خمس أدوات لتحضير القهوة

يتركّز استخدام القهوة في الوطن العربي في منطقة الجزيرة العربية والشام يضاف إليهما مصر والسودان، أما بقية الوطن العربي فيتركز اهتمامه على الشاي الأحمر والأخضر، كما هو الحال في شمال إفريقيا، وتتنوع الأدوات المستخدمة في إعداد القهوة وتقديمها بين منطقةٍ وأخرى حتى تكاد تتباين.

ولما كانت بلاد الشام هي أكثر المناطق تخصصًا في استخدام أدوات القهوة، فسوف نعرض لأهم هذه الأدوات باسمها المشهور هناك، كما سنشير إلى ما يقابلها في كل منطقة أخرى إن وجد اختلاف بينها.

خمس أدوات لتحضير القهوة

الظبية

وهي وعاء من جلد يتسع لبضعة كيلو جرامات من البُن الأخضر، وهذه التسمية قديمة، والظبية: جراب صغير من مسك البهمة من الغنم، وقيل: الظبية: الجراب الصغير خاصة، وقيل: هو من جلد الظبية، وقيل: هي جريب من جلد الغزال عليه شعره.

ففي الحديث: ( أنه أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ظبية فيها خرز …)، فالظبية: الجراب. أو جراب صغير عليه شعر.. شبه الكيس. وقيل: الجراب الصغير خاصة، وقيل: هو من جلد الظباء، وهذا هو الأصل فيه.

وكلمة ظبية واسعة التداول في البوادي والأرياف الشامية وشبه الجزيرة العربية، عدا منطقة النقب وسيناء، حيث تسمى هناك ”الجراب”، أو ” مجربة”، أو ” مخلاة” سواء أكانت من الجلد، أم من الغزل، أو من النسيج العادي.

المحماسة

تشبه المقلاة تقريبًا، تصنع من الحديد بالطَرق، صحنها الدائري عريض الحافة مقعّر، يتصل بمقبضٍ ذي أربعة أضلاع، يبلغ طوله سبعين سنتيمترًا، مزين بطرقاتٍ محفورة، وبضلعياتٍ إضافيةٍ مطويةٍ عليه يرقّق آخره ويدبّب، ثم يطوى ليشكّل حلقة تعلق بها سلسلة معدنية خفيفة، يبلغ طولها نصف متر تقريبًا. ويقال لها أحيانًا: محماس بصيغة التذكير، وتسمى المحماسة في أواسط العراق وجنوبه، وبالمقلاة في عربستان.

الجرن أو المهباش

هو جرن أسطواني من الخشب الصلب يدعى بالمهباش، وحجوم الأجران والمهابيش مختلفة، وربما يزيد ارتفاع بعضها عن نصف متر، وتجويف الجرن واسع من الداخل، وفوهته ضيقة. وتستعمل للدق فيه قطعة خشبية طولها ثمانون سنتميترًا.

والجرنُ: الغليظُ من الأرض، كالجرلِ. وألقى عليه أجرانهُ: بمعنى أجرامه، الواحدُ جرنٌ.

وهناك الأجران غير الخشبية حيث لجأ أصحاب الكيف من محبّي البن إلى ما يتوافر في مناطقهم من المواد البديلة المناسبة، فاستخدمت لذلك أدوات مثل الهاون، وهو مصنوع من النحاس والرمل، وتختلف أحجامه حسب الطلب، والمستعمل لدق البن أكبرها، وهو مستخدم في شبه الجزيرة العربية، وسيناء، والنقب، وعربستان، والمناطق الجنوبية الشرقية من العراق، أما في بلاد الشام فلا يستخدم لدق البن، وإنما لدق البهارات الخاصة بالطعام.

وهناك نوع آخر يسمى ”جرن الفخار” وهو شائع في سيناء والنقب، ويدعونه أيضًا هاون أو مهوان.

وهناك ” الجرن الحجري” وكان شائع الاستخدام في فلسطين، وكان في الغالب يستخدم في دق البهارات لا القهوة. كما أن هناك ”الجرن الحديدي” وهو شائع في بعض مدن العراق وسيناء والنقب.

 الدِلال

الدلال أوعية نحاسية لغَلي القهوة، واحدتها ” دلة”، والتسمية هذه ابتكار شعبي يتميز بالبلاغة، والدقة، والرهاقة، وطراوة القطف.

أنواع الدلال

ترتبط بعض أنواع الدلال بأسماء مدن، أو مناطق اشتهر نحاسوها بصناعة الدلال حسب مواصفات مميزة، كما ارتبطت بأسماء حرفيين بعينهم كان لهم الفضل في ابتكار نماذجها الأولى، أو تطوير نماذج أقدم من الأبرقة النحاسية لتصبح أكثر ملاءمة لإعداد القهوة.

ومن أشهر أنواع الدلال: الصالحانية، والبغدادية – الرسلانية، والمكعب، والحسوى، والكويتي، والقطري، والأسطنبولي، وهناك أنواع كثيرة ومتعددة ولكن ما ذكرناه هو الأشهر.

والحد الأدنى لعدد الدلال اللازمة للقهوة العربية ثلاث، وبعامةٍ يتراوح عددها في بيوت المهتمين بها بين (3-8) متدرجة الحجوم، وأصغر الدلال المستعملة في دواوين البدو تتسع لحوالي (1 -1.5 ) ليتر، وكل واحدة تزيد بمقدار الربع عن سابقتها، وطقم الدلال يكون من نوع واحد، ويضاف لمجموعة الدلال ( البكرج) و(الطباخ).

الفناجين

كلمة ”فنجان” فارسية الأصل، وقد بقيت على لفظها في مدن مصر، وبلاد الشام، والتغير الوحيد الذي طرأ عليها هو ضم (الفاء) بدلاً من كسرها في الأصل، أما في عربستان وعدد من المناطق العربية فلم يطرأ عليها أي تغيير.

وكانت القهوة تشرب فيما توفر من أكواب صغيرة نسبيًا، سواء أكانت من الخزف، أو الزجاج، أو النحاس، أو غير ذلك، وقد أشارت بعض الروايات إلى وجود فناجينٍ خشبيةٍ كانت تستعمل في بدايات القرن العشرين. ولكن سرعان ما شاعت فناجين الخزف الصينية بأحجامٍ مختلفة.

وأول ما يفعله معدّ القهوة تهيئة ما يلزمه ليكون في متناول يده، والتأكد من سلامة القهوة القديمة المتبقية في الدلال، وحين يطمئن معدّ القهوة إلى كل شيء، يبدأ عمله حسب الخطوات التالية.

خطوات عمل القهوة

1- حمس القهوة

توضع كمية البن المناسبة في المحماسة، ويفضل أن تكون النار هادئة؛ لتظل حرارة المحماسة بالقدر المطلوب؛ كي لا تلذع حبات البن، فتسبب مرارًا عند مذاق الشراب، ولا بد من التحريك المنظم المستمر بعد أن تحمى المحماسة.

2-دق البن

لكل نوع من الأجران طريقة في دق البن المحمس مختلفة، فجرن الخشب يتيح حرية أكبر في الدق، ويساعد أكثر في التحكم بمقدار الخشونة والنعومة.

وأهل الشام يبقون البن جريشًا، ويرون أن طحنه طحنًا ناعمًا يؤدي إلى قلة صفاء القهوة؛ لكثرة الحبيبات الصغيرة العالقة فيها، ثم إلى تسريع التسريب، وكثرته في قاع الدلة أو البكرج. أما في المناطق الجنوبية من العراق فإن دق البن يمر بمرحلتين، الأولى التنعيم والثانية يمكن أن نسميها التنغيم.

3- غلي القهوة

توضع الدلة على النار بعد حمس البُن مباشرة، وحين يضاف البُن المحمس إليها تكون على وشك الغليان، وحين يبدأ الغليان لا يتوقف عن التحريك، وبعد دقائق تبدأ الحبيبات ترسو تدريجيًا، وحين يصبح وجه الدلة خاليًا من حبيبات البن، فهذه إشارة إلى أن القهوة قد أصبحت جاهزة تقريبًا.

4- البهار

تختلف أساليب التبهير، وكمية البهار، وأنواعه من منطقة إلى غيرها، والشائع في بلاد الشام الهيل، ويتم التبهير بوضع كمية الهيل المناسبة لكمية القهوة، ويفضّل ألا تقل عن خمس عشرة حبة، ولا يحمس الهيل كالبن، وإنما يسخن تسخينًا، ثم يوضع في الجرن بعد كسر الحبات فحسب دون سحق البذور، ثم يوضع الهيل أو نصفه في البكرج ثم توضع القهوة، ثم يضاف ما تبقى من الهيل.

5- التشريب

التشريب من أساسيات إعداد القهوة في بلاد الشام، وغيرها من مناطق الشمال، أما في مناطق الجنوب كفلسطين وسيناء وشبه الجزيرة العربية فإنهم غالبًا ما يعدّون قهوتهم على الماء مباشرة.

والتشريب: هو تزويد دلة البكر بمقدار ما نقصها من القهوة التي شربها الشاربون.

ويضع بعضهم الزنجبيل مع البن؛ وذلك لما له من فوائد جمة، حيث له تأثير في معالجة نزلات البرد، وموسع للشرايين، ومقوي للقلب، وغيرها من الفوائد. وقد استخدمت جوزة الطيب مع الهيل في المناطق الشمالية من فلسطين، وهناك من يستخدم العنبر، وفي أغلب مناطق شبه الجزيرة العربية إعداد القهوة البكر يماثل إعدادها في جنوب فلسطين.

ولأن لكل بلد وجماعة تقاليد مختلفة وهي غريبة غالبًا، هناك الكثير حول العالم يضيف بعض الإضافات الغريبة لقهوته!