مانسا موسى.. الإمبراطور الذي امتلك نصف ذهب العالم
عُرف مانسا موسى بالتزامه وحفاظه على الصلاة والذكر ، ونفسٍ محبة للخير، يُغدق بالصدقات على المحتاجين، وهو من أهل البرّ
add تابِعني remove_red_eye 3,704
العطاء غير المدروس يعتبر إهدارًا وتهورًا، وخاصة إذا كانت تلك الأموال ملكًا للجميع، وما الفرد إلا مسؤول عنها، وكيل عليها يصرفها في الوجه الصحيح الذي يعود على المجتمع بالفائدة والنفع. إلا أن هناك شخصيات عُرفت بعطائها غير المحدود الذي وصل لإهدار المال العام، مما أدى إلى إفلاس دولهم وتحويلها إلى دول فقيرة. ومن أشهر هذه الشخصيات هو الملك “مانسا موسى”، فمن هو هذا الملك وكيف أهدر مال دولة مالي.
من هو مانسا موسى؟
هو الحَاج مانسا موسى أو كانجا موسى، المعروف بموسى الأول، ولد نحو 1280 وتوفي في 1337. كان مسلمًا حسن المظهر وسيمًا، عُرف بالتزامه وحفاظه على الصلاة والذكر، ونفسٍ محبة للخير، يُغدق بالصدقات على المحتاجين، وهو من أهل البرّ، كما عُرف عنه حبه للعلم والقراءة. لم يكن مانسا موسى حديث العهد بالحكم، فهو سليل عائلة خبرت الحكم وقادت مالي لسنين طويلة، عُرفت عائلة موسى بحب الترحال والاستكشاف، وورث مانسا الحكم من أخيه الأكبر، الذي ذهب في رحلة لاستكشاف المحيط الأطلنطي، مصطحبًا معه قافلة ضمت آلاف الرجال، والنساء، والعبيد، والذين لم يعودوا أبدًا.
عمل مانسا على توسيع الإمبراطورية، فاستولى على ٢٤ مدينة من ضمنها تمبكتو. كما تمدّدت الإمبراطورية بدءًا من المحيط الأطلنطي ووصولًا إلى مكان دولة النيجر حاليًا، وضمّت أجزاء من السنغال وموريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وغامبيا وغينيا بيساو وغينيا وساحل العاج. ويرجع إليه الفضل في تأسيس العلاقات الدبلوماسية مع مملكة البرتغال والدولة المرينية، وبعد كل هذا النفوذ والأراضي امتلك مانسا نصف الذهب الموجود في العالم، بسبب الموارد العظيمة كالذهب والملح. بالإضافة إلى أنّ مراكز التجارة الرئيسية التي كانت تتاجر في الذهب والبضائع الأخرى كانت ضمن أراضيه، وقد كوَّن ثروة من هذه التجارة.
أشهر رحلات مانسا موسى
لم تكن إمبراطورية مالي ذائعة الصيت، رغم ثروتها التي لا تُحصى من الذهب، إلى أن قرر مانسا الذهاب للحج مستخدمًا الصحراء ومرورًا بمصر للوصول إلى مكة. وذكر أنه اصطحب معه ستين ألف رجل، وأخذ كل المسؤولين والجنود، والكثير الكثير من الحيوانات لاستخدامها للطعام والتموين. كان الجميع يرتدي الذهب والحرير الفارسي بمن فيهم العبيد، والجمال التي تجر أطنان من الذهب الخالص. وتزامن مروره بمصر وجود أزمة ذهب بها، فقام بتوزيع الذهب بسخاء طوال مدة إقامته التي بلغت ثلاثة أشهر، مما تسبب في انخفاض سعر الذهب لمدة عشر سنوات، فانعكس سلبًا على الاقتصاد.
وفي طريق عودته إلى الوطن، مرّ مانسا عبر مصر مرة أخرى، وقد حاول التخفيف من أضرار الاقتصاد هناك والذي تسبب فيها هو بشكل رئيسي عن طريق استعارة الذهب مرة أخرى من التجار المصريين. ويقال إنه أنفق الكثير حتى نفد الذهب.
مما لا شك فيه أن مانسا تسبب في إهدار الذهب المالي، ولكن هذا ما جعل العالم يتعرف على هذه الإمبراطورية التي لم يكن لها أي وجود قبل ذلك، وبذلك الإنفاق وضع مانسا نفسه وامبراطوريته المتمثلة في مالي على الخريطة، ففي خريطة أطلس كتالونية تعود لعام 1375، يظهر رسم لملك إفريقي جالس على عرش ذهبي فوق تمبكتو، يحمل قطعة من الذهب في يده.
وفي عودته اصطحب مانسا معه الكثير من العلماء المسلمين ومنهم من كان من نسل سيدنا محمد (صلّى الله عليه وسلم)، أيضًا كان من ضمن الوافدين شعراء ومهندسين، أبرزهم المهندس المعماري الأندلسي أبو إسحاق الساحلي، الذي يُنسب إليه الفضل في تصميم جامع دجينغاربير الشهير. والذين دفع لهم مئات الكيلوغرامات من الذهب الخالص. ويذكر أيضا أنه موّل الادب، ونشط في بناء الجوامع، والمدارس، والجامعات بمكتباتها، وكل ذلك حوّل تمبكتو إلى وجهة تعليمية يقصدها كل من رغب في العلم من كل أنحاء العالم.
الخاتمة
بعد وفاة الملك مانسا موسى في عام ١٣٣٧ عن عمر يناهز ٥٧ عامًا، اعتلا ابنه كرسي الملك، لكن للأسف كثرة الفتن والانقسامات، وبدأت المدن الصغيرة بالانفصال مما تسبب في تفكك تلك الامبراطورية. اكتسبت “تمبكتو” شهرة جعلت منها قبلة للسياح والمغامرين، وحافظت على مكانتها المرموقة حتى القرن التاسع عشر، فقد كانت مقصد للباحثين على الثروة والمستكشفين، بسبب ما سمعوا عن مانسا وجزل عطائه المبالغ فيه قبل ٥٠٠ عام.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 3,704
يتحدث هذا المقال عن الامبراطور مانسا موسى و كيف أهدر ذهب مالي
link https://ziid.net/?p=91286