ماري أنطونيت: من عرش السلطة إلى مقصلة الإعدام
أصبحت ماري أنطونيت الفتاة المراهقة سيدة فرنسا وواحدة من الأسرة الحاكمة فيها عام 1770، بعد ثلاثة وعشرين عامًا من زواحها، فقدت رأسها
add تابِعني remove_red_eye 13,690
أصبحت ماري أنطونيت الفتاة المراهقة سيدة فرنسا وواحدة من الأسرة الحاكمة فيها عام (1770م)، وبعد ثلاثة وعشرين عامًا من زواحها، فقدت رأسها على المقصلة. من أبرز المقولات التي انتُسبت إليها (إن لم يكن هناك خبز للفقراء، دعهم يأكلون الكعك) ولكنها لم تقل تلك العبارة أبدًا، هيا لنتعرف على قصتها سويًّا.
ذهابها إلى فرنسا
تعود أصول ماري إلى النمسا، فقد كانت أميرة نمساوية وُلدت في عام 1755م، كانت ماري المراهقة تبلغ من العمر 14 عامًا عندما جاءت إلى فرنسا للزواج من الأمير لويس السادس عشر، في مايو عام 1770م في حفل زفاف كبير وسط حاشية تضم (57) عربة و(117) راجلًا و(376) حصانًا. وكان من المنتظر أن يصبح زوجها ملك فرنسا المستقبلي، ووقت زواجهما بلغ من العمر وقتها 15 عامًا. تُوّج لويس ملكًا على فرنسا في أكثر فتراتها ضعفًا في عمر (19) عامًا، بينما كانت ماري تبلغ من العمر آنذاك (18) عامًا، أي أنهما كانا مراهقين قليلي الخبرة.
حياتها العاطفية
من أبرز الاتهامات التي وُجهت لماري علاقاتها غير المبررة، لكن حياتها العاطفية غامضة إلى حدٍ كبير، ويُشاع أنها أحبت الملحق العسكري السويدي الكونت أكسل فيرسن، والغريب في الأمر أنّ هذا الأمر كان بموافقة ضمنية من الملك لويس السادس عشر. لكنه ظل مخلصًا لها ولم يتخذ عشيقة قط، بل كان رجلًا يقيد نفسه بقيودٍ لم يأتِ بها ملك فرنسي من قبل. على الصعيد الآخر، كان الإمبراطور النمساوي جوزيف الثاني –أخوها– يقول إنها حكيمة إلى حدٍّ ما. بصفة عامة، هناك العديد من التناقضات في حياتها العاطفية وآراء كثيرة في صفحات التاريخ، لكن ما زالت هذه النقطة موضع جدلٍ.
الإسراف واللامبالاة
حتى يومنا هذا، يذهب الزوار إلى قصر الملكة ماري للاستمتاع بذوقها الرفيع في الأثاث والديكور، كيف لا وقد اشتُهرت بإسرافِها وتبذيرها وقد شجعتها أمها على ذلك، فأصبحت تتردد على المسارح كثيرًا، بالرغم من أنّ الملك لويس كان جادًا ومقتصدًا، إلا أنّ ماري كانت سريعة في اتخاذ قراراتها، ومسرفة إلى حدٍ كبيرٍ، وتُفضل الحياة الاجتماعية عن الحياة الزوجية الهادئة، فعندما كان يذهب لويس إلى الفراش في الساعة الحادية عشرة مساءً، كانت هذه نقطة نشاط ماري، إذ كانت تستعد في هذا الوقت للذهاب لقضاء ليلة من الاحتفالات، وفي عام 1775م، صرحت لإحدى صديقاتها بأنّ ذوقها لا يشبه ذوق الملك نهائيًّا.
في إحدى المرات اشترت ماري زوجًا من الأساور باهظة الثمن، حتى إنّ ثمنها يُعادل ثمن قصر في باريس. وعندما علمت أمها بشأن إسرافها الزائد هذا، أرسلت إليها محذرة بشدة، ونصحتها بالاعتدال قبل أن يصلوا إلى الكارثة المحتملة.
لم تُخطئ والدة ماري، وحدثت الكارثة المنتظرة حقًا، فقد نسي الملك لويس وزوجته حقوق الرعايا، وتعرضت البلاد لأزمة مالية، وعاش الناس في قحط، بالرغم من ذلك، قامت ماري بحركة استفزازية، فقد اشترت مجوهرات وملابس باهظة الثمن.
بالإضافة إلى ذلك، فقد تمتعت بحالة عدم المبالاة، فقد عاشت هذه المرأة دائمًا في القصور سواء في النمسا أو فرنسا، فلم تكن قادرة على فهم حالة الشعب البائسة، وعندما نسبت إليها إحدى الصحف بأنها قالت “دعهم يأكلون الكعك” لم ترد، ولم تنفِ، مما أثار حفيظة الشعب عليها وزاد كرههم لها. وقد نُسبت حالة اللامبالاة هذه أيضًا إلى ماريا تيريزا، إحدى ملكات فرنسا في السابق وكانت أميرة من أصول إسبانية قبل القدوم إلى فرنسا.
تناقش المؤرخون كثيرًا حول ما إذا كانت ماري تستحق هذا المصير أم أنها ضحية للظروف ولامبالاتها للحياة من حولها. لكن هناك بعض المصادر التي تشير إلى إقدام ماري على الأعمال الخيرية، فإذا وجدت طفلًا يتيمًا تساعده وتعلمه وفي إحدى المرات وجدت فلاحًا بائسًا ومدت يد العون له. وأكدت على ذلك السيدة كامبان، وهي السيدة المشرفة على حجرة نوم الملكة، وذكرت أنّ ماري كانت تُسعد كثيرًا عندما تقوم بأي عمل خيري.
اندلاع الثورة وهياج الشعب
كانت الصورة الواضحة للشعب عن الملكة أنها مسرفة وتشتت الوضع المالي للبلاد بسبب ملذاتها، بينما كانت هي منشغلة بمرض ابنها الأمير الخطير، وفي غضون شهور قليلة تُوفي عن عمر سبع سنوات. في ذلك الوقت بدأ الثوار يطالبون بالحكم الذاتي للبلاد، والمناداة بحقوقِهم.
في صيف عام 1789م تحديدًا في 14 يوليو زاد التمرد، وخاف الثوار من الملك الذي نقل عددًا هائلًا من القوات والجنود إلى باريس، وتشجعوا على إحداث رد فعلٍ، إذ اقتحم عدد يقدر بحوالي (900) شخصًا من العمال وأصحاب الحرف والفلاحين، سجن للاستيلاء على الأسلحة والذخيرة. أثناء هذه الأوقات، طلبت الملكة من الملك أن يُخمد الثورة والتمرد، فقد كانت مشجعة للملكية وعدوة للديمقراطية، لكنه لم يستجب لها، وتنازل عن باريس للثوار، وفي غضون أسابيع قليلة سُحبت العديد من الامتيازات لرجال الدين والطبقة الارستقراطية وأُعلنت حرية الصحافة وحقوق الإنسان.
في يوم (5) أكتوبر انطلقت حشود هائلة من آلاف النساء في السوق، كنَّ مسلحات بالحراب والمناجل، واحتج الجميع على نقص الوظائف وارتفاع سعر الخبز، وازداد عددهم في المساء أمام القصر، وأراد الملك الهروب مع أسرته، إلا أنّ المتظاهرين قد أغلقوا عليهم الطريق وتقطعت عليهم السبل. وفي حوالي الساعة الخامسة من صباح اليوم التالي، هجم المتمردون على القصر وتوجهوا إلى غرفة الملكة، وقُتل حارسان، وهربت إلى الملك، في نفس الوقت ذهب الملك لينقذها فوجدها هاربة وانضم إليها مع ابنهما في قاعة الطعام، إلى أن وصل “ماركيز دي لافاييت” قائد الحرس الوطني واستعاد النظام مؤقتًا.
لكن سرعان ما زاد الحشد الذي بلغ عددها حوالي (10000) شخصًا، وطالبوا بظهور الملكة، فخرجت لهم وقد بدا عليها الثقة في النفس، وما إن امتثلت أمامهم حتى صمت الجميع، ودخلت من جديد. وفي غضون ساعاتٍ قليلة، كانت العائلة الملكية في رحلتها إلى قصر التويلري القديم في العاصمة، ولكنهم لم يُحبسوا، لكن الملك بدا وكأنه غير قادر على التصرف.
على مقصلة الإعدام
في (21) يناير عام 1793م، أُعدم الملك لويس السادس عشر، البالغ من العمر (38) عامًا أمام حشود تبلغ (20) ألفًا. وبعد عدة شهور، أُدينت الملكة ماري بعدة تُهم بشعة تتضمن التآمر ضد فرنسا مع الأعداء والإسراف وغيرهم، ونصبت لها محاكمة، وكانت ترد على الاتهامات بكل هدوء، وفي نهاية المطاف حُكم عليها بالإعدام، وفي يوم (16) أكتوبر عام 1793م، قام الجلاد بقص شعرها، وربط يديها إلى الخلف، ونصحها القس بالشجاعة. وحملتها العربة إلى مكان المقصلة وقُطعت رأسها في تمام الساعة (12:15) ظهرًا وانطلق آلاف الناس يهتفون، فقد رحلت رموز الفساد والإسراف في بلادهم، كما يعتقدون.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 13,690
اشتُهرت ماري بإسرافها حتى غضب عليها الشعب، لكن هل استحقت الموت حقًّا؟
link https://ziid.net/?p=74279