاعب البطل وجهًا لوجه. يذهب الراوي إلى الدكتور “ب” ليطلب منه أن يلعب دورًا واحدًا ضد البطل، هنا يحكي الدكتور عن كيفية تعلمه للشطرنج.
الدكتور الذي كان يعمل في المحاماة مع والده وكانت له علاقات بالسلطة تهدمت كل أمانيه وطموحاته بعد دخول هتلر لأوروبا ومحاولته فرض سيطرته النازية لينتهي به الأمر محبوسًا انفراديًّا في حجرة معزولة عن العالم. يصيبه ملل واضح من ذلك الأسلوب الذي يعتقد أنه أخف ضررًا من التعذيب والزنازين المزدحمة داخل السجون العادية. فذات مرة عندما يؤخذ إلى غرفة التحقيق يرى كتابًا في أثناء انتظاره للمحقق ويقرر سرقته ليتسلى به وحدته، عندما يذهب لزنزانته ليصدم بأنه كتاب عن أسس الشطرنج.
تأخذه حمى اللعب حتى أنه يقرر اللعب ضد نفسه ويصبح ضليعًا في اللعبة حتى إنه يقرر قضاء ساعات عزلته كله يلعب الشطرنج ويلعب أدوارًا متلاحقة إلى أن يصيبه نوع من الاضطراب العقلي ينقل بعده إلى المستشفى حيث تقرر السلطات إطلاق سراحه على أن يغادر الوطن في خلال أسبوعين. ينصحه طبيبه المعالج أيضًا بعدم الانغماس في لعبة الشطرنج مرة أخرى حتى لا تعود إليه تلك الحالة العقلية.
يقنعه الراوي بلعب دور واحد مع البطل العالمي، لينسحب البطل العالمي مخافة الهزيمة ولكنه يقرأ التوتر الذي يغشى الدكتور فيقترح لعب دور إضافي ليوافق الدكتور. هنا يقرر البطل اللعب ليس على الرقعة الممدودة أمامهما لكن على أعصاب البطل الذي ينسحب ويقر بهزيمته ليحافظ على قواه العقلية. تضعك الرواية حول أسئلة وجودية كثيرة، من الفائز؟ وما معنى الفوز؟ وهل للفوز أوجه عدة تتحدد وتختلف تبعًا لمعتقدات المرء نفسه.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 4,323
مراجعة رواية لاعب الشطرنج
link https://ziid.net/?p=84261