التخلص من آثار الاكتئاب والفشل بوصفة سحرية مجربة
بكل بساطة الهوايات. نعم الهوايات والتي بمثابة الحل السحري الذي يمكنك أن تدخله بحال وتخرج بحال أخرى تمامًا.
add تابِعني remove_red_eye 454
لقد أصبح الاكتئاب سمة من السمات المميزة لهذا العصر الذي نعيش فيه بسرعته وتطوره الهائل، ونتيجة لهذه السرعة الجنونية التي لا يستطيع أغلبنا ملاحقتها. يحدث لنا نوع من الاكتئاب فيبدو لنا أن العالم من حولنا يجري بينما نحن برغم خطواتنا السريعة وربما المهرولة في أحيان كثيرة فإننا لا نستطيع أن نلحق بهذا الركب فجديد اليوم قديمة غدًا، ومعجزة اليوم هي شيء عادي أو ربما أقل من العادي غدًا.
ووسط كل هذه السرعة وهذا الكم الهائل من المتغيرات التي تلقى بطريقنا كل يوم. نتوه ونشعر بالضياع. ونحتاج لشيء تركن إليه أنفسنا قليلًا لنرتاح، ونعيد ترتيب أرواحنا المبعثرة لنستطيع استكمال المسير وربما الجري. فإذا كنت من هذه الفئة مثلي، فإليك ذلك الحل البسيط، والذي هو بمثابة الوصفة السحرية للخروج من صخب العالم والولوج إلى سراديب الروح.. ألا وهو بكل بساطة الهوايات. نعم الهوايات والتي بمثابة الحل السحري الذي يمكنك أن تدخله بحال وتخرج بحال أخرى تمامًا. كمن دخل المشفى مريضًا، ليخرج منها سليمًا معافى كما لو لم يمسسه ضر من قبل.
نعم، فلكل منا هواية ما يستطيع أن يتسلح بها أمام ملل وسرعة الحياة، وهي ما تميز كل منا عن الآخر وتجعل منا نسخ فريدة من أنفسنا وليس قوالب بشرية جاهزة مستهلكة ومبتذلة لكثرتها وتكرارها، كما هو الحال مثلًا في خط موضة الملابس، فحينما يعلن أن لون محدد هو موضة هذا العام.. تجد اليوم التالي الشارع يشع بهذا اللون لكثرة مرتادينه، بغض النظر عما إذا كان هذا اللون مناسبًا لمن يرتديه أم لا، إنما هكذا جرى العرف، ويصبح الذي لا يسير على هذا النهج هو الشاذ عديم الذوق ودقة قديمة.
عكس الحال في الهوايات فنحن لا نذهب إليها لأنها موضة أم أن الجميع هناك فعلينا أن نلحق بهم، إنما لأنها تستهوي النفس، ففي جعبة كل منا هواية ما تظهر وقت الفراغ وفي بعض الحالات المستعصية كحالتي تطغى الهوايات حتى في ذروة أوقات العمل.
قائمة الهوايات وأثرها المادي والمعنوي
فالهوايات كثيرة ومتنوعة فمنا من يهوى الرسم، أو الموسيقة، أو الكتابة، أو الأشغال اليدوية إلخ، ولا تنتظر مني عزيزي القارئ أن أذكر القراءة ضمن الهوايات. حيث إنه من الخطأ الشائع أن ندرجها ضمن قائمة الهوايات، في حين لابد لها أن تكون ضمن قائمة الضروريات، فليس المهم هنا أي هواية تفضل إنما المهم العائد النفسي والمادي الذي يعود على الفرد منا من جراء هذه الهوايات، ولم أقصد هنا بالجانب المادي المال، إنما المنتج النهائي الذي يخرجه كل منا بنهاية جلسته مع هوايته.
وأتعجب كثيرًا من صديقة مقربة لي كلما حدثتها عن الهوايات رأت أنه درب من دروب اللهو وتبديد الوقت، ولم أتعجب أبدًا من نفسيتها المحطمة دائمًا فهي لا تهوى شيئًا على حد تعبيرها، فهي تعمل لتعود للبيت لتصبح اليوم التالي لتعمل وتعمل وهكذا فقط. فالهواية برأيي هي الوصفة السحرية لتكون نفسك في تلك الحياة، فكثير من الأعمال العظيمة الخالدة حتى الآن كانت مجرد هواية في بادئ الأمر بالنسبة لمبتدعيها.
قصتي مع هواياتي
وهنا سأتحدث عن هواية من هواياتي المفضلة ألا وهي الأعمال اليدوية (وبالتحديد فن الكروشيه) وكيف لهذا الفن على قِدمه من جمال وروعة، فهو يشبه إلى حد بعيد فن النحت، فبينما يكون للنحات حجر أصم لا معنى له ولا شكل، ليحوله بأدواته ونظرته إلى شيء مجسم له معنى وشكل. هكذا الحال مع الخيوط التي لا يكون لها شكل محدد أو طابع خاص سوى لونها تتحول بفعل السحر إلى أشياء عديدة فمنها تستطيع أن تحول كومة الصوف إلى وشاح أنيق للرقبة، أو بلوفر فريد من نوعه للشتاء.
أو حتى يمكنك دمج أشياء ليس لها علاقة ببعض كقطعة خشب وتعمل عليها بخيط سميك بعض الغرز لتتحول لسلة للاحتواء أشياؤك الثمينة، أو حتى حذاء -أعزكم الله- غاية في الراحة لو أضفنا له نعلًا صناعيًّا، فأي شيء تريده يمكن أن تصنعه ببكرة من الخيط وسنارة مناسبة لسمك الخيط.
ولو غضضنا الطرف عما يمكن أن تصنعه من هواياتك كمنتج مادي ملموس، لننظر إلى ما يترتب عليه من أثر نفسي، أو تلك الحالة التي تخلفها في نفسك بعدما تجلس لأداء هوايتك، كناسك في محرابه لا يسمع أو يرى أو يحس بأي شيء سوى صوت الروح. ففي الهوايات إصغاء لصوت الروح، وترجمته من شيء مجهول إلى شيء معلوم ملموس.
وهنا يحضرني موقف لا أنساه أبدًا، حينما رسبت في إحدى سنوات الجامعة، وكان هذا بالنسبة لطالبة مثلي لم يكن سوى العلم والدراسة هما محور الكون بالنسبة لها.. نهاية العالم.
لتأخذني قدماي لمحل الخيوط لأشتري منه حفنة من الخيوط الملونة والتي عادة لم أكن أفضلها في أيامي العادية، ولكن لا أعلم وقتها كيف اخترت تلك الألوان، ربما نفسي هي من وجهتني إليها بطاقة خفية حيث كانت روحي مثقلة بآلام الفشل والتي على أن أحملها وحدي، فطاقت نفسي للبهجة التي كانت تشع من هذه الألوان. وبالفعل اشتريتها كلها ألوان نارية مشعة، وذهبت للبيت وجلست وحدي طوال الليل ومعي سنارتي وجلست أرتب الألوان حسب درجات لياقتها معًا.
لأنتهي في صباح اليوم التالي وقد صنعت حقيبة تسر الناظرين، لم أصنع مثلها من قبل برغم من أني قد صنعت الكثير من الحقائب من قبل، وقد علقتها على مقبض النافذة أمامي لأجلس أتطلع إليها وأتأملها قرابة الساعة وأقول لنفسي وقد اقتنعت روحي بذلك بأني لست فاشلة. لأشعر بعدها براحة غريبة وكأن ما حدث لم يكن. لتأتي صديقتي باليوم التالي وتقع عينها عليها وتعجب بها بشدة وتطلب مني أن تبتاعها. في بادئ الأمر تعجبت وصمت فظنت أن الثمن الذي اقترحته لم يعجبني، والذي كان ثمنها ستة أضعاف ما أنفقته فيها.
الهوايات طاقة كبيرة
فأدركت وقتها أن للهوايات طاقة هائلة، قادرة على اختراق الروح وإخراج أروع ما بها في أكثر الأوقات صعوبة وقتامة. فإن لم تكن قد اكتشفت بعد هوايتك المفضلة، فعليك فورًا إيجادها، واترك نفسك لها وهي ستعمل على ترميم روحك، وإخراج أجمل ما فيها. ومن يعلم ربما نسمع عنك يومًا ما بيكاسو جديد، أو موتسارت الثاني.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 454
هل سألت نفسك كيف تتخلص من الاكتئاب؟ حسنًا الإجابة في هذا المقال
link https://ziid.net/?p=82530