تقول الإحصاءات أن العربي لا يقرأ، فهل تلك الإحصاءات دقيقة وحقيقية؟
القراءة من الأمور الممتعة التي أنعم عليها الله بنا، يجب أن نعطيها قدرها وأن نهتم بها ونعلم الأجيال الاستمتاع بهذا النشاط الرائع
add تابِعني remove_red_eye 6,276
أتذكر جيدًا ذلك التقرير الشهير عن معدل قراءة الفرد العربي الصادر عن مؤسسة الفكر العربي والذي جاء فيه أن متوسط ما يقرأه العربي في السنة هو 6 دقائق، بينما متوسط القراءة للأوروبي 200 ساعة سنويًا. ذلك التقرير الصادم الذي يتناقله الجميع، يؤكد أن الفرد العربي لا يقرأ. وكل من يتحدث عن القراءة في الوطن العربي لا بد أن يستشهد بهذه الإحصائية وكأنها أحد المسلمات. مشكلة هذا التقرير أنه كان يتيماً، وحيداً، لم يصدر تقرير آخر في السنوات التالية لسنة صدوره ليرصد هل تحسن الوضع أم ازداد سوءًا.
هل حقًا العربي لا يقرأ؟
في ندوة بعنوان” أزمة الكتاب العربي” حضرتها في شهر مارس 2019، وجدت الإجابة. فمن النقاش الذي دار عرفت أن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 2016م قامت بإصدار أول مؤشر للقراءة على تطبيق Knowledge For All، لتصحيح تلك الصورة القاتمة، والتأكد من حقيقة وضع القارئ العربي.
وكشفت نتائج مؤشر القراءة العربي أن هناك إقبالًا ملحوظًا من المواطن العربي على القراءة، على عكس تلك البيانات والإحصاءات السابقة التي نشرت سابقًا عن المنطقة العربية. وأفاد المؤشر بأن هناك خمس دول عربية احتلت مرتبة متقدمة في القراءة، حيث جاء لبنان في المركز الأول، ثم مصر، ثم المغرب، ثم الإمارات ومن بعدها الأردن.
هذا المؤشر استند إلى استبيان إلكتروني شارك فيه 161 ألف مواطن من كافة الدول العربية، ومن مختلف الفئات. وهو المشروع العربي الأول من نوعه. وبحسب هذا المؤشر فقد بلغ المعدل العربي لساعات القراءة سنويًا 35.24 ساعة سنويًا، وليس 6 دقائق. فيما بلغ المتوسط العربي لعدد الكتب المقروءة سنويًا أكثر من 16 كتابًا في السنة مقابل ما قيل سابقا أن المعدل لا يتجاوز ربع صفحة. والغريب كما قال أحد المحاورين أنهم سألوا مؤسسة الفكر العربي كيف توصلت لتلك الإحصائية في تقريرها الشهير، فكانت الإجابة عن معلومات من اليونسكو، وبسؤال اليونسكو كانت الإجابة أن هذه المعلومة لم تصدر منهم في أي تقرير!!
قراءة تأملية وقراءة ديناميكية
إذا العربي يقرأ، خبر جيد. بل هناك من يؤكد أن القراءة تزدهر. لنلق نظرة خاطفة على أي معرض للكتاب في أي بلدٍ عربي، نلاحظ أعداد الناس ذكورًا وإناثًا، كبارًا وصغارًا. كل تلك الأعداد تقول صراحة نعم هناك من يهتم بالكتاب في العالم العربي، هناك من يعشق القراءة. هناك من يرى أن معرض لبيع الكتب يستحق الزيارة. ورؤية من يخرج من قاعات المعرض بأكياس تحوي كتب لا تحتاج كلام فهي دليل دامغ أن العربي يقرأ.
يقول أحدهم: نعم هناك إقبال على شراء الكتاب، ولكن أي نوع من الكتب؟ فليس مهم كم نقرأ، ولكن ماذا نقرأ. وجهة نظر تستحق الوقوف عندها، خاصة عندما نعرف أن أغلب الكتب الرائجة هي الكتب الدينية بالمقام الأول، وهذه الكتب تخلو من الحس النقدي.
الكتاب الإلكتروني يلاقي إقبال أكثر من الكتاب الورقي خاصةً بين فئة الشباب الذين يفضّلون القراءة عبر وسائط تكنولوجية مختلفة كالألواح الرقمية والهواتف والحواسيب، وبالتالي ظهور نمط جديد من القراءة، أكثر تفاعلية وأقل تركيز، موجه نحو المشاركة الخارجية وهو ما يسمى بالتحول من عالم القراءة التأملية إلى عالم القراءة الديناميكية.
وهناك أيضًا إقبال على الكتب الصوتية، مع ملاحظة أن أعلى نسبة لحملة الهواتف توجد في العالم العربي. وبالتالي فالكتاب الآن متوفر بأشكاله الثلاثة: رقمي –صوتي– ورقي.
الكتاب الإلكتروني
أهم مشكلة تواجه الناشر والمؤلف في البلاد العربية هي قرصنة الكتب كما جاء في حديث أحد مالكي دور النشر العربية. ولأن إنتاج الكتاب الإلكتروني لا يزال بأعداد قليلة لهذا انتشرت الكتب الإلكترونية المقرصنة بسهولة ووجدت لها مكان. وفي الوقت الذي نجد فيه أن 90 % من الكتب الإلكترونية في الغرب تباع على المنصات الإلكترونية، فالنشر الإلكتروني للكتب العربية لايزال في بداياته، ولا تزال أغلب الكتب تنشر ورقيا فقط. ويجد القارئ صعوبة في التعامل مع تلك الكتب.
نظرًا لازدياد أعداد مستخدمي الشبكة الإلكترونية، بدأت تظهر منصات إلكترونية لتحميل الكتب بشكلٍ قانوني وبأسعارٍ متنوعة لكنها غالبًا ليست مجانية.
تجربة قراءة الكتاب الإلكتروني على تطبيق “الكندل”، تختلف تمامًا عنها على التلفون أو التابلت، حيث يشعر القارئ بالراحة عند القراءة وتحاول الشركات العربية إطلاق تطبيقات خاصة بقراءة الكتب الإلكترونية العربية على غرار تطبيقات “كندل”، و”أي بوكس” الأجنبية الشهيرة، كما دخلت شركة “أمازون” للسوق العربي لتقدم الكتب الإلكترونية العربية.
قرصنة الكتب
“هل ترضى أن تدخل لمكتبة وتأخذ الكتاب وتخرج دون دفع قيمته؟ هذا بالضبط ما تفعله عندما تنشر كتاب بصيغة إلكترونية على الإنترنت”، هذا ما قاله أحد مالكي دور النشر العربية بغضب، وأردف موضحا: “في ثقافتنا القرصنة ليست سلبية. بل صدقة جارية وهذا يحتاج تغيير …”
هناك فرق بين الكتاب الإلكتروني والكتاب الإلكتروني المقرصن، الكتاب الإلكتروني يراعي الملكية الفكرية للكاتب وحقوق الطبع المحفوظة للناشر، بينما الكتاب المقرصن هو سرقة واحتيال وتزوير. الكتاب المقرصن ينشر الكتاب إلكترونيا دون معرفة الكاتب أو دور النشر وبالتالي هو بمثابة سرقة فعلية لمجهود وحقوق آخرين.
بعض مبررات من يقومون بقرصنة الكتب الإلكترونية أنهم يسهلون وصولها لمن يريد القراءة ويتعذر عليه الحصول على نسخة لكتبٍ معينة بسبب المنع والحضر في بعض البلاد، أو ارتفاع سعر الكتب، أو ندرتها، خاصة تلك الكتب التي توقفت عملية طباعتها، ونفذت نسخها من السوق. ومن المبررات أن فكر القرصنة في العالم العربي سببه عدم وجود منصة إلكترونية سهلة ورخيصة للنشر. والبعض ينصح الكاتب أن ينشر كتابه ورقيًا ورقميًا في الوقت نفسه لحماية الكتاب من القرصنة.
ختامًا
غزو مخ وفكر القارئ بالكتاب الصوتي والإلكتروني والورقي شيء جميل، فالمعرفة مهمة مهما كانت الوسيلة لها. وبكل تأكيد هناك حاجة لقوانين لسوق الكتاب الإلكتروني والصوتي في المنطقة العربية تحمي الحقوق، وتسهل الحصول على الكتاب بسعرٍ مناسب.
add تابِعني remove_red_eye 6,276
مقال يجيبك عن السؤال : هل العربي حقا لا يقرأ؟ أم أن عادة القراءة تزدهر في عالمنا العربي؟
link https://ziid.net/?p=41651