مراجعة كتاب: التسامح للفيلسوف أوشو
الطريق إلى التسامح ينبع من الداخل وبدايته هي من الشعور العميق بتقبل وحب الذات
الطريق إلى التسامح ينبع من الداخل وبدايته هي من الشعور العميق بتقبل وحب الذات
add تابِعني remove_red_eye 561
يعبر أوشو بصورة أساسية في كتابه عن التسامح بطريقة عميقة ومتكاملة، فيرى أن التسامح فرصة ثانية لخلق عالم مثالي ومُزهر لأن من وجهة نظر أوشو أن سر الحياة أنه لا يجب أن يعتبر أحد نفسه على حق دائمًا، وأن التمسّك بفكرة ما قد يجعلنا نعتبر أن غيرنا مخطئ وألا أحد في العالم مُخول لرؤية الآخر أنهُ على خطأ، بل علينا تقبُّل الآخرين كما هم ولا داعي للوم كذلك، فكل إنسان يتحمَّل وحده عاقبة أخطائه وإن أصاب فيما يفعل فهو وحدهُ يجني محصول ما فعل، وعلى هذا المبدأ الأساسي يناقش أوشو مواضيع عدَّة في كتاب التسامح منها: القلب، والعقل، ومسألة الحياة والموت، والجريمة والعقاب.
يُجيب أوشو في هذا القسم من الكتاب على تساؤل: “ماذا تعني مساعدة الآخر؟” بوجهة نظر أوشو الكثير يخلط ما بين المساعدة ومحاولة تغيير الآخر فيرى أن كل إنسان يحاول أن يغير شخصًا ما فهو يقدم له إحساس عظيم بالذنب وهذا الإحساس سجن رهيب. المساعدة الفعلية بنظر أوشو أن تساعد الآخرين ليكونوا على طبيعتهم، ليكونوا أحرارًا، وألا تضغط على شخص ما ليكون نسخةً منك ومن معتقداتك.
يبدأ الاهتمام بالتحول إلى تدخل في حياة الآخر حين يكون الحب مشروطًا كما في حالة الأم التي تتدخل في اختيار عقائد طفلها حيث إنه لا يحتاج منها سوى الحب والعناية، ولكن تظن الأم أنها تقدِّم مساعدة حين تختار عن طفلها ديانته، تخصصه، مجال دراسته وعمله. وهذا ما يسبب التعاسة للجميع لأن الكل يهتم بالكل والكل يُبْدِي اهتمامًا غير ضروري بإنسان آخر عدا نفسه، يذكرنا أوشو أن الحب الحقيقي أن نعتني بالآخر لمجرد العناية والرعاية والاهتمام وإن فعلنا ذلك سيحبنا هذا الشخص للأبد، وإن فعلنا ذلك لأهداف أخرى فلن نلقى سوى خيبة الأمل والتي تتحول إلى حقد في مرحلة ما لأن الحب هدية مجانية وساعة يصبح هدية مدفوعة الثمن فلا يعود حُبًّا.
في هذا القسم يناقش قضيتين مُثِيرَتين للجدل للبعض وهي: القتل الرحيم، وتحديد النسل. يذكر أوشو أن الحياة سابقًا كانت أروع وأقصر وكان معدل موت حديثي الولادة في أيام أبقراط تسعة أطفال ولا يبقى على قيد الحياة سوى طفل واحد؛ لهذا كانوا يحاول باستماتة إنقاذ المريض والحفاظ على الجنس البشري، وكان عدد سكان العالم أيام بوذا لا يتجاوز مئتي مليون نسمة وفي أيامنا هذه عدد سكان الهند وحدها يفوق هذا العدد، وعلى ذلك يرى أوشو بضرورة تقبُّل فكرة الموت وألا نستمر برعاية من هم ميتون أدمغة، أو يعانون من مرض مميت، بل يجب أن نساعدهم على استقبال فكرة الموت بهدوء وبصمت.
ففي حالتهم الموت أكثر أهمية من بقائهم على قيد الحياة فعوضًا عن محاولة إنقاذه بيأس وحزن مما سيؤثر على عاطفته الأخيرة، بل يجب أن يكون هناك قسم بكل مستشفى يلقِّنهم مبادئ التأمل، فيكون لديهم وقت للتفكير عن الموت، فالموت أمر طبيعي وليس عملًا شيطانيًّا، وهو أمر حَتْمِيٌّ لكل إنسان حي. وبعد ذلك يناقش أوشو مسألة تحديد النسل التي قد تكون بوجهة نظره حلًّا للمشاكل الاقتصادية وللفقر خصوصًا، ويرى أن مساعدة الفقراء واليتامى تكون بتوزيع حبوب منع حمل وليس مساعدة ببناء سكن أو توزيع الثياب حتى لا نصبح مهددين بانفجار سكاني. “إنه عالم مجنون… يدعوك لتمرض أولًا ثم يعطيك الدواء”
يناقش في هذا القسم عن مبدأ العقوبة وضرورة استبدالها بالتدابير الوقائية وعلى مبدأ “إن كنت غير قادر على وهب الحياة كثواب فليس بمقدورك إنزال الموت كعقاب أو جزاء” ويرى أوشو أن وجود عقوبة الإعدام برهان على وحشية الإنسان تجاه بني جنسه وأن البشرية ما زالت تعيش في عصور البرابرة وأن العقوبة تنافي التقدّم الحضاري والإنساني التي تدّعيه البشرية.
وختامًا، لهذه المراجعة قد تفكر عزيزي القارئ أن أوشو يُفَكِّر بأنانية ولكن من وجهة نظري أوشو يخطو بعيدًا عن جانب ضيق تراه البشرية ليرى الصورة الكاملة ومن وجهة نظر كافة الأطراف، قد تشعر أنه لا يُفَكِّر بالأم التي تحاول توجِّه طفلها للطريق التي قد تراه صحيحًا، ولكن أوشو ينظر لأمر تحديدها تفكير أو مبادئ طفلها مسؤولية خطيرة ربما لا تقدر عليها أو محاولتها تغيير طفلها قد تكون سببًا في تعاسته وعدم أمانه، قد تشعر بأن أوشو لا يُفَكِّر بالمريض الذي يواجه الموت حين عبَّر أن الموت الرحيم هو الخيار الأفضل له، ولكن أوشو يقول: إنه لا داع ليتألم هذا المريض أكثر أو يعاني أكثر بينما الموت خيار متاح إليه ولكنه يحتاج من يهديه إليه أو يُذَكِّرهُ بأنه مصيرنا جميعًا.
قد تشعر بأن أوشو لم يأخذ بعين الاعتبار ضحايا المُجرم وعائلة الضحايا في مسألة التدابير الوقائية، وأنها الحل الأمثل لكفاح الجريمة ولكنه يفكر بعدم مضاعفة عدد الضحايا بإعدام شخص قد يُكَفِّر عن ذنبه في حياته أو مجرم مريض لم يتلق العلاج طوال حياته وعوضًا عن علاجه نقتله لتقصيرنا في العناية به واحتوائه، الجميع يستحق الرحمة والتسامح، من منا لم يخطئ لو مرة؟ يَدْعُونَا أوشو بمناقشته لهذه القضايا والمواضيع أن نتعلم من العصور السابقة والتاريخ الغابر من أخطائنا حتى نتقدم تقدمًا فعليًّا وأن نفكر بالكائن البشري وليس الإنسانية التي هي مجرد مفهوم بينما الكائن البشري هو الحقيقة، المحسوسة والملموسة والتي تنبض بالحياة.
add تابِعني remove_red_eye 561
زد
زد
اختيارات
معلومات
تواصل
الإبلاغ عن مشكلة جميع الحقوق محفوظة لزد 2014 - 2025 ©
أهلاً ومهلاً!
10 مقالات ستكون كافية لإدهاشك، وبعدها ستحتاج للتسجيل للاستمتاع بتجربة فريدة مع زد مجاناً!
المنزل والأسرة
المال والأعمال
الصحة واللياقة
العلوم والتعليم
الفنون والترفيه
أعمال الإنترنت
السفر والسياحة
الحاسوب والاتصالات
مملكة المطبخ
التسوق والمتاجر
العمل الخيري
الموضة والأزياء
التفضيل
لا تكن مجرد قارئ! close
كن قارئ زد واحصل على محتوى مخصص لك ولاهتماماتك عبر التسجيل مجاناً.
قرأة في كتاب التسامح للفيلسوف أوشو
link https://ziid.net/?p=99036