خلي بالك من زيزي.. رائعة رمضان 2021
"ربك عنده حكمة في اختلاف البصمات زي ما جوا بيتنا في اختلاف في الشخصيات" في هذا المسلسل سترى تراكيب الشخصيات وستكتشف حكمة اختلافها.
add تابِعني remove_red_eye 43,507
عادةً لا تروق لي الدراما المصرية كثيرًا، لا أميل إلى متابعة مسلسل مصري إلا في رمضان وقت الإفطار، ويكون بمثابة عادة عائلية لا من باب الاستمتاع بالمسلسل. لكن هذه السنة كان الأمر مختلفًا بوجود مسلسل “خلي بالك من زيزي”.
جاء هذا المسلسل ليُغيّر تلك النظرة ويجعلني أعشق كونه مصريًّا وبهذا الإبداع الفريد المتميز. مسلسل مُتقَن مُتكامل لا يأخذك إلى عالمه فقط، بل يدخل هو بشخصياته إلى عالمك لتجد نفسك تعاني مثل شخصية، وتهرب مثل شخصية، وتخاف مثل شخصية، وقد ترى نفسك في أكثر من شخصية معًا. بل يمكن أن ترى نفسك في مراحل عمرية مختلفة ومواقف وأدوار حياتية مختلفة.
مسلسل حقيقي من قلب الواقع النفسي الذي نمر به جميعًا، على المستوى الشخصي والعائلي والاجتماعي. كُتب بالفعل من متخصصة نفسية (منى الشيمي) تُدرك دواخل كل شخصية ومعاناتها وكيفية شفائها وتطورها، تحت إشراف الكاتبة المميزة (مريم نعوم)، وجاء السيناريو والحوار ليُعبّر بدقة عمّا يقال في الواقع، فلا تشعر أبدًا بالاصطناع أو بأنه مجرد مسلسل فقط. وبالطبع اكتملت الصورة لهذا العمل العظيم بأبطاله الممثلين الكبار والأطفال الذين قاموا بالأدوار على أكمل وجه. ولن أنسى تتر المسلسل وألحانه وكلماته الرائعة، واختيار مقاطع الأغاني المُعبّرة من فرقة (مسار إجباري). حقًّا مسلسل متكامل لن تشبع من مشاهدته.
رؤيتي لما جسدته أهم شخصيات المسلسل
زيزي
جسّدت المرأة المختلفة بغض النظر عن كونه اختلاف مرضي أو نفسي أو مشاعري أو عقلي، عكست بشخصيتها جمال المرأة بطبيعتها واختلافها حتى إذا كان اختلافًا يُصنَف مرضًا كاضطراب (ADHD) أو اختلاف يُصنَف بعدم قدرتها على الإنجاب. فجمعت بين صعوبات متعددة تجعل أي امرأة تفقد ثقتها في نفسها.
جسّدت معاناة الشخص التائه بسبب الغضب المُخزَّن من الطفولة نتيجة تربية خاطئة. جسّدت الزوجة المتهورة ونتيجة تعاملها الخاطئ مع الزوج. جسّدت المُطلقة التي تشعر بالانكسار والوحدة والضياع بسبب الاعتماد على إعالة الزوج فقط، بدون وجود مهارات ومصدر دخل خاص بها. جسّدت مدى قدرة الشخص على الشفاء والتطور إذا أراد. جسّدت الحبيبة الوفية المساندة، والأم المُقدّرة لاختلاف الأطفال.
تيتو
انعكاس لكل الأطفال وليس فقط الأطفال الذين يعانون من اضطراب (ADHD) أو فرط الحركة وعدم التركيز، فكل طفل بالفعل يختلف عن الآخر في شيء ما ويريد معاملة خاصة في جانب من الجوانب. جسّدت بقوة أن كل طفل له طريقة تعامل وتوجيه مختلفة، وطريقة مُفضّلة في الدراسة والفهم، وكل طفل له اهتمامات وميول يجب أن تُحتَرم.
جسّدت أثر التنمر بين الأطفال على نفسيتهم وسلوكهم، وزيادة العدوانية والإحساس بالنبذ والوحدة. جسّدت أثر عدم استماع الأهل لآراء الطفل لكونه طفل وعدم مراعاة مشاعره ورغباته. جسّدت ذكاء الطفل وانتباهه لكل ما يدور حوله مهما حاول الأهل إخفاء الحقائق، ومدى انعكاس الطفل لوالديه وتَشكُّل نفسيته بما يشعر به منهم وليس بما يراه أو يُقال له.
وكانت تيتو في ذات الوقت انعكاس الطفل الداخلي لشخصية زيزي، فجعلتها تُبصر حالتها وما مرت به في مرحلة الطفولة بشكل أكثر وضوحًا، فكلاهما كان مساعد للآخر في الشفاء والتطور وإخراج أفضل نسخة من شخصيته.
وليد – هدى (أهل تيتو)
وليد: الرجل العاشق لابنته، المُحب لزوجته، البار بوالدته، المعتز بأصوله، لكنه في ذات الوقت الرجل الشرقي المتحامي لكرامته، لا يحب تصرف المرأة دون الرجوع له حتى لو كان تصرفها صحيح. يحاول غض الطرف عن مشاكل ابنته ويريد من الكل رؤيتها بعينه. يشعر دائمًا بأنه غير كافٍ في أعين زوجته بسبب الفروق الاجتماعية رغم إظهارها لحبه.
هدى: جسّدت المرأة المذبذبة، التي تشعر بعدم الثقة في آرائها وقرارتها، يسيطر عليها التيه في كيفية التعامل مع كل من حولها؛ ابنتها.. زوجها.. أخوها.. وحتى معلمات ابنتها، وقد عبرت في لفتة بسيطة أن السبب في ذلك هي والدتها، فكانت دائمة الشجار معها، لا تعترف برؤيتها وتُفضّل أخاها باستمرار.
مراد
الأخ الحنون المُقدّر الساير على خطى والدته دون تفكير، فكان له دور في ذبذبة آراء أخته (هدى) بسبب لومه الدائم لقرارتها. وكان له دور في إكمال أخطاء والدته بسبب تقديسه لصورتها وتصرفاتها، إلى أن أدرك أنها مهما كانت فهي بشر تُخطئ وتُصيب وكان عليه أن يتفكر ويستمع.
كما جسّد المحامي النزيه والرجل المتعاطف مع المرأة، وكيف للتعاطف بين الرجل والمرأة أن يُسيّر المركب إلى دفة أخرى، فرأينا من خلاله أهمية وضع الحدود. وكان انعكاس للرجل المُخلص لفكرة الحرية وعدم الارتباط، إلى أن دفعته مشاعره لحب زيزي. فعكسا جمال الحب الحقيقي عندما يتجلى، ومدى تقبل كل طرف للآخر كما هو ومساندته واكرامه.
هشام (طليق زيزي)
الرجل التقليدي السائر على خطى توجيه الآخرين، وفي نفس الوقت المتفوق الطيب المُقدّر. أهم ما جسّده هو أهمية بحث الفرد عن ذاته وميولة واكتشافه لما يحب وما يرغب، وأهمية أن يضع الإنسان الحدود حتى لأقرب الناس له كزوجته وأخوه.
ياسمين (خطيبة هشام)
جسّدت كيف للمشاعر أن تُسيطر على المنطق، وأنه يحدث أحيانًا أن نشعر بالرغبة والحب تجاه شخص غير متناسب مع حقيقة ما نريده، وتكون نتيجة ذلك أن نحاول دفعه إلى التحول لما نريده في الأصل، فلا نحبه كما هو ولا نتركه لكي نجد من نبحث عنه. فتتحول المشاعر الإيجابية والحب إلى سلبية وغضب ولوم.
ياسر (شقيق هشام)
الأخ والأب الحازم المُسيطر المُتحمل مسؤولية من حوله بشكل زائد غير مريح، إلى أن صارحه هشام أنه ممتن لوجوده كسند ولكنه بسبب تدخله الزائد في حياته جعله لا يعرف كيفية الاختيار وحده كرجل راشد. فجسّد أهمية تحمل المسؤولية ولكن بشكل متوازن لا يوجد فيه اعتداء على حرية اختيار الآخرين.
فؤاد – ناريمان (أهل زيزي)
فؤاد: الأب العصبي الذي يرى التربية حزم وحبس وانضباط وأن الأب دائمًا على حق. والزوج المتطلب الذي يشعر بالفراغ بعد المعاش، فتتمحور حياته في الأكل ومشاهدة التليفزيون ولقاء الأصدقاء. فكان انعكاس لشكل ذلك الأب وكيف يساهم بما يظن أنه تربية صحيحة بالسلب على نفسية ابنته مهما كبرت، وأثر تعامله السيء الغير مقصود في حزن ووجع زوجته.
ناريمان: الأم التي تهرب بالعمل من الزوج والأبناء. جسّدت الشخص الذي يعيش حاضرة من أجل المستقبل ونسي أن يعيش الآن. فكانت ترفض الحاضر وبالتالي سيطرت السلبية والانسحاب على أغلب تصرفاتها، فلم تستطع عيش حياة زوجية سوية، ولا استطاعت تربية أبنة محبه، بل ساهمت في زيادة غضب زيزي وبالتالي البعد والجفاء بين الأم وابنتها. إلى أن قررت زيزي المواجهة فكانت بداية التغيير وتحسين العلاقة بينهم.
كاريمان (شقيقة ناريمان)
السيدة التي عاشت حياتها كلها تشعر بالإهانة؛ فقط لكيلا تتأثر نفسية ابنتها. فجسّدت مدى تضحية الأمهات في سبيل الحفاظ على أبناءها، إلى أن اكتشفت في النهاية أنها إنسانة مُكرَّمة لديها حقوق ومشاعر يجب أن تُحتَرم، وأن راحتها وسعادتها ستكون سعادة أبنائها أيضًا.
نيلي (ابنة كاريمان/ ابنة خالة زيزي)
المرأة الأنيقة المهتمة بتفاصيل الأنثى مرهفة الاحساس. جسّدت أثر مخاوف الطفولة على شخصية الإنسان، وكيف لافتقاد أب غير متواجد أن يُشكّل عقبة في الإحساس بالأمان بالنسبة للبنت، إلى أن تصل إلى جذب شريك حياة يُعيد الإحساس بعدم بالأمان مرة أخرى بطريقة ما. فالأب هو الصورة الأولية للرجل في ذهن البنت.
سامي (المعالج النفسي)
يمكن للجميع أن يطلب المساعدة ويرغب في أن يراه أحد من الخارج لكي يُرشده؛ حتى المعالج النفسي ذاته. فجسّد سامي أن المعالج النفسي أيضًا إنسان لديه عقده ومخاوفه ويمكنه الشعور بالذنب والتأنيب، ولكنه مدرك لذلك، والإدراك في حد ذاته بداية التشافي.
مسلسل اجتماعي ذو قصة متشابكة، جسّد بقوة مدى تأثير مرحلة الطفولة على شخصية الإنسان، ومدى تأثر الأشخاص ببعضهم، وكيف لنا أن نتعلم ونتطور عن طريق العلاقات في الحياة، ليست العلاقات القريبة فقط بل يمكن أن نتعلم من كل شخص نقابله. وأن كل موقف يحدث يأخذ بمصيرنا إلى الخير مهما بدا في ظاهره شرًّا؛ فقط إذا أردنا التغيير للأفضل.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 43,507
رؤية جديدة لشخصيات مسلسل " خلي بالك من زيزي"
link https://ziid.net/?p=87696